الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وثبت في السنة الأمر بمعاملة النساء خيراً، وورد فيها بيان حقوق وواجبات كل من الزوجين، قال صلى الله عليه وسلم:«استوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عندكم عوانٍ (1) ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مُبَيِّنة، فإن فَعلْنَ فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضرباً غير مبرِّح (2)، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً» .
«إن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً.
فأما حقكم على نسائكم، فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون.
ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن» (3).
وقال عليه الصلاة والسلام أيضاً: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» (4). «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم» (5).
ومن أهم حقوق الزوجة بإيجاز لما سبق بيانه في هذا الشأن (6):
1 ً -
إعفاف الزوجة أو الاستمتاع:
قال المالكية: الجماع واجب على الرجل للمرأة إذا انتفى العذر. وقال الشافعي: لايجب إلا مرة؛ لأنه حق له، فجاز له تركه كسكنى الدار المستأجرة، ولأن الداعي إلى الاستمتاع الشهوة والمحبة، فلا يمكن إيجابه، والمستحب ألا يعطلها، ليأمن الفساد.
(1) عوان: جمع عانية، والعاني: الأسير.
(2)
أي غير شديد ولا موجع.
(3)
رواه ابن ماجه والترمذي وصححه عن عمرو بن الأحوص (نيل الأوطار: 210/ 6).
(4)
رواه الترمذي وصححه عن عائشة (نيل الأوطار: 206/ 6).
(5)
رواه أحمد والترمذي وصححه عن أبي هريرة (المرجع السابق).
(6)
البدائع: 334/ 2، الدر المختار: 521/ 2، 546 - 553، القوانين الفقهية: ص 211 وما بعدها، المهذب: 65/ 2 - 69، كشاف القناع: 205/ 5 - 228.
وقال الحنابلة: يجب على الزوج أن يطأ الزوجة في كل أربعة أشهر مرة، إن لم يكن عذر؛ لأنه لو لم يكن واجباً لم يصر باليمين (الإيلاء) على تركه واجباً، كسائر ما لا يجب، ولأن النكاح شرع لمصلحة الزوجين، ودفع الضرر عنهما، وهو مفض إلى دفع ضرر الشهوة من المرأة كإفضائه إلى دفعه عن الرجل، فيكون الوطء حقاً لهما جميعاً، فإن أبى الوطء بعد انقضاء الأربعة الأشهر، أو أبى البيتوتة في ليلة من أربع ليال للمرأة الحرة، بلا عذر لأحد الزوجين، فرِّق بينهما كما يفرق بسبب الإيلاء، وكما لو منع النفقة، ولو قبل الدخول، أي يفرق بينهما إن لم يطأ بعد الزفاف لمدة أربعة أشهر، وكما لو ظاهر من زوجته، ولم يكفر عن الظهار، بل إن الفسخ لتعذر الوطء أولى من الفسخ لتعذر النفقة.
لكن إن سافر الزوج عن المرأة لعذر وحاجة، سقط حقها من القسم والوطء وإن طال سفره للعذر. وإن لم يكن للمسافر عذر مانع من الرجوع وغاب أكثر من ستة أشهر، فطلبت قدومه، لزمه القدوم، لما روى أبو حفص بإسناده عن يزيد بن أسلم قال: بينا عمر بن الخطاب يحرس المدينة، فمرَّ بامرأة وهي تقول:
تطاول هذا الليل واسودَّ جانبه ..... ..... وطال علي أن لا خليل ألاعبه
فو الله لولا خشية الله والحيا ..... ..... لحرك من هذا السرير جوانبُه
فسأل عنها، فقيل له: زوجها غائب في سبيل الله، فأرسل إليها امرأة تكون معها، وبعث إلى زوجها، فأقفله، ثم دخل على حفصة فقال: بُنَيَّة، كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: سبحان الله، مثلك يسأل مثلي عن هذا؟ فقال: لولا أني أريد النظر للمسلمين، ما سألتك، فقالت: خمسة أشهر، ستة أشهر، فوقَّت للناس في مغازيهم ستة أشهر، يسيرون شهراً، ويقيمون أربعة أشهر، ويرجعون في شهر.