الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن كان تحريم الزوج على فرض واحد من أحد الجانبين دون الآخر، فلا يحرم الجمع بينهما، كالمرأة وابنة زوج كان لها من قبل من غيرها، وكالمرأة وزوجة كانت لأبيها؛ لأنه لا رحم بينهما، فلم يوجد الجمع بين ذواتي رحم، إذ لو فرضنا في المثال الأول البنت رجلاً، لم يجز له أن يتزوج بهذه المرأة؛ لأنها زوجة أبيه، أما عند فرض المرأة: زوجة الأب رجلاً، فتزول عنه صفة زوجة الأب، فيجوز له الزواج بالبنت، إذ هي أجنبية عنه. وقد جمع عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بين زوجة عمه علي، وهي ليلى بنت مسعود النهشلية، وبين ابنته من غيرها وهي أم كلثوم بنت السيدة فاطمة رضي الله عنها، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة.
ويجوز الجمع بين ابنتي العم وابنتي الخال أو الخالة من عمين أو خالين أو خالتين بالاتفاق، لعدم النص فيهما بالتحريم، ودخولهما في عموم قوله تعالى:{وأحل لكم ماوراء ذلكم} [النساء:24/ 4] ولأن إحداهما تحل لها الأخرى لو كانت ذكراً. وفي كراهة زواجهما رأيان: رأي بالكراهة خوف قطيعة الرحم، وهو مروي عن ابن مسعود والحسن البصري، وأحمد في رواية عنه، ورأي بعدم الكراهة؛ إذ ليست بينهما قرابة تحرم الجمع، وهو منقول عن الشافعي والأوزاعي.
حكم العقد الواحد أو العقدين على الأختين ونحوهما:
إذا تزوج رجل امرأتين بينهما محرمية كالأختين وكالبنت وخالتها، والبنت وعمتها، ففي حكم الزواج تفصيل (1):
أـ إن تزوجهما معاً في عقد واحد، فسد زواجهما معاً ولم يبطل؛ لأن إحداهما ليست أولى بفساد الزواج من الأخرى، فيفرق بينه وبينهما، ثم إنه إن
(1) البدائع: 263/ 2، اللباب مع الكتاب: 22/ 3.
كان التفريق قبل الدخول فلا شيء لهما، أي لا مهر لهما، لا عدة فيهما؛ لأن الزواج الفاسد لا حكم له قبل الدخول، وكذلك بعد الخلوة.
وإن كان قد دخل بهما، فلكل واحدة منهما عند الحنفية مهر المثل على ألا يزيد عن المسمى، لرضاها به، كما هو حكم الزواج الفاسد، وعليهما العدة؛ لأن هذا هو حكم الدخول في الزواج الفاسد.
ب ـ وإن تزوج كلاً منهما بعقد مستقل، الواحدة بعد الأخرى، صح زواج الأولى وفسد زواج الثانية؛ لأن الجمع حصل بزواج الثانية، فاقتصر الفساد عليه، ويفرق بينه وبين الثانية. فإن تم التفريق قبل الدخول فلا شيء لها ولا عدة عليها، وإن تم التفرق بعد الدخول، وجب لها مهر المثل على ألا يزيد عن المسمى لرضاها به؛ لأن «الوطء في دار الإسلام لا يخلو عن عَقْر ـ أي حد زاجر ـ أو عُقْر ـ أي مهر جابر» وقد سقط الحد بشبهة العقد، فيجب مهر المثل دون زيادة على المسمى. وعليها العدة.
ويحرم على الزوج أن يطأ الأولى، أي قربان زوجته الأولى حتى تنقضي عدة الثانية، لئلا يكون جامعاً بينهما، والجمع بين المحارم حرام.
جـ ـ وإن تزوج كلاً منهما بعقدين لا يدري أيهما الأول، يفرق بينه وبينهما؛ لأن زواج إحداهما فاسد بيقين، وهي مجهولة، ولا يتصور حصول مقاصد الزواج من المجهولة، فلا بد من التفريق. فإن ادعت كل واحدة منهما أنها هي الأولى ولا بينة لها، يقضى لها بنصف المهر؛ لأن الزواج الصحيح أحدهما، وقد حصلت الفرقة قبل الدخول، لا بسبب المرأة، فكان الواجب نصف المهر، ويكون بينهما لعدم الترجيح، إذ ليست إحداهما بأولى من الأخرى.