الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر الحنابلة والشافعية شروطاً ثلاثة للعان هي (1):
1ً - كونه بين زوجين، ولو قبل دخول، كما تقدم.
2ً - سبق قذف الزوجة بزنا، ولو في دبر: مثل قوله: زنيت أو يا زانية أو رأيتك تزنين. وهذا متفق عليه كما تقدم في سبب اللعان. وللرجل قذف زوجته إن علم زناها، أو ظنه ظناً مؤكداً كشيوع زناها بفلان مع قرينة بأن رآهما في خلوة.
3ً - أن تكذبه ويستمر التكذيب إلى انقضاء اللعان، فإن صدقته ولو مرة، أو عفت الزوجة عن الحد أو التعزير، أو سكتت، أو ثبت زناها بأربعة سواه، فلا لعان ويلحقه النسب. وكذا لا لعان عند الحنابلة من الخرساء
لغة اللعان:
يصح اللعان عند الجمهور غير الحنابلة بالعربية وبالعجمية (هي ما عدا العربية من اللغات)؛ لأن اللعان يمين أو شهادة، وهما في اللغات سواء، ويراعي الأعجمي الملاعن ترجمة الشهادة واللعن والغضب (2).
وقال الحنابلة (3) إذا كان الزوجان يعرفان العربية، لم يجز أن يلتعنا بغيرها؛ لأن اللعان ورد في القرآن بلفظ العربية.
ثانياً ـ شروط صحة إجراء اللعان في ذاته:
ذكر الحنابلة شروطاً ستة في إجراء اللعان، بعضها متفق عليه وبعضها مختلف فيه، وهي ما يأتي (4):
(1) غاية المنتهى: 201/ 3 - 202، مغني المحتاج: 367/ 3، 373، المهذب: 119/ 2، كشاف القناع: 456/ 5 - 463.
(2)
مغني المحتاج: 376/ 3، المهذب: 124/ 2.
(3)
المغني: 438/ 7.
(4)
المغني: 434/ 7 - 438، المهذب: 125/ 2 - 126، مغني المحتاج: 376/ 3 - 378، الشرح الصغير: 658/ 2، 663 - 665، الدر المختار: 807/ 2 وما بعدها، البدائع: 237/ 3.
1ً - أن يكون بحضور القاضي أو نائبه، وهذا متفق عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم «أمر هلال بن أمية أن يستدعي زوجته إليه ولاعن بينهما» ولأنه يمين في دعوى، فلم يصح إلا بأمر الحاكم كاليمين في سائر الدعاوى. وهذا يتطلب رفع الأمر إلى الحاكم من أحد الزوجين، فإن تراضى الزوجان بغير الحاكم بإجراء اللعان بينهما لم يصح ذلك؛ لأن اللعان مبني على التغليظ والتأكيد، فلم يجز بغير الحاكم كالحد.
2ً - أن يكون بعد طلب القاضي: بأن يأتي كل واحد منهما باللعان بعد إلقائه عليه، فإن بادر به قبل أن يلقيه القاضي عليه، لم يصح، كما لو حلف قبل أن يحلفه القاضي. وهذا متفق عليه أيضاً.
3ً - استكمال لفظات اللعان الخمسة: فإن نقص منها لفظة، لم يصح. وهذا متفق عليه.
4ً - أن يأتي كل من الزوجين بصورة اللعان، كما حددها القرآن. واختلف الفقهاء في إبدال لفظة بمعناها، كأن يبدل بقوله: إني لمن الصادقين قوله: (لقد زنت)، أو يقول بدل {إنه لمن الكاذبين} [النور:8/ 24]: (لقد كذب)، والظاهر عند الحنابلة أنه يجوز هذا الإبدال؛ لأن معناهما واحد.
أما إن أبدل بلفظة (أشهد) لفظا من ألفاظ اليمين، فقال: أحلف أو أقسم أو أولي، فلا يعتد به عند الشافعية والحنابلة على الصحيح؛ لأن ما اعتبر فيه لفظ الشهادة، لم يقم غيره مقامه، كالشهادات في الحقوق، ولأن اللعان يقصد فيه التغليظ، واعتبار لفظ الشهادات أبلغ في التغليظ، فلم يجز تركه، ولهذا لم يجز أن يقسم بالله من غير كلمة تقوم مقام: أشهد. والظاهر أن هذا رأي المالكية والحنفية أيضاً.
5ً - الترتيب بين ألفاظ اللعان، وأن يبدأ الرجل بالحلف على المرأة، ثم تحلف المرأة، فإن قدم لفظة اللعنة على شيء من الألفاظ الأربعة، أو قدمت المرأة لعانها على لعان الرجل، لم يعتد به. وهذا متفق عليه؛ لأن اللعان على رأي الحنفية شهادة، والمرأة بشهادتها تقدح في شهادة الزوج، فلا يصح قبل وجود شهادته.
6ً - الإشارة من كل واحد منهما إلى صاحبه إن كان حاضراً، وتسميته ونسبته إن كان غائباً. وهذا متفق عليه بين الفقهاء، ولا يشترط عند الشافعية والحنابلة: حضور الزوجين معاً، بل لو كان أحدهما غائباً عن صاحبه جاز، كأن يلاعن الرجل في المسجد، والمرأة على باب المسجد، لعدم إمكان دخولها.
هذا وقد اشترط المالكية حضور جماعة للعان، أقلها أربعة عدول. وقال الشافعية والحنابلة: يستحب أن يكون اللعان بمحضر جماعة من المسلمين؛ لأن ابن عباس وابن عمر وسهل بن سعد حضروه على حداثة منهم، فدل على أنه حضره جمع كثير من الناس؛ لأن الصبيان إنما يحضرون المجالس تبعاً للرجال، ولأن اللعان بني على التغليظ، مبالغة في الردع به والزجر، وفعله في الجماعة أبلغ في الردع. ويستحب ألا ينقصوا عن أربعة؛ لأن بينة الزنا الذي شرع اللعان من أجل الرمي به أربعة.
واشترط المالكية أيضاً لصحة اللعان: عدم وطء الزوجة مطلقاً بعد رؤيتها تزني، أو بعد علمه بحمل من غيره، أو وضع، فإن وطئ المرأة الملاعنة بعد علمه بحمل من غيره أو وضع، أو رؤية لها تزني، امتنع اللعان لها ولا يمكَّن منه.
واشترطوا أيضاً تعجيل اللعان بعد علمه بالحمل أو الولد: فإن أخر لعانها ولو يوماً بلا عذر بعد علمه بالحمل أو الوضع أو رؤية الزنا، امتنع لعانه لها ولا يمكَّن منه أيضاً.