الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما اللعن فهو الطرد من الرحمة، ولا يلزم منه التعذيب. بدأ الرجل، فشهد أربع شهادات بالله، إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم ثنى بالمرأة، فشهدت أربع شهادات بالله، إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ثم فرق بينهما (1).
وبداءة الزوج باللعان هو رأي الجمهور، وقال أبو حنيفة: يجزئ أن تبدأ المرأة باللعان، وقال الكاساني في البدائع: ينبغي أن تعيد، لأن اللعان شهادة المرأة، وشهادتها تقدح في شهادة الزوج، فلا تصح إلا بعد وجود شهادته.
مندوبات اللعان ودور القاضي فيه:
يسن للقاضي ما يأتي (2):
1ً - أن يعظ المتلاعنين قبل اللعان، ويخوفهما بعذاب الله في الآخرة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن عمر وزوجته في الحديث السابق، وقال عليه الصلاة والسلام لهلال:«اتق الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة» ويقرأ عليهما: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً} الآية [آل عمران:3/ 77] ويقول لهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين: «حسابكما على الله، يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما من تاب» .
2ً - لا يحكم القاضي في اللعان حتى يثبت عنده نكاح الزوجين.
3ً - أن يتلاعن الزوجان قائمين، ليراهما الناس، ويشتهر أمرهما، فيقوم الرجل عند لعانه، والمرأة جالسة، ثم تقوم عند لعانها، ويقعد الرجل، ويتكلم المتلاعنان بألفاظ اللعان، وهي أربع شهادات.
(1) حديث متفق عليه بين أحمد والبخاري ومسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عمر (نيل الأوطار: 267/ 6).
(2)
القوانين الفقهية: ص 244 وما بعدها، الشرح الصغير: 665/ 2 - 667، مغني المحتاج: 376/ 3 - 378، المغني: 434/ 7 - 437، غاية المنتهى: 300/ 3، كشاف القناع: 454/ 5 - 455.
4ً - أن يحضر جماعة من المسلمين اللعان، وأقلها أربعة عدول، وأوجبه المالكية.
5ً - أن يغلظ اللعان في الزمان والمكان في رأي المالكية والشافعية، والحنابلة على الراجح، بأن يكون بعد صلاة، لما فيه من الردع والرهبة، أو بعد صلاة العصر؛ لأنها الصلاة الوسطى على الراجح، أو بعد صلاة عصر الجمعة؛ لأن ساعة الإجابة فيه، كما رواه أبو داود والنسائي
وصححه (1)، ولأن اليمين الفاجرة بعد العصر أغلظ عقوبة، لقوله صلى الله عليه وسلم:«ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكّيهم، ولهم عذاب أليم، وعدَّ منهم رجلاً حلف يميناً كاذبة بعد العصر، يقتطع بها مال امرئ مسلم» (2).
ويكون لعان المسلم في المسجد؛ لأنه أشرف الأماكن، وأوجبه المالكية فيه؛ لأن فيه تأثيراً في الزجر عن اليمين الفاجرة.
وأشرف الأماكن هو في مكة: بين الركن الذي فيه الحجر الأسود وبين مقام إبراهيم صلى الله عليه وسلم، ويسمى ما بينهما بالحطيم، وفي المدينة: عند المنبر مما يلي القبر الشريف، لقوله صلى الله عليه وسلم:«من حلف على منبري هذا يميناً آثمة، تبوأ مقعده من النار» (3) وقوله: «لا يحلف عند هذا المنبر عبد ولا أمة يميناً آثمة ولو على سواك رطب إلا وجبت له النار» (4).
واللعان في بيت المقدس في المسجد عند الصخرة المشرفة؛ لأنها أشرف
(1) وروى مسلم: أنها من مجلس الإمام على المنبر إلى أن تنقضي الصلاة، وصوبه النووي.
(2)
متفق عليه بين البخاري ومسلم عن أبي هريرة.
(3)
رواه النسائي، وصححه ابن حبان.
(4)
رواه ابن ماجه، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.