الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإرث، بشرط أن يكون محرماً» ويلاحظ أنه قصر الولاية على العصبات المحارم ليمنع ابن العم من التحكم في زواج بنت عمه.
مذهب المالكية في ترتيب الأولياء:
قال المالكية (1): هنا ك ولي مجبر، وولي غير مجبر. فولاية الإجبار تثبت لأحد ثلاثة بالترتيب الآتي:
1ً - السيد المالك ولو أنثى: فله أن يجبر أمته أو عبده على الزواج بشرط عدم الإضرار بهما، كالتزويج من ذي عاهة كالجذام أو البرص، فلا جبر للمالك، ويفسخ وإن طال، والسيد مقدم على الأب.
2ً - الأب: رشيداً كان أو سفيهاً ذا رأي، فله تزويج البكر ولو عانساً: بلغت من العمر ستين سنة فأكثر، فله تزويج البنت البكر جبراً عنها، ولو بدون مهر المثل، أو من غير كفء، كأن يكون أقل حالاً منها، أو قبيح منظر.
وليس للأب جبر ابنته إذا رشَّدها، أي جعلها رشيدة، أو أطلق الحجر عنها، لصيرورتها حسنة التصرف، أو أقامت سنة فأكثر في بيت زوج بعد أن دخل بها، ثم تأيمت وهي بكر، فلا جبر للأب عليها؛ تنزيلاً لإقامتها ببيت الزوج سنة منزلة الثيوبة.
وكذلك ليس للأب الجبر إن زالت بكارة البنت بنكاح فاسد يدرأ (يمنع) الحد عنها لشبهة، فإن لم يدرأ الحد عنها فله جبرها.
(1) الشرح الصغير: 353/ 2 - 364، القوانين الفقهية: ص 199 - 200، الشرح الكبير: 221/ 2 - 227، شرح الرسالة: 31/ 2 - 32.
وللأب جبر البنت الثيب الصغيرة، بأن تأيمت بعد أن أزال الزوج بكارتها، إذ لا عبرة لثيوبتها في هذه الحالة مع صغرها.
وله جبرها إن زالت بكارتها بزنا ولو تكرر، أو ولدت من الزنا، أوزالت بكارتها بعارض كوثبة أو ضربة أو بعود ونحوها.
وللأب جبر المجنونة جنوناً مطبقاً ولو كانت ثيباً أو ولدت أولاداً، أما التي تفيق فتنتظر إفاقتها إن كانت ثيباً، فتزوج برضاها، وأما البكر فيجبرها ولا تنتظر إفاقتها.
3ً - وصي الأب عند عدم الأب بشروط ثلاثة هي:
أـ أن يعين الأب للوصي الزوج، بأن يقول له: زوجها من فلان، أو يأمره بجبرها صراحة، مثل: اجبرها على الزواج، أو ضمناً، مثل: زوجها قبل البلوغ وبعده، أو على أي حالة شئت.
أو أن يأمره بالزواج دون أن يعين له الزوج ولا الإجبار، كأن يقول له: زوجها أو أنكحها، أوزوجها ممن أحببت، أو لمن ترضاه.
أو أن يقول له: أنت وصيي على بنتي، أو بناتي، أو على بعضها أو بعضهن، فله الجبر على الأرجح. أما لو قال: أنت وصيي على مالي فلا جبر بالاتفاق.
ب ـ ألا يقل المهر عن مهرا لمثل.
جـ ـ ألا يكون الزوج فاسقاً.
والخلاصة: إن الذي يجبر في عصرنا: هو الأب ووصيه، ولا جبر لغير السيد والأب ووصيه من الأولياء في تزويج البكر والصغيرة والمجنونة، أو أي أنثى صغيرة أو كبيرة، إلا في مسألة واحدة هي البكر الصغيرة اليتيمة، للولي غيرا لمجبر
تزويجها بمشورة القاضي إذا خيف عليها الفساد في دينها، بأن يتردد عليها أهل الشر والفسق، أو لعدم وجود من ينفق عليها، أو لخوف ضياع ما لها، بشرط بلوغها عشر سنوات؛ لأنها صارت في سن من توطأ، وبشرط خلوها من الموانع الشرعية، ككونها زوجة أو في عدة من زوج آخر، وبشرط رضاها بالزوج، وكونه كفئاً لها في الدين والحرية والمال، وأن المهر مهر مثلها.
فإذا فقد شرط من هذه الشروط المذكورة، بأن لم يخف عليها فساداً ولا ضياعاً أو لم تبلغ عشر سنوات، فسخ زواجها إلا إذا دخل الزوج بها، وطال الزمن بعد الدخول والبلوغ. وطول الزمن: بمضي ثلاث سنين بعد الدخول والبلوغ، أو بولادة أولاد كاثنين في بطنين.
ودليل المالكية على إثبات ولاية الإجبار للأب دون غيره من الأولياء: هو الإجماع على أن للأب أن يزوج ابنته البكر الصغيرة، بدليل تزويج أبي بكر ابنته عائشة، وهي بنت ست أو سبع، للنبي صلى الله عليه وسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم «والبكر يستأمرها أبوها» فقصر الاستئمار على الأب.
ودليلهم على أن وصي الأب كالأب: هو أنه نائب عن الأب، فكما يجوز للأب توكيل غيره في حال الحياة، يجوز له أن يوصي عنه لنائبه عنه بعد الوفاة.
وأما الولي غير المجبر أو ولاية الاختيار:
فتثبت للبنوة ثم الأبوة المباشرة، ثم الأخوة ثم الجدودة ثم العمومة على النحو التالي:
ـ الابن فابنه وإن نزل.
ـ ثم الأب.
ـ ثم الأخ الشقيق ثم الأخ لأب، ثم ابن الأخ الشقيق، ثم ابن الأخ لأب.
ـ ثم الجد (أبو الأب). ويلاحظ أنه جعل في المرتبة الرابعة، أما عند الحنفية فهو في المرتبة الثانية بعد الأب.
ـ ثم العم ثم ابن العم، على أن يقدم الشقيق على غيره.
ـ ثم أب الجد، ثم العم لأب فابنه، ثم عم الجد فابنه.
ـ ويقدم الأفضل عند التساوي في الرتبة، فإن تساوى اثنان في الرتبة والفضل كإخوة كلهم علماء، قدم الحاكم إن وجد من يراه، فإن لم يكن حاكم أقرع بينهم.
ـ ثم المولى الأعلى: وهو من أعتق المرأة، ثم عصبته.
ـ ثم الكافل للمرأة غير العاصب: وهو من قام بتربية الفتاة وهي صغيرة حتى بلغت عنده، أو بلغت عشراً، بشرطين:
أولهما ـ أن يكفلها مدة توجب الحنان والشفقة عليها عادة، دون تحديد زمن معين على الأظهر.
ثانيهما ـ أن تكون الفتاة وضيعة (دنيئة) لا شريفة: وهي التي لا مال لها ولا جمال ولا نسب ولا حسب (الأخلاق الكريمة كالعلم والحلم والتدبير والكرم ونحوها)،كما تقدم. فإن كانت شريفة زوجها القاضي.
ـ ثم الحاكم أو القاضي الشرعي اليوم.
ـ ثم كل مسلم بالولاية العامة إن لم يوجد أحد من الأولياء السابقين، ومنهم الخال، والجد من جهة الأم، والأخ لأم، فلكل مسلم تزويج المرأة الشريفة أو الوضيعة بإذنها ورضاها. لقوله تعالى:{والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} [التوبة:71/ 9].