الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الجمهور: لا تسقط هذه الزيادة عن الزوج وتتنصف كالمسمى في العقد. والحاصل: أن الذي يتنصف عند الحنفية هوالمسمى في العقد، لا المفروض بعده ولا مازيد على المفروض بعد العقد، والجمهور على خلافهم في المسألتين. ومنشأ الاختلاف: تفسير المراد من قوله تعالى: {فنصف ما فرضتم} [البقرة:237/ 2]: فرأى الحنفية: أن المقصود منه المفروض وقت العقد، لا غير، عملاً بالمتعارف بين الناس: وهو إطلاق المفروض على المسمى وقت العقد. ورأى الجمهور: أن المقصود منه المفروض مطلقاً، عملاً بمقتضى اللغة؛ لأن الفرض هو التقدير، وهو يشمل كل ما قدر، سواء أكان وقت العقد أم بعده. وهذا هو الراجح؛ لأن كلاً من المفروض وقت العقد أو بعده يسمى مفروضاً في العرف، كما هو مقتضى اللغة.
سقوط المهر كله:
ذكر الحنفية أنه يسقط المهر كله عن الزوج بأحد أربعة أسباب (1):
1ً - الفرقة بغير طلاق قبل الدخول بالمرأة وقبل الخلوة بها: كل فرقة حصلت بغير طلاق قبل الدخول وقبل الخلوة: تسقط جميع المهر، سواء أكان من قبل المرأة أم من قبل الزوج، كأن ارتدت المرأة عن الإسلام، أو أبت الإسلام وأسلم زوجها، أو اختارت فسخ الزواج لعيب في الزوج. ومثله إذا فسخ ولي المرأة الزواج لعدم كفاءة الزوج، ففي هذه الأحوال التي يتم بها فسخ الزواج قبل الدخول يسقط جميع المهر؛ لأن الفرقة بغير طلاق تكون فسخاً للعقد، وفسخ
(1) البدائع: 295/ 2 - 296.
العقد قبل الدخول يوجب سقوط كل المهر؛ لأن فسخ العقد رفعه من الأصل، وجعله كأنه يكن.
وقال المالكية (1): إن فسخ الزوج النكاح أو رده بعيب في الزوجة قبل الدخول، لم يجب لها شيء، فهم يوافقون الحنفية به، ولا شيء لها أيضاً في نكاح التفويض عنده إذا مات الزوج أو طلق قبل الدخول.
وفصَّل الشافعية والحنابلة (2) بين ما إذا كانت الفرقة بسبب من الزوجة، وبين ما إذا كانت بسبب من غيرها، فقالوا: الفرقة الحاصلة من جهة الزوجة قبل الدخول بها تسقط المهر المسمى والمفروض ومهر المثل، كإسلامها بنفسها، أو بالتبعية كإسلام أحد أبويها، أو فسخ الزوج بعيب في الزوجة، أوردتها أوإرضاعها زوجة للزوج صغيرة.
وأما الفرقة الحاصلة قبل الدخول لا بسبب الزوجة كطلاق وخلع ولو باختيارها كأن فوض الطلاق إليها فطلقت نفسها، أو علق الطلاق بفعلها ففعلت، أو أسلم الزوج أو ارتد أو لاعن أو أرضعت أمه زوجته أو أرضعت أمها له وهو صغير، فلا تسقط المهر، وإنما تشطره، فيثبت لها نصف المهر. أما في حالة الطلاق فلآية:{وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} [البقرة:237/ 2] وأما الباقي فبالقياس عليه.
2ً - الخلع على المهر قبل الدخول أو بعده: إذا خالع الرجل امرأته على مهرها، سقط المهر كله، فإن كان المهر غير مقبوض، سقط عن الزوج، وإن كان مقبوضاً ردته على الزوج. وإن خالعها على مال سوى المهر يلزمها المال، ويبرأ
(1) القوانين الفقهية: ص 203، الشرح الصغير: 437/ 2.
(2)
مغني المحتاج: 234/ 3، كشاف القناع: 165/ 5 - 167.
الزوج عن كل حق وجب لها عليه بالعقد كالمهر والنفقة الماضية في قول أبي حنيفة؛ لأن في الخلع ـ وإن كان طلاقاً بعوض ـ معنى البراءة.
3ً - الإبراء عن كل المهر قبل الدخول أو بعده: يسقط به المهر إذا كانت المرأة من أهل التبرع، وكان المهر ديناً في الذمة: وهو النقود وجميع المكيلات والموزونات إذا لم تكن متعينة مقصودة لذاتها؛ لأن الإبراء إسقاط، والإسقاط ممن هو أهل له في محل قابل له يوجب السقوط.
4ً - هبة الزوجة كل المهر للزوج: متى كانت أهلاً للتبرع، وقبل الزوج الهبة في المجلس، سواء أكانت الهبة قبل القبض أم بعده.
وتختلف الهبة عن الإبراء: في أنها ترد على الدين والعين، أي الثابت في الذمة كالنقود، أو الذي يتعين بالتعيين كثوب أو حيوان معين. أما الإبراء فلا يرد إلا على الدين.
وكذلك يسقط المهر بالهبة عند المالكية، لكنهم قالوا: إذا وهبت المرأة لزوجها جميع صداقها، ثم طلقها قبل الدخول، لم يرجع عليها بشيء. فإن أراد الدخول بها، وجب لها أقل المهر وهو ربع دينار أو قيمته، أما إن وهبته بعد الدخول فلا يلزمه شيء؛ لأن حقها في المهر قد تقرر بالدخول ثم أسقطته بالهبة (1).
وقال الشافعية على الصحيح: إن كان المهر عيناً كفرس معينة، ثم وهبته من الزوج، ثم طلقها قبل الدخول، فيرجع عليها بالنصف؛ لأنه عاد إليه بغير الطلاق، فلم يسقط حقه من النصف بالطلاق، كما لو وهبته لأجنبي، ثم وهبه الأجنبي منه (2).
(1) القوانين الفقهية: ص 203.
(2)
المهذب: 59/ 2.