الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ارتداد الزوجين أوأحدهما:
قال الشافعية، والحنابلة والمالكية: لو ارتد الزوجان أو أحدهما قبل الدخول تنجزت الفُرْقة، أي انفسخ النكاح في الحال. وإن كانت الردة بعد الدخول، توقفت الفرقة أو الفسخ على انقضاء العدة، فإن جمعهما الإسلام في العدة، دام النكاح، وإن لم يجمعهما في العدة انفسخ النكاح من وقت الردة، لكن لو وطئ الزوج لا حد عليه للشبهة، وهي بقاء أحكام النكاح، وتجب العدة منه. وإذا أسلمت المرأة قبل الرجل فأسلم في عدتها، أو أسلما معاً، فتتقرر الزوجية بينهما، وإن أسلم أحدهما ولم يتبعه الآخر في العدة، انفسخ زواجهما. وكذلك
قال الحنفية: تقع الفرقة بين الزوجين إذا حكم بصحة الارتداد (1)، وقد صح أن رجلاً من بني تغلب وكانوا من النصارى، أسلمت زوجته، وأبى هو، ففرق عمر بينهما، وقال ابن عباس:«إذا أسلمت النصرانية قبل زوجها، فهي أملك لنفسها» .
أنكحة الكفار غير المرتدين:
هل عقود زواج غير المسلمين بعضهم مع بعض صحيحة أو فاسدة؟
للفقهاء رأيان: فقال المالكية (2): أنكحة غير المسلمين فاسدة؛ لأن للزواج في الإسلام شرائط لا يراعونها، فلا يحكم بصحة أنكحتهم.
وقال الجمهور (3): أنكحة الكفار غير المرتدين صحيحة يقرون عليها، إذا أسلموا، أو تحاكموا إلينا إذا كانت المرأة عند الشافعية والحنابلة ممن يجوز ابتداء الزواج بها، بأن لم تكن من المحارم، فنقرهم على ما نقرهم عليه لو أسلموا،
(1) المراجع السابقة.
(2)
الشرح الصغير: 422/ 2.
(3)
البدائع: 272/ 2، الدر المختار: 506/ 2، 530 وما بعدها، مغني المحتاج: 193/ 3 - 195، المغني: 613/ 6.
ونبطل ما لا نقر، والأصح عند الحنفية أن كل نكاح حرم لحرمة المحل كمحارم، يقع جائزاً. واتفق هؤلاء الجمهور على أنه لا يعتبر فيه صفة عقدهم وكيفيته، ولا يعتبر له شروط أنكحة المسلمين من الولي والشهود وصيغة الإيجاب والقبول، وأشباه ذلك، فيجوز في حقهم ما اعتقدوه، ويقرون عليه بعد الإسلام.
وينبني على رأي الجمهور أن تثبت أحكام الزواج المقررة كالمسلمين من وجوب النفقة ووقوع الطلاق ونحوهما من عدة ونسب وتوارث بزواج صحيح، وحرمة مطلقة ثلاثاً. ويجوز نكاح أهل الذمة بعضهم لبعض وإن اختلفت شرائعهم؛ لأن الكفر كله ملة واحدة.
ودليلهم قوله عز وجل: {وقالت امرأة فرعون} [القصص:9/ 28] وقوله سبحانه: {وامرأته حمَّالة الحطب} [المسد:4/ 111] ولو كانت أنكحتهم فاسدة، لم تكن امرأته حقيقة، ولأن النكاح سنة آدم عليه السلام، فهم على شريعته، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «ولدت من
نكاح، لا من سفاح» (1) أي لا من زنا، والمراد به نفي ما كانت عليه الجاهلية من أن المرأة تسافح رجلاً مدة ثم يتزوجها، فإنه صلى الله عليه وسلم سمى ما وجد قبل الإسلام من أنكحة الجاهلية نكاحاً، ولو قلنا بفساد أنكحتهم لأدى إلى أمر قبيح هو الطعن في نسب كثر من الأنبياء.
ولحديث غيلان الثقفي وغيره ممن أسلم وتحته عشر نسوة في الجاهلية، فأسلمن معه، فأمره صلى الله عليه وسلم باختيار أربع منهن، ومفارقة الباقي (2)، ولم يسأل عن شرائط النكاح، فلا يجب البحث عن شرائط أنكحتهم، فإنه صلى الله عليه وسلم أقرهم عليها، وهو لا يقر أحداً على باطل.
(1) رواه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم وابن عساكر عن علي بلفظ «خرجت من النكاح، ولم أخرج من سفاح، من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي» تكلم في راو من رواته وبقية رجاله ثقات (مجمع الزوائد: 214/ 8).
(2)
رواه أحمد وابن ماجه والترمذي عن ابن عمر (نيل الأوطار: 159/ 6 وما بعدها).