الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانياً ـ تحريم الزواج:
لا يجوز للأجنبي إجماعاً نكاح المعتدة، لقوله تعالى:{ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله} [البقرة:2/ 235] أي لا تعقدوا عقد النكاح حتى تنقضي العدة التي كتبها الله على المعتدة، ولبقاء الزوجية في الطلاق الرجعي، وبعض آثار الزواج في الطلاق الثالث والبائن. وإذا تزوجت فالنكاح باطل، لأنها ممنوعة من الزواج لحق الزوج الأول، فكان نكاحاً باطلاً كما لو تزوجت وهي في نكاحه، ويجب أن يفرق بينه وبينها.
ويجوز لصاحب العدة أن يتزوج المعتدة؛ لأن الإلزام بالعدة إنما شرع مراعاة لحق الزوج، فلا يجوز أن يمنع حقه، فالعدة لحفظ مائه وصيانة نسبه، ولا يصان ماؤه عن بعضه، ولا يحفظ نسبه عنه، فإذا انقضت العدة جاز لأي شخص أن يتزوجها.
والقاعدة عند المالكية: كل نكاح فسخ بعد الدخول اضطراراً، فلا يجوز للزوج أن يتزوج المرأة في عدتها منه، وكل نكاح فسخ اختياراً من أحد الزوجين، حيث لهما الخيار، جاز أن يتزوجها في عدتها منه (1).
ثالثاً ـ حرمة الخروج من البيت:
للفقهاء آراء متقاربة في مسألة خروج المعتدة من البيت،
الحنفية:
فرقوا بين المطلقة والمتوفى عنها، فقالوا: يحرم على المطلقة البالغة العاقلة الحرة المسلمة المعتدة من زواج صحيح الخروج ليلاً ونهاراً، سواء أكان الطلاق بائناً أم ثلاثاً أم رجعياً، لقوله تعالى في الطلاق الرجعي:{لا تخرجوهن من بيوتهن، ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} [الطلاق:1/ 65] بأن تزني فتخرج لإقامة الحد
(1) القوانين الفقهية: ص 211.
عليها، ويرى أبو حنيفة أن الفاحشة هي نفس الخروج، وقوله تعالى:{أسكنوهن من حيث سكنتم} [الطلاق:6/ 65] والأمر بالإسكان نهي عن الإخراج والخروج. وأما في الطلاق الثلاث أو البائن، فلعموم النهي عن الخروج، ومساس الحاجة إلى الحفاظ على الأنساب وعدم اختلاط المياه.
وأما المتوفى عنها: فلا تخرج ليلاً، ولا بأس أن تخرج نهاراً في حوائجها؛ لأنها تحتاج إلى الخروج بالنهار لاكتساب ما تنفقه؛ لأنه لا نفقة لها من الزوج المتوفى، بل نفقتها عليها، فتحتاج إلى الخروج لتحصيل النفقة، ولا تخرج بالليل، لعدم الحاجة إلى الخروج بالليل، بخلاف المطلَّقة، فإن نفقتها على الزوج، فلا تحتاج إلى الخروج.
وليس للمعتدة من طلاق ثلاث أو بائن أو رجعي أن تخرج من منزلها الذي تعتد فيه إلى سفر ولو إلى حج فريضة إذا كانت معتدة من نكاح صحيح. ولا يجوز للزوج أن يسافر بها لقوله تعالى: {لا تخرجوهن من بيوتهن، ولا يخرجن} [الطلاق:1/ 65] والمذهب أن للزوج ضرب المرأة المفارقة على الخروج من منزله بلا إذن، إلا إن احتاجت إلى الاستفتاء في حادثة، ولم يرض الزوج أن يستفتي لها، وهو غير عالم.
ويجوز للمعتدة من نكاح فاسد أن تخرج؛ لأن أحكام العدة مرتبة على أحكام النكاح الصحيح. ويجوز أيضاً للصغيرة والمجنونة أن تخرج من منزلها إذا لم يكن في الفرقة رجعة، سواء أذن الزوج لها أم لم يأذن؛ إذ أن حق الله في العدة لا يجب عل الصغير والمجنون، ولأنه لا ولد من الصغيرة، فلم يبق للزوج حق. ولكن يجوز للزوج منع المجنونة من الخروج حفاظاً على مائه وتحصينه من الاختلاط. وإن كانت الفرقة رجعية فلا يجوز للصغيرة الخروج بغير إذن الزوج؛ لأنها زوجته.