الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ملحق بهذا البحث ـ خيار الغرور أو خيار فوات الوصف المرغوب:
إذا غرر الزوج بصفة في زوجته، مثل كونها بكراً أو مسلمة أو حرة أو ذات نسب ونحو ذلك، فبان خلافه، فهل له فسخ الزواج؟! وهذا ما يعرف بخيار الغرور أو خيار فوات الوصف المرغوب.
اختلف الفقهاء فيه على آراء (1)، الغالب فيها ثبوت الخيار وهو رأي الجمهور غير الحنفية:
ذهب الحنفية والجعفرية والزيدية إلى أنه إذا اشترط أحد الزوجين في صاحبه صفة مرغوباً فيها، فبان على خلافه، لم يكن له الخيار في الفرقة، فإذا كان قد سمى لها مهراً أكثر من مهر مثلها بسبب هذا الشرط، كأن يشترط بكارتها أو تحصيلها شهادة معينة، فلم يتحقق ذلك، لم يلزم الزوج بأكثر من مهر مثلها. قال ابن الهمام في فتح القدير:«وفي النكاح لو شرط وصفاً مرغوباً فيه كالعُذْرة والجمال والرشاقة وصغر السن، فظهرت ثيباً عجوزاً شمطاء ذات شق مائل، ولعاب سائل، وأنف هائل، وعقل زائل، لا خيار له في فسخ النكاح به» .
وخالفهم المالكية فقرروا أن العاقد إذا قال للرجل: زوجتك هذه مسلمة فإذا هي كتابية، أو هذه حرة فإذا هي أمة، أو هذه بكر فإذا هي ثيب، أو اشترط أحد الزوجين وصفاً مرغوباً في الآخر كصغر السن والجمال، فبان خلافه، انعقد الزواج، وله الخيار بين الرضا والرد.
وفصل الشافعية فقالوا: لو تزوج رجل امرأة وشُرط في العقد إسلام
(1) المهذب: 70/ 2، غاية المنتهى: 99/ 3 - 100.
الزوجة، أو شرط في أحد الزوجين نسب أو حرية أوغيرهما مما لا يمنع عدم توافره صحة الزواج من صفات الكمال، كبكارة وشباب، أو من صفات النقص كضد ذلك، أو ما يتوسط بين صفتي الكمال كطول وبياض وسمرة، فبان خلافه، فالأظهر صحة النكاح؛ لأن الخُلْف في الشرط لا يوجب فساد البيع مع تأثره بالشروط الفاسدة، فالنكاح أولى بعدم الفساد.
ثم إن بان الموصوف بالشرط خيراً مما شُرط فيه فلا خيار، وإن بان دونه، فلمن شرط له: الخيار، للخُلْف.
أما لو ظن الرجل، بلا شرط، أن المرأة مسلمة، فبانت كتابية، أو حرة فبانت أمة، وهي تحل له، فلا خيار له فيهما في الأظهر؛ لأن الظن لا يثبت الخيار لتقصيره بترك البحث أو الاشتراط. وكذا لو أذنت المرأة لوليها في تزويجها بمن ظنته كفئاً لها، فبان فسقه أو دناءة نسبه أو حرفته، فلا خيار لها ولا لوليها؛ لأن التقصير منها ومنه، حيث لم يبحثا ولم يشرطا، لكن لو بان الزوج معيباً أو عبداً وهي حرة فلها الخيار.
وفصل الحنابلة تفصيلاً آخر فقالوا: إن غرَّ الرجل المرأة بما يخل بأمر الكفاءة كالحرية أو النسب الأدنى، فلها الخيار بين الفسخ والإمضاء، فإن اختارت الإمضاء فلأوليائها الاعتراض لعدم الكفاءة. وإن لم يعتبر الوصف في الكفاءة كالفقه والجمال ونحوهما، فلا خيار لها؛ لأن ذلك مما لا يعتبر في الكفاءة، فلا يؤثر اشتراطه.
أما إن شرط الرجل كون المرأة مسلمة فبانت كافرة، فله الخيار، لأنه نقص وضرر يتعدى إلى الولد. وإن شرط الرجل كونها بكراً فبانت ثيباً فعن أحمد كلام يحتمل أمرين: أحدهما ـ لا خيار له، والثاني ـ له الخيار، لأنه شرط صفة مقصودة.