الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واللائق بمحاسن الشريعة سد الباب والإعراض عن مواطن الشبهات من دخول الأقارب غير المحارم كالأخ وابن العم على بعضهم، والخلوة بالمرأة الأجنبية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو مَحْرم منها، فإن ثالثهما الشيطان» (1) وقوله عليه الصلاة والسلام: «إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحَمْو؟ قال: الحمو: الموت» (2) ومعنى الحمو: يقال: هو أخو الزوج وما أشبه من أقارب الزوج كابن العم ونحوه.
وصرح الشافعية أنه يحرم أيضاً النظر إلى الوجه والكفين من كل يد، من رؤوس الأصابع إلى المعصم عند خوف فتنة تدعو إلى الاختلاء بالمرأة لجما ع أو مقدماته بلا جماع، وكذا عند الأمن من الفتنة فيما يظهر له من نفسه من غير شهوة على الصحيح، لاتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه. ولو نظر إلى الوجه والكفين بشهوة: وهي قصد التلذذ بالنظر المجرد وأمن الفتنة، حرم قطعاً.
من يحل له النظر:
يحل نظر الصبي غير البالغ والمجنون والمستكره، لعدم الشهوة، ولقوله تعالى في آية سورة النور [:31/ 24]: {أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء} .
ويحل النظر منها بعين غير أولي الإربة، لقوله تعالى في سورة النور [:31/ 24]: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن}
…
{أو التابعين غير أولي الإربة} والمراد بالإربة هنا: الحاجة إلى النساء، والمراد بالتابعين: الذين يتبعون الناس لينالوا من فضل طعامهم، من غير أن تكون لهم لنساء، ولا ميل لهن.
(1) رواه أحمد عن جابر، وفي معناه حديث متفق عليه عن ابن عباس (نيل الأوطار: 111/ 6).
(2)
رواه أحمد والبخاري والترمذي وصححه عن عقبة بن عامر (المرجع السابق).
واختلف السلف وأئمة المذاهب في تعيين المراد بغيرأولي الإربة من الرجال، فقال ابن عباس: هو المخنث: الذي لا يقوم عليه آلة. وقال مجاهد وقتادة: الذي لا أرب له في النساء.
وذهب الشافعية إلى أن المخنث: وهو المتشبه بالنساء، والمجبوب: وهو مقطوع الذكر فقط، والخصي: وهو من بقي ذكره دون أنثييه، والخنثى المشكل، حكمهم حكم الرجل العادي.
ومذهب الحنفية كالشافعية في المخنث: لا يجوز له النظر، بدليل ما روته عائشة، قالت: كان يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنث، فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة، قالت: فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، وهو ينعت امرأة، قال: إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمان، فقال: أرى هذا يعرف ما ههنا، لا يدخل عليكن، فحجبوه (1).
هذا يدل على أن النبي حظر دخول المخنث على نسائه؛ لأنه وصف امرأة أجنبية بحضرة الرجال الأجانب، وقد نهى الرجل أن يصف امرأته لغيره (2)، فكيف إذا وصفها غيرهُ من الرجال؟!.
(1) أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وغيرهم (نيل الأوطار: 115/ 6) والمراد بالأربع: طيات البطن من كثرة السمن، ولكل طية طرفان، فإذا رآهن الرائي من جهة البطن وجدهن أربعاً، وإذا رآهن من جهة الظهر وجدهن ثماني. والمقصود أنه وصفها بأنها مملوءة البدن بحيث يكون لبطنها طيات، وذلك لا يكون إلا للسمينة من النساء، وجرت عادة الرجال غالباً في الرغبة فيمن تكون بتلك الصفة.
والمخنث: هو الذي يلين في قوله، ويتكسر في مشيته، ويتثنى فيها كالنساء، وقد يكون خلقة، وقد يكون تصنعاً من الفسقة، ومن كان ذلك فيه خلقة، فالغالب من حاله أنه لا أرب له في النساء.
(2)
روى البخاري ومسلم (الشيخان) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تباشر المرأة ُالمرأةَ، فتصفها لزوجها، كأنه ينظر إليها» (رياض الصالحين: ص 567).