الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره} [البقرة:230/ 2] ولأن وطأها يتعلق به أحكام الوطء من المهر والتحريم، فصار كوطء البالغة.
واشترط المالكية والحنابلة شرطاً رابعاً: هوأن يكون الوطء حلالاً (مباحاً) وأن يكون الواطئ عند المالكية بالغاً، وعند الحنابلة: أون له اثنا عشر سنة؛ لأن الوطء غير المباح حرام لحق الله تعالى، فلم يحصل به الإحلال كوطء المرتدة، ولأن من دون البلوغ أو من دون سن الثانية عشرة لا يمكنه المجامعة.
فلا يحل المطلقة إلا الوطء المباح الذي يكون في العقد الصحيح في غير صوم أو حج أو حيض أو اعتكاف، ولا يحل الذمية عند مالك وابن القاسم وطء زوج ذمي لمسلم. ونص أحمد على أنه إذا كانت الزوجة ذمية، فوطئها زوجها الذمي، أحلها لمطلِّقها المسلم لأنه وطء من زوج في نكاح صحيح تام، فأشبه وطء المسلم. وهذا رأي الشافعية والمالكية أيضاً. وأجاز الحنابلة للمجنون إحلال المطلقة ثلاثاً كما قال الحنفية؛ لظاهر الآية:{حتى تنكح زوجاً غيره} [البقرة:230/ 2] ولأنه وطء مباح من زوج في نكاح صحيح تام، فأشبه وطء العاقل.
الزواج بشرط التحليل (نكاح المحلِّل):
اتفق الفقهاء (1) أيضاً على أن الزواج بالمطلقة ثلاثاً بشرط صريح لعقد على أن يحلها الزوج الثاني لزوجها الأول لا يجوز، وهو حرام عند الجمهور، مكروه تحريماً عند الحنفية، لقول ابن مسعود:«لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلِّل والمحلَّل له» (2) ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: هو المحلل، لعن الله المحلل والمحلل
(1) المراجع السابقة.
(2)
رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه عن ابن مسعود، ورواه الخمسة إلا النسائي عن علي (نيل الأوطار: 138/ 6).
له» (1) والنهي يدل على فساد المنهي عنه، ولا يطلق الزواج الشرعي على الزواج المنهي عنه.
وهذا هو نكاح المحلل: وهو أن يتزوج الرجل امرأة على أنه إذا وطئها فلا نكاح بينهما، وأن يتزوجها ليحلها للزوج الأول.
هذا النكاح فاسد عند الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية وأبي يوسف)؛ للحديث السابق، ولأن النكاح بشرط الإحلال في معنى النكاح المؤقت، وشرط التوقيت في النكاح يفسده، والنكاح الفاسد لا يقع به التحليل، فهو نكاح إلى مدة أو فيه شرط يمنع بقاءه فأشبه نكاح المتعة. قال في المهذب:«لأنه نكاح شرط انقطاعه دون غايته، فشابه نكاح المتعة» ويؤيده قول عمر: والله لا أوتى بمحلل ومحلل له إلا رجمتهما (2).
وقال أبو حنيفة وزفر: هذا النكاح صحيح مكروه تحريماً، فإن وطئها الزوج الثاني حلت للأول بعد أن يطلقها وتنقضي عدتها، لأن شرط التحليل شرط فاسد، والزواج لا يفسد بالشروط الفاسدة، فيلغو الشرط، ويصح العقد؛ لإطلاق آية:{حتى تنكح زوجاً غيره} [البقرة:230/ 2] دون تفرقة بين ما إذا شرط الإحلال أم لا، إلا أنه مكروه تحريماً؛ لأنه شرط ينافي المقصود من النكاح وهو السكن والتوالد والتعفف، وهو يتوقف على البقاء والدوام في الزوجية.
وقال محمد: النكاح الثاني صحيح، ولا تحل المطلقة للأول؛ لأن النكاح عقد مؤبد، فكان شرط الإحلال استعجال ما أخره الله تعالى لغرض الحل، فيبطل الشرط ويبقى النكاح صحيحاً، لكن لا يحصل به الغرض، كمن قتل مورثه فإنه يحرم الميراث. وهذا قول للشافعية فيمن تزوج امرأة على أنه إذا وطئها طلقها.
(1) رواه ابن ماجه عن عقبة بن عامر (المرجع السابق).
(2)
رواه الأثرم عن قبيصة بن جابر.