الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما
أدلة الزيدية وابن تيمية وابن القيم
القائلين بوقوع طلاق واحد، فهي ما يأتي:
1ً - آية {الطلاق مرتان} [البقرة:229/ 2] إلى قوله تعالى في الطلقة الثالثة: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره} [البقرة:230/ 2] أي أن المشروع تفريق الطلاق مرة بعد مرة، لأنه تعالى قال:{مرتان} [البقرة:229/ 2] ولم يقل «طلقتان» .
وليس مشروعاً كون الطلاق كله دفعة واحدة، فإذا جمع الطلاق الثلاث في لفظ واحد، لا يقع إلا واحدة، والمطلّق بلفظ الثلاث مطلق بواحدة، لا مطلق ثلاث.
ويرد عليه بأن الآية ترشد إلى الطلاق المشرو ع أو المباح، وليس فيها دلالة على وقوع الطلاق وعدم وقوعه إذا لم يكن مفرقاً، فيكون المرجع إلى السنة، والسنة بينت أن الطلاق الثلاث يقع ثلاثاً.
ومما جاء في السنة في قصة ابن عمر الذي طلق امرأته في أثناء الحيض: أنه قال: «يا رسول الله، أرأيت لو طلقتُها ثلاثاً، أكان يحل لي أن أراجعها؟ قال: لا، كانت تبين منك، وتكون معصية» (1).
2ً - حديث ابن عباس قال: «كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر، طلاقُ الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليه، فأمضاه عليهم» (2) فهو واضح الدلالة على جعل الطلاق الثلاث بلفظ واحد طلقة واحدة، وعلى أنه لم
(1) رواه الدارقطني عن الحسن عن ابن عمر، لكن في إسناده ضعيف (نيل الأوطار: 227/ 6 - 228).
(2)
رواه أحمد ومسلم عن طاوس عن ابن عباس (نيل الأوطار: 230/ 6).
ينسخ لاستمرار العمل به في عهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر، ولأن عمر أمضاه من باب المصلحة والسياسة الشرعية.
وأجيب عنه بأنه محمول على صورة تكرير لفظ الطلاق ثلاث مرات، بأن يقول:(أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق) فإنه يلزمه واحدة إذا قصد التوكيد، وثلاث إذا قصد تكرير الإيقاع، فكان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر على صدقهم وسلامتهم وقصدهم في الغالب الفضيلة والاختيار، لم يظهر فيهم خب ولا خداع، وكانوا يصدقون في إرادة التوكيد، فلما رأى عمر في زمانه أموراً ظهرت، وأحوالاً تغيرت، وفشا إيقاع الثلاث جملة بلفظ لا يحتمل التأويل، ألزمهم الثلاث في صورة التكرير، إذ صار الغالب عليهم قصدها، وقد أشار إليه بقوله:«إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة» .
ثم إن هذا الحكم إنما هو في القضاء، أما في الديانة فإن كل واحد يعامل فيها بنيته. ومخالفة عمر لما مضى لا شيء فيها؛ لأنها ترجع إلى تغير الحكم بسبب تغير العرف وحال الناس. والحق أن في هذا الحديث نظراً.
3ً - حديث ابن عباس عن رُكانة: «أنه طلق امرأته ثلاثاً في مجلس واحد، فحزن عليها حزناً شديداً، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم، كيف طلقتها؟ فقال: ثلاثاً في مجلس واحد، فقال له صلى الله عليه وسلم: إنما تلك واحدة فارتجعها» (1).
وأجيب عنه بأجوبة:
منها ـ أن في إسناده محمد بن إسحاق، ورد بأنهم قد احتجوا في غير واحد من الأحكام مثل هذا الإسناد.
(1) أخرجه أحمد وأبو يعلى وصححه (نيل الأوطار: 232/ 6).