الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الجمهور (1): أركان اللعان أربعة: وهي الملاعن، والملاعنة، وسببه، ولفظه.
شروط اللعان:
وأما شروطه فنوعان: شروط وجوب اللعان، وشروط صحة إجراء اللعان.
أولاً ـ شروط وجوب اللعان:
هي عند الحنفية ثلاثة (2):
1ً - قيام الزوجية مع امرأة ولو غير مدخول بها، وكذا ولوفي أثناء العدة من طلاق رجعي، لقوله تعالى:{والذين يرمون أزواجهم} [النور:6/ 24] فلا لعان بين غير الزوجين أو بقذف امرأة أجنبية، فإن قذفها ثم تزوجها فعليه حد القذف ولا يلاعن؛ لأنه وجب في حال كونها أجنبية، ولا لعان بقذف زوجة صارت ميتة؛ لأن الميتة لم تبق زوجة، ولأنه لا يتأتى اللعان منها، ولا لعان بقذف المرأة المبانة، ويحد زوجها الأصلي كالأجنبي. وهذا شرط متفق عليه فإنه عند الجمهور يصح اللعان منها، وبه يصح اللعان عند الجمهور من غير زوج في حالتين: البائن لنفي الولد، والموطوءة بنكاح فاسد أو شبهة. ولو ارتد زوج بعد وطء فقذف وأسلم في العدة، لاعن. ولو لاعن ثم أسلم في العدة صح لعانه، لتبين وقوعه في صلب النكاح.
2ً - كون النكاح صحيحاً لافاسداً: فلا لعان بقذف المنكوحة بنكاح فاسد؛ لأنها أجنبية. وخالفهم بقية الأئمة (3)، أجازوا اللعان من امرأة نكحها نكاحاً
(1) القوانين الفقهية: ص 243 وما بعدها.
(2)
الدر المختار وحاشية ابن عابدين: 805/ 2 وما بعدها، البدائع: 241/ 3، فتح القدير: 259/ 3، اللباب: 75/ 3، 78.
(3)
الشرح الصغير: 658/ 2، مغني المحتاج: 378/ 3 وما بعدها، غاية المنتهى: 201/ 3، المغني: 398/ 7، 400 ....
فاسداً لثبوت النسب به، كالزواج بلا ولي أو بدون شهود، ثم قذفها، لكن جواز اللعان في هذه الحالة مقيد بما إذا وجد بينهما ولد يريد الزوج نفيه، فإن لم يكن بينهما ولد، حد الزوج ولا لعان بينهما.
3ً - كون الزوج أهلاً للشهادة على المسلم، بأن يكون طرفا اللعان زوجين حرين عاقلين بالغين مسلمين ناطقين غير محدودين في قذف، فلا لعان بين كافرين ولا من أحدهما عبد أو صبي أو مجنون أو محدود في قذف أو كافر، أو أخرس للشبهة. ويصح بين الأعميين والفاسقين؛ لأنهما أهل لأداء الشهادة، لكن لا تقبل شهادتهما للفسق ولعدم قدرة الأعمى على التمييز، والحاصل أن الحنفية اشترطوا أهلية الشهادة في الزوج؛ لأن كلمات اللعان شهادات، واشترطوا أيضاً أن تكون الزوجة ممن يحد قاذفها؛ لأن اللعان بدل عن حد القذف في الأجنبية. ولم يشترط الجمهور هذين الشرطين.
لكن اشترط المالكية (1) الإسلام في الزوج فقط لا في الزوجة، فإن الذمية تلاعن لرفع العار عنها، وقالوا: يشترط في المتلاعنين كونهما بالغين عاقلين، سواء أكانا حرين أم مملوكين، عدلين أم فاسقين. ويقع اللعان في حال العصمة اتفاقاً، وفي العدة من الطلاق الرجعي والبائن خلافاً للحنفية، وبعد العدة في نفي الحمل إلى أقصى مدة الحمل. ويقع اللعان من الزوجين في النكاح الصحيح والفاسد.
ولم يشترط الشافعية والحنابلة (2) الإسلام في المتلاعنين، وقالوا: يصح اللعان من كل زوج يصح طلاقه، بأن يكون الزوجان مكلفين أي بالغين عاقلين، سواء أكانا مسلمين أم كافرين أم عدلين أم فاسقين أم محدودين في قذف أم كان
(1) القوانين الفقهية: ص 243، بداية المجتهد: 117/ 2.
(2)
مغني المحتاج: 378/ 3 ومابعدها، المهذب: 124/ 2، المغني: 394/ 7 - 402
أحدهما كذلك. ويصح اللعان أيضاً من الحر والعبد والرشيد والسفيه والسكران ومن الناطق والأخرس والخرساء المعلومي الإشارة عند الشافعية، ومن المطلّق رجعياً، ويصح من الزوج للمطلقة بائناً لنفي الولد، وكذا عند الحنابلة إذا لم يكن هناك ولد.
ويصح عندهم لعان الموطوءة بنكاح فاسد أو شبهة كأن ظنها زوجته ثم قذفها، ولاعن لنفي النسب، كما تقدم.
ولا يصح اللعان بالاتفاق من صبي ومجنون، فإن كان أحد الزوجين غير مكلف فلا لعان بينهما؛ لأن اللعان قول تحصل به الفرقة، ولا يصح من غير مكلف كالطلاق أو اليمين. ولا لعان بين غير الزوجين، فإذا قذف الشخص أجنبية محصنة (عفيفة) حُدّ حد القذف ولم يلاعن.
ولا فرق بين كون الزوجة مدخولاً بها أو غير مدخول بها في أنه يلاعنها بالاتفاق، لقوله تعالى:{والذين يرمون أزواجهم} [النور:6/ 24] فإن كانت غير مدخول بها، فلها نصف الصداق؛ لأنها فرقة من جهة الزوج. ويلاعن الأخرس أو معتقل اللسان عند الحنابلة، ولا تلاعن الخرساء عند الحنابلة؛ لأنه لا تعلم مطالبتها، واتفقوا على أنه لا يصح اللعان من الأخرس والخرساء غير معلومي الإشارة والكتابة.
والخلاصة: أن الحنفية اشترطوا في المتلاعنين الإسلام والنطق والحرية والعدالة، وكون اللعان في حال قيام الزوجية حقيقة أو حكماً كالرجعية لا البائنة، وخالفهم الجمهور فيما شرطوه، إلا أن المالكية شرطوا إسلام الزوج فقط، واتفقوا على اشتراط التكليف: البلوغ والعقل. ويصح اللعان من الأخرس عند الجمهور غير الحنفية.