الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2ً - سماع كلام الآخر: أن يسمع كل من العاقدين لفظ الآخر، ولو حكماً كالكتاب إلى امرأة غائبة، ويفهم أن المقصود منه إنشاء الزواج، ليتحقق رضاهما به. والأدق أن يعتبر هذا شرطاً في صيغة العقد. ولا يشترط عند الحنفية توافر حقيقة الرضا، فيصح الزواج مع الإكراه والهزل.
ثانياً ـ شروط المرأة:
يشترط في المرأة لأجل عقد الزواج شرطان:
1ً - أن تكون أنثى محققة الأنوثة: فلا ينعقد الزواج على الرجل أو الخنثى المشكل: وهو الذي لا يستبين أمره، أهو رجل أم أنثى، ويكون الزواج على خنثى باطلاً.
2ً - ألا تكون محرَّمة على الرجل تحريماً قاطعاً لا شبهة فيه: فلا ينعقد الزواج بالمحارم كالبنت والأخت والعمة والخالة، والمتزوجة بزوج آخر، والمعتدة، والمرأة المسلمة بغير المسلم، والزواج في كل هذه الحالات باطل.
ثالثاً ـ شروط صيغة العقد - الإيجاب والقبول:
الصيغة: هي الإيجاب والقبول، ويشترط فيها بالاتفاق أربعة شروط هي ما يأتي:
1 -
اتحاد المجلس إذا كان العاقدان حاضرين: وهو أن يكون الإيجاب والقبول في مجلس واحد، بأن يتحد مجلس الإيجاب والقبول، لا مجلس المتعاقدين؛ لأن شرط الارتباط اتحاد الزمان، فجعل المجلس جامعاً لأطرافه تيسيراً على العاقدين.
فإن اختلف المجلس، فلا ينعقد العقد، فإذا قالت المرأة: زوجتك نفسي، أو قال الولي: زوجتك ابنتي، فقام الآخر عن المجلس قبل القبول، أو اشتغل بعمل يفيد انصرافه عن المجلس، ثم قال: قبلت بعدئذ، فإنه لا ينعقد العقد عند الحنفية. وهذا يدل على أن مجرد الوقوف بعد القعود يغير المجلس. وكذلك إذا انصرف العاقد الأول عن المجلس بعد الإيجاب، فقبل الآخر وهو في المجلس في غيبة الأول أوبعد عودته، لم ينعقد العقد. ويتغير المجلس عند الحنفية بالسير حال المشي أو الركوب على دابة بأكثر من خطوتين، كما يعد نوم العاقدين مضطجعين، لا جالسين، دليل الإعراض عن القبول. لكن لا يشترط الفور في القبول؛ فينعقد العقد وإن طال المجلس. وينعقد إن كان العاقدان على سفينة سائرة؛ لأن السفينة في حكم مكان واحد.
والمعول عليه في الحقيقة في الحد الفاصل بين اتحاد المجلس واختلافه هوالعرف، فما يعتبر في العرف إعراضاً عن العقد أو فاصلاً بين الإيجاب والقبول يكون مغيراً لمجلس العقد، وما لا يعتبر فيه إعراضاً عن العقد أو فاصلاً بين الإيجاب والقبول لا يكون مغيراً للمجلس.
وعند الجمهور (1): يشترط الفور بألا يفصل بين الإيجاب والقبول فاصل كثير (2)، وعبارة الشافعية: يشترط ألا يطول الفصل في لفظي العاقدين بين الإيجاب والقبول، فإن طال ضر؛ لأن طول الفصل يخرج القبول عن أن يكون جواباً عن الإيجاب. والفصل الطويل: هو ما أشعر بإعراضه عن القبول. ولا يضر الفصل اليسير لعدم إشعاره بالإعراض عن القبول. ويضر تخلل كلام أجنبي
(1) مغني المحتاج: 5/ 2 - 6، كشاف القناع: 136/ 3، حاشية الصاوي على الشرح الصغير: 356/ 2.
(2)
استثنى المالكية من وجوب الفور بين الإيجاب والقبول مسألة: هي أن يقول الرجل في مرضه: إن مت فقد زوجت ابنتي فلانة من فلان، فهذا يصح، طال الأمر أو لا.
عن العقد، ولو يسيراً بين الإيجاب والقبول، وإن لم يتفرقا عن المجلس؛ لأن فيه إعراضاً عن القبول.
وأما في حال غيبة أحد العاقدين عن الآخر، والتعاقد بطريق الكتابة أو الرسالة، فقال الحنفية: مجلس عقد الزواج: وهو مجلس قراءة الكتاب أمام الشهود، أو سماع رسالة الرسول بحضرة الشهود، فعندئذ يتحد المجلس؛ لأن الكتاب بمنزلة الخطاب من الكاتب، ولأن كلام الرسول كلام المرسل؛ لأنه ينقل عبارة المرسل، فكان قراءة الكتاب، وسماع قول الرسول، وكلام الكاتب معنى، وسماع قول المرسل معنى. فإن لم يقرأ الكتاب أو لم يسمع كلام الرسول لا ينعقد العقد عند أبي حنيفة ومحمد، لاشتراط الشهادة على شطري العقد.
وإن قرأت المرأة الكتاب أو سمعت الرسالة أمام الشهود، ثم قامت من المجلس لقضاء مصلحة أخرى، أو اشتغلت بالحديث في شيء آخر أجنبي عن العقد، ثم قالت: زوجت نفسي من فلان، فلا ينعقد الزواج، لاختلاف المجلس.
لكن لو أعادت المرأة قراءة الكتاب في مجلس آخر، فقبلت أمام الشهود، صح العقد، لبقاء الكتابة، أما لو أعاد الرسول الإيجاب في مجلس آخر، فقبلت، لم يصح؛ لأن رسالته انتهت أولاً بخلاف الكتابة لبقائها.
2 -
توافق القبول مع الإيجاب ومطابقته له: يتحقق التوافق باتحاد القبول والإيجاب في محل العقد وفي مقدار المهر، فإذا تخالفا فإن كانت المخالفة في محل العقد، مثل قول أبي الفتاة: زوجتك خديجة، فيقول الرجل: قبلت زواج فاطمة، فلا ينعقد الزواج؛ لأن القبول انصرف إلى غير من وجد الإيجاب فيه، فلم يصح، كما لو ساومه بثوب، وأوجب العقد في غيره بغير علم المشتري (1). وإن كانت
(1) المغني: 546/ 6 وما بعدها.
المخالفة في مقدار المهر، مثل: زوجتك ابنتي على ألف درهم، فقال الزوج: قبلت الزواج بثمانمائة، لا ينعقد العقد، إلا إذا كانت المخالفة لخير، بأن قال الزوج: قبلت بألف ومائة، فيصح العقد عند الحنفية.
وسبب عدم انعقاد العقد في المخالفة بمقدار المهر، وإن لم يكن المهر ركناً من أركان العقد: هو أن المهر إذا ذكر في العقد، التحق بالإيجاب وصار جزءاً منه، فيلزم أن يأتي القبول على وفق الإيجاب، حتى ينعقد العقد.
فإن لم يذكر المهر في العقد، أو صرح بأن لا مهر للمرأة، فلا يكون جزءاً من الإيجاب، ولكن يجب في هذه الحالة مهر المثل؛ لأن المهر في الزواج واجب بإيجاب الشرع، فلا يصح إخلاء الزواج منه.
3 -
بقاء الموجب على إيجابه: يشترط عدم رجوع الموجب عن الإيجاب قبل قبول العاقد الآخر، فإن رجع بطل الإيجاب، ولم يجد القبول شيئاً يوافقه.
ولا يلزم الموجب بالبقاء على إيجابه إلا إذا اتصل به القبول، كما في البيع، فلو وجد الإيجاب من أحد المتعاقدين، كان له أن يرجع قبل قبول الآخر؛ لأن كلاً من الإيجاب والقبول ركن واحد، فكان أحدهما بعض الركن، والمركب من شيئين لا وجود له بأحدهما.
4 -
التنجيز في الحال: الزواج كالبيع يشترط فيه كونه في الحال، فلا يجوز في المذاهب الأربعة كونه مضافاً إلى المستقبل، كتزوجتك غداً، أو بعد غد، ولا معلقاً على شرط غير كائن، كتزوجتك إن قدم زيد، أو إن رضي أبي، أو إذا طلعت الشمس فقد زوجتك بنتي؛ لأن عقد الزواج من عقود التمليكات أو المعاوضات، وهي لا تقبل التعليق ولا الإضافة، ولأن الشارع وضع عقد الزواج