الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فزوج أحدهما من صاحبه، فدخل عليها ولم يُفرض لها به صداق؛ فلما حضرته الوفاة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجني فلانة، ولم أفرض لها صداقاً، ولم أعطها شيئاً، وإني قد أعطيتها عن صداقي سهمي بخيبر، فأخذت سهمه، فباعته بمائة ألف» (1).
وبناء عليه: لو اتفق الزوجان بدون مهر، أو سميا ما لا يملك شرعاً كالخمر والخنزير والنجس كروث دواب، صح العقد عند الجمهور غير المالكية، ووجب للمرأة مهر المثل، بالدخول أو الموت. وقال المالكية: إن اتفق الزوجان على إسقاط المهر فهو نكاح فاسد.
نكاح التفويض:
قال ابن رشد وغيره (2): أجمع الفقهاء على أن نكاح التفويض جائز: وهو أن يعقد النكاح دون صداق، لقوله تعالى:{لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن، أو تفرضوا لهن فريضة} [البقرة:236/ 2]. لكن نكاح التفويض يشمل عند الجمهور حالة الاتفاق على عدم المهر، وعدم تسمية المهر، وأما عند المالكية فيقتصر على الحالة الثانية، وأما الاتفاق على إسقاط المهر فيفسد الزواج.
ثانياً ـ مقدار المهر ـ التغالي في المهور:
ليس للمهر حد أقصى بالاتفاق (3)؛ لأنه لم يرد في الشرع ما يدل على
(1) أخرجه أبو داود والحاكم.
(2)
بداية المجتهد: 25/ 2، القوانين الفقهية: ص 203، البدائع: 274/ 2، الدر المختار: 460/ 2، مغني المحتاج: 228/ 3.
(3)
البدائع: 286/ 2، الدر المختار: 452/ 2 وما بعدها، القوانين الفقهية: ص 202، المهذب: 55/ 2، كشاف القناع: 142/ 5.
تحديده بحد أعلى، لقوله تعالى: {
…
وآتيتم إحداهن قنطاراً، فلا تأخذوا منه شيئاً} [النساء:20/ 4].
تنبهت امرأة إلى هذه الآية، حينما أراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه تحديد المهور، فنهى أن يزاد في الصداق على أربع مئة درهم، وخطب الناس فيه، فقال (1): لا تُغْلوا في صداق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة، كان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أصدق قط امرأة من نسائه ولا بناته فوق اثنتي عشر أوقية ـ أي من الفضة (2) ـ فمن زاد على أربعمائة شيئاً، جعلت الزيادة في بيت المال، فقالت له امرأة من قريش بعد نزوله من على المنبر: ليس ذلك إليك يا عمر، فقال: ولم؟ قالت: لأن الله تعالى يقول: {وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً، أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً} [النساء:20/ 4] فقال عمر: امرأة أصابت، ورجل أخطأ. ورواه أبو يعلى في الكبير: فقال: اللهم غفراً، كل الناس أفقه من عمر، ثم رجع فركب المنبر فقال: أيها الناس، إني كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب (3).
ولكن يسن تخفيف الصداق وعدم المغالاة في المهور، لقوله صلى الله عليه وسلم:«إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة» (4) وفي رواية «إن أعظم النساء بركة أيسرهن صداقاً» وروى أبو داود وصححه الحاكم عن عقبة بن عامر حديث: «خير الصداق أيسره» .
(1) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وصححه وأحمد وابن ماجه (الخمسة) عن أبي العجفاء (نيل الأوطار: 168/ 6).
(2)
الأوقية: أربعون درهماً.
(3)
مجمع الزوائد: 283/ 4 وما بعدها، سيرة عمر بن الخطاب للطنطاويين نقلاً عن سيرة عمر لابن الجوزي: 321/ 1، تكملة المجموع: 482/ 15.
(4)
رواه أحمد عن عائشة، وفيه ضعيف (نيل الأوطار: 168/ 6).