الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس ـ
الشك في الطلاق
وإثبات الطلاق:
الشك في الطلاق: الشك لغة ضد اليقين، واصطلاحاً: تردد على السواء، والمراد هنا مطلق التردد، سواء أكان على السواء بين الاحتمالين أم ترجح أحد الاحتمالين. وحكمه باتفاق الفقهاء (1): أن اليقين لا يزول بالشك، وعدم الشك من الزوج في الطلاق هو شرط الحكم بوقوع الطلاق، فلو شك فيه لا يحكم بوقوعه، ولا يعتزل امرأته.
ـ فمن شك في طلاقه، هل طلق أو لا، لم تطلق امرأته؛ لأن النكاح كان ثابتاً بيقين، ووقع الشك في زواله بالطلاق، فلا يحكم بزواله بالشك، كحياة المفقود، إنها لما كانت ثابتة، ووقع الشك في زوالها، لا يحكم بزوالها بالشك، والحاصل: أن النكاح ثابت بيقين فلا يزول بشك.
ـ ومن شك في صفة الطلاق: أنه طلقها رجعية أو بائنة، يحكم بالرجعية؛ لأنها أضعف الطلاقين، فكانت متيقناً بها.
ـ ومن شك في عدد الطلاق بنى على اليقين، وهو الأقل، فمن شك في طلاق ثلاث، فيحكم عند الجمهور غير المالكية بوقوع طلقة واحدة حتى يستيقن؛ لأن ما زاد على القدر الذي تيقنه طلاق مشكوك فيه، فلم يلزمه، كما لو شك في أصل الطلاق، وتبقى أحكام المطلق دون الثلاث من إباحة الرجعة، وإذا راجع، وجبت النفقة وحقوق الزوجية.
وقال المالكية: إن تيقن الطلاق، وشك في العدد، لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره؛ لأنها تحتمل طلاقاً ثلاثاً.
(1) البدائع: 126/ 3، القوانين الفقهية: ص 230، المهذب: 100/ 2، مغني المحتاج: 303/ 3 وما بعدها، كشاف القناع: 381/ 5 وما بعدها، المغني: 247/ 7.
ـ وإن حلف بالطلاق ثم شك: هل حنث أو لا، أمر عند المالكية بالفراق.
ـ وإن شك في وجود الشرط الذي علق عليه الطلاق، مثل: أنت طالق إن فعلت كذا، أو أنت طالق إن لم أفعل كذا اليوم، فمضى اليوم وشك في فعله، لم تطلق؛ لأن النكاح ثابت بيقين، فلا يزول بالشك.
ـ ومن طلق إحدى امرأتيه بذاتها، ثم نسيها أو خفيت عليه ذاتها، بأن طلقها في ظلمة أو من وراء حجاب، رجع إليه عند الشافعية في تعيينها، ولا تحل له واحدة منهما قبل أن يعين، والوطء ليس بياناً ولا تعييناً، ولو ماتت المرأتان أو إحداهما يطالب بالتعيين لبيان الإرث، ولو مات فالأظهر قبول بيان وارثه لا تعيينه، وقال الحنابلة: تعين إحداهما بقرعة.
وإن طلق إحدى امرأتيه، ولم ينو معينة، لزمه التعيين عند الشافعية. وأخرجت المطلقة بالقرعة عند الحنابلة، خلافاً لما ذهب إليه أكثر العلماء، عملاً بما روي عن علي وابن عباس، ولأنه إزالة ملك بني على التغليب والسراية، فتدخله القرعة كالعتق، ولأن الحق لواحد غير معين، فوجب تعيينه بقرعة كإعتاق عبيده في مرضه، وكالسفر بإحدى نسائه، وكالمنسية، ولا يملك إخراج امرأة بتعيينه بغير القرعة، ويجوز له وطء الباقي من نسائه بعد القرعة لبقاء نكاحهن، ولا يجوز وطء إحداهن قبل القرعة إن كان الطلاق بائناً، لاحتمال أن تكون هي التي تقع عليها القرعة، وإن كان الطلاق رجعياً جاز وطء الكل، وبه تحصل الرجعة.
ـ ولو قال: إن كان الطائر غراباً فأنت طالق، وشك هل كان غراباً أو لا، فلا نحكم بوقوعه. ولو قال شخص آخر: إن لم يكن هذا الطائر غراباً فامرأتي طالق، وجهل حال الطائر، لم يحكم بطلاق المرأة، لجواز أنه غير غراب، والأصل بقاء النكاح، فتعليق الطلاق لا يغير حكمه. وقال الحنابلة: من قال عن طائر: إن كان