الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حاجاتهم المهمة كالنفقة والكسوة، ولئلا يعرضهم للزنا المفضي إلى الهلاك، وذلك لا يليق بحرمة الأبوة، وليس من المصاحبة بالمعروف المأمور بها شرعاً، والإعفاف: بأن يعطيه مهر امرأة حرة تعفه، أو يقول: تزوج وأعطيك المهر، أو يزوجه بإذنه ويدفع المهر.
ويجب تجديد الإعفاف إذا ماتت الزوجة، أو انفسخ النكاح برده منها، أو فسخ الزوج النكاح بعيب في الزوجة، وكذا إذ اطلق بعذر في الأصح.
وإنما يجب الإعفاف بشرطين:
الأول ـ لمن كان فاقد المهر في الواقع. ولا يلزم الإعفاف إذا كان الأب قادراً على المهر بالكسب.
الثاني ـ للمحتاج إلى الزواج: بأن تتوق نفسه إلى الوطء، وإن لم يخف الزنا، أو كان عنده من لا تعفه كصغيرة وعجوز شوهاء. ويحرم طلب الزواج ممن لم يضر به العزوبة، ولم يشق عليه الصبر.
ولو احتاج لعقد النكاح لا للتمتع، بل للخدمة لنحو مرض، وجب إعفافه إذا تعينت الحاجة إليه، لكن لا يسمى إعفافاً.
هل الزواج عبادة
؟ الزواج عند الشافعية من الأعمال الدنيوية كالبيع ونحوه، وهو ليس بعبادة، بدليل صحته من الكافر، ولو كان عبادة لما صح منه، والقصد منه قضاء شهوة النفس، والعمل بالعبادة عمل لله تعالى، والعمل لله تعالى أفضل من العمل للنفس.
ورد ذلك بأنه إنما صح من الكافر، وإن كان عبادة، لما فيه من عمارة الدنيا، كعمارة المساجد والجوامع، فإن هذه تصح من المسلم، وهي منه عبادة، ومن الكافر
وليست منه عبادة، ويدل لكونه عبادة أمر النبي صلى الله عليه وسلم، والعبادة تتلقى من الشرع، فالزواج من قبيل
العبادة، لما يشتمل عليه من المصالح الكثيرة التي منها تحصين النفس وإيجاد النسل، وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم:«وفي بُضع أحدكم صدقة» (1).
ونظراً لضعف هذه الأدلة التي ذكرت للشافعي، قال الإمام النووي: - وهو من العلماء العزاب - إن لم يتعبد فاقد الحاجة للنكاح، واجد الأهبة (وهي مؤن الزواج من مهر وكسوة ونفقة يومه)، فالنكاح له أفضل من تركه في الأصح، كيلا تفضي به البطالة والفراغ إلى الفواحش. وقال: النكاح مستحب لمحتاج إليه يجد أهبته، فإن فقدها استحب تركه، ويكسر شهوته بالصوم، فإن لم يحتج كره إن فقد الأهبة، وإلا فلا يكره له لقدرته عليه.
وقال الظاهرية: إن الزواج في حالة الاعتدال هذه فرض، متى كان الإنسان قادراً عليه، وعلى مؤنه المطلوبة، بدليل ظواهر الآيات السابقة: {فانكحوا ما طاب
…
} [النساء:3/ 4]{وأنكحوا الأيامى منكم} [النور:32/ 24] والأحاديث المتقدمة: «من استطاع منكم الباءة فليتزوج» والأمر يفيد الوجوب، فيكون الزواج واجباً. ورد عليهم بأن هذا الوجوب مصروف إلى الندب والاستحباب بدليل قوله:{مثنى وثلاث ورباع} [النساء:3/ 4] وقوله: {أو ما ملكت أيمانكم} [النساء:3/ 4] ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتم الزواج على كل واحد.
ويؤيد هذا الرأي ما رواه أحمد وابن أبي شيبة وابن عبد البر عن عَكَّاف بن وَدَاعة: «أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: ألك زوجة يا عكاف؟ قال: لا، قال: ولا جارية؟ قال: لا، قال: وأنت صحيح موسر؟ قال: نعم، والحمد لله، فقال: فأنت إذن من إخوان الشياطين: إن كنت من رهبان النصارى، فالحق بهم، وإن
(1) من حديث أبي ذر عند مسلم، ومطلعه: ذهب أهل الدثور بالأجور.