الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولإحدى الزوجات أن تهب حقها لبعض ضرائرها مؤقتاً أو دائماً، لقول عائشة السابق:«غير أن سودة وهبت ليلتها لعائشة تبتغي بذلك رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
وقد ذكرت أن الزوجة الجديدة لها عند الجمهور غير الحنفية سبع ليال إذا كانت بكراً، وثلاث ليال إذا كانت ثيباً. وسوى الحنفية بين الجديدة والقديمة، فلا تختص واحدة منهما بشيء.
أما
واجب الزوجة:
فلا يجب عليها خدمة زوجها في الخبز والطحن والطبخ والغسل وغيرها من الخدمات، وعليه أن يأتيها بطعام مهيأ إن كانت ممن لا تخدم نفسها؛ لأن المعقود عليه من جهتها هو الاستمتاع فلا يلزمها ما سواه، لكن لا يجوز لمن تخدم نفسها وتقدر على الخدمة أخذ الأجرة على عمل البيت، لوجوبه عليها ديانة، حتى ولو كانت شريفة؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قسم الأعمال بين علي وفاطمة رضي الله عنهما، فجعل أعمال الخارج على علي، والداخل على فاطمة مع أنها سيدة نساء العالمين.
المبحث الثاني ـ حقوق الزوج:
إن أهم حقوق الزوج ما يأتي (1):
1ً -
طاعة الزوجة لزوجها في الاستمتاع والخروج من المنزل:
فإذا تزوج رجل امرأة، وكانت أهلاً للجماع وجب تسليمها نفسها بالعقد إذا طلب، ويجب عليه تسلمها إذا عرضت عليه؛ لأنه بالعقد يستحق الزوج تسليم العوض، وهو أن
(1) المراجع السابقة في بدء المطلب السابق.
يسلمها مهرها المعجل. وقد نص الإمام أحمد على أن التي يمكن الاستمتاع بها هي بنت تسع سنين فأكثر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم «بنى بعائشة وهي بنت تسع سنين» .
وتمهل الزوجة مدة بحسب العادة لإصلاح أمرها كاليومين والثلاثة؛ لأنه من حاجتها، فإذا منع الرجل منه كان تعسيراً، فوجب إمهالها طلباً لليسر والسهولة، والمرجع فيه إلى العرف بين الناس؛ لأنه لا تقدير فيه، فوجب الرجوع فيه إلى العرف. ولا تمهل لعمل جهاز ونحوه.
وعلى الزوجة طاعة زوجها إذا دعاها إلى الفراش، ولو كانت على التنور أو على ظهر قتَب، كما رواه أحمد وغيره، ما لم يشغلها عن الفرائض، أو يضرها؛ لأن الضرر ونحوه ليس من المعاشرة بالمعروف. ووجوب طاعتها له لقوله تعالى:{ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} [البقرة:228/ 2]، وقوله صلى الله عليه وسلم:«لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» (1) وقوله «أيما امرأة ماتت، وزوجها راض عنها، دخلت الجنة» (2) وقوله: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت أن تجيء، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة، حتى تصبح» (3). ومن الطاعة: القرار في البيت متى قبضت معجل مهرها وهو تفرغها لشؤون الزوجية والبيت ورعاية الأولاد في الصغر والكبر، فليس للزوجة الخروج من المنزل ولو إلى الحج إلا بإذن زوجها، فله منعها من الخروج إلى المساجد وغيرها، لما روى ابن عمر رضي الله عنه قال: رأيت امرأة أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت: «يارسول الله، ما حق الزوج على زوجته؟ قال: حقه عليها ألا تخرج من بيتها إلا
(1) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، عن أبي هريرة.
(2)
رواه ابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن غريب، عن أم سَلَمة.
(3)
متفق عليه بين الشيخين عن أبي هريرة (نيل الأوطار: 207/ 6، رياض الصالحين: ص 134 وما بعدها) لمراجعة هذه الأحاديث.
بإذنه، فإن فعلت، لعنها الله وملائكة الرحمة، وملائكة الغضب حتى تتوب أو ترجع، قالت: يا رسول الله، وإن كان لها ظالماً؟ قال: وإن كان
لها ظالماً» (1) ولأن حق الزوج واجب، فلا يجوز تركه بما ليس بواجب.
لكن يكره ـ كما ذكر الشافعية ـ منعها من عيادة أبيها إذا أثقل في مرضه، وحضور مواراته إذا مات؛ لأن منعها مما ذكر يؤدي إلى النفور ويغريها بالعقوق، وأجاز الحنفية للمرأة الخروج بغير إذن زوجها إذا مرض أحد أبويها.
ويجب على المرأة في حال الخروج التزام الستر الشرعي، لا تظهر شيئاً من جسدها غير الوجه والكفين؛ لأن في كشف شيء مما أوجب الله ستره تعريضاً للفتنة والتطلع إليها، قال تعالى:{ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} [الأحزاب:33/ 33]. ومن التبرج: المشي بتكسر وحركات مثيرة، ومن التبرج أيضاً أن تلبس المرأة ثوباً رقيقاً يصف ما تحته، قال صلى الله عليه وسلم:«صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات (2)، على رؤوسهن أمثال أسنمة البخت المائلة (3)، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا. ورجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس» (4) وقال عليه الصلاة والسلام أيضاً: «أيما امرأة استعطرت، فخرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها، فهي زانية» (5).
(1) رواه أبو داود الطيالسي عن ابن عمر.
(2)
المراد بالكاسيات العاريات: اللاتي يلبسن الثياب الرقيقة التي لا تستر ما تحتها. والمراد بالمائلات المميلات: اللاتي يتمايلن ويتبخترن في مشيهن للافتتان بهن.
(3)
البخت: نوع من الإبل المشهورة بكبر سنامها، والمراد أن النساء يعتنين بشعورهن وبعظمنّ ذلك، بلف عمامة أو عصابة أو نفش الشعر ونحوه.
(4)
رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة.
(5)
رواه الحاكم عن أبي موسى.
والتزام المرأة البيت لا بمعنى حبسها فيه أو التضييق عليها هو خير شيء للمرأة، قال عليه الصلاة والسلام:«إن المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من رحمة ربها، وهي في قعر بيتها» (1) وهو يدل على وجوب الستر وعدم إظهار المرأة شيئاً من بدنها، وأن في الخروج العمل على إغواء الشياطين لها وإغراء الرجال بها حتى تقع الفتنة.
وليس للزوجة صوم نفل أو تطوع إلا بإذن الزوج، لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا يحل لامرأة أن تصوم، وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه» (2) وروى البزار عن ابن عباس: «أن امرأة من خثعم أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، أخبرني ما حق الزوج على الزوجة، فإني امرأة أيّم، فإن استطعت وإلا جلست أيَّماًَ؟ قال: فإن حق الزوج على زوجته إن سألها نفسها، وهي على ظهر قتب ألا تمنعه، وألا تصوم تطوعاً إلا بإذنه، فإن فعلت جاعت وعطشت ولا تقبل منها، ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه، فإن فعلت لعنتها ملائكة السماء وملائكة الرحمة وملائكة العذاب، قالت: لا جرم، لا أتزوج أبداً» (3).
ومنشأ حق الطاعة بالمعروف: إثبات الله درجة القوامة للرجال على النساء في قوله تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم} [النساء:34/ 4] أي إنما استحقوا هذه المزية لتميزهم برجاحة العقل وقوة الجسد، وبما يلزمون به من الإنفاق على النساء من أموالهم بتقديم المهر والنفقة الزوجية الدائمة.
(1) رواه الترمذي عن ابن مسعود.
(2)
متفق عليه عن أبي هريرة (رياض الصالحين، المكان السابق، نيل الأوطار: 211/ 6).
(3)
رواه البزار، وفيه حسين بن قيس المعروف بحنش، وهو ضعيف، وقد وثقه حصين بن نمير، وبقية رجاله ثقات ولا جرم، أي حقاً.