الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصِيَامِهِ حَتَّى فُرِضَ رَمَضَانُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ» . طرفه 1592
2 - باب فَضْلِ الصَّوْمِ
1894 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّى صَائِمٌ. مَرَّتَيْنِ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ،
ــ
وهذا القول هو الذي ينسخ وجوبه، وعليه يحمل قول من قال: نُسخ وجوبه برمضان، وإنما وجب حمله على هذا لأنّ فرضية رمضان لا تنافي وجوب عاشوراء، والنسخ إنما يكون بالمعارض ليدل على رفع الأول؛ هذا إن قيل بوجوب صومه، كما قال به أبو حنيفة، وهو ظاهر الأمر هنا وسائر الأحاديث، وغيره قال: لم يكن قبل رمضان صوم واجب بحديث رواه معاوية.
باب فضل الصوم
1894 -
(مسلمة) بفتح الميم واللاّم (عن أبي الزناد) -بكسر الزاي بعدها نون- عبد الله بن ذكوان.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصيام جنة) أي: من عذاب الله، أو من ارتكاب المعاصي، لأنّه يكسر القوى الباعثة إلى ارتكابها؛ ولذلك أمر من لم يقدر على النكاح بالصوم (فلا يرفث) أي: لا يقل ما فيه فحش؛ فإنه يورث نقصانًا في صومه قولًا وفعلًا، أصله حديث الرجل مع النساء فاتسع فيه (فلا يجهل) أي: لا يأتي بما فيه جهالة، من عطف العام على الخاص، ويجوز أن يراد: ولا يجهل قدر صومه؛ فإنه عند الله بمكان، ويؤيده قوله:(فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم) أي: يقوله صريحًا ليرتدع الخصم، أو يقول ذلك في نفسه ليرتدع عن مقاتلته، والمفاعلة هنا بمعنى الفعل. يدل عليه الرواية الأخرى:"شتمه".
(والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) الخلوف بضم الخاء: الرائحة الكريهة التي تحصل من عدم الأكل والشرب، قال النووي: المختار في
يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِى، الصِّيَامُ لِى، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا». أطرافه 1904، 5927، 7492، 7538
ــ
توجيه معناه أنّ ثواب الخلوف أكثر من ثواب المسك في الأعياد والجمعات. وفيما قاله نظر؛ لأن ذلك معلوم لكل واحد، ويأباه لفظ "أطيب عند الله" بل الصواب أن هذا كلام على طريقة التمثيل بحال من يتلذذ بالروائح الطيبة، ولما كان المسك أطيب من كل طيب مثّله به، محصله غاية الرّضا بذلك العمل، وأجزل الثواب عليه (يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) هذا قطع من الحديث القدسي؛ وهو الحديث الذي يرويه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى، والفرق بين القرآن والحديث القدسي ليس لفظهُ معجزًا، وتقدير الكلام: قال الله تعالى، وإنما حذفه لأن المقام غير ملتبسٍ على أحد، ويناسب ما قبله في الفضيلة أردفه به (الصيام لي وأنا أجزي به).
فإن قلت: العبادات كلها لله؟ قلت: الإضافة للتشريف؛ كقوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: 1].
فإن قلت: الصلاة أفضل من الصيام؟ قلت: الفضل في الصوم من وجه لا ينافي أفضلية الصلاة مطلقًا.
فإن قلت: ما ذلك الوجه الذي استحق به الصوم هذه الإضافة؟ قلت: قيل لأن سائر العبادات يقع فيها الرياء؛ بخلاف الصوم، ويرد عليه الوضوء، وكثير من العبادات؛ على أنهم اتفقوا على أن الفرائض لا يجري فيها الرياء، فيخرج رمضان الذي هو الأصل في هذا الباب، وقيل: لأن الصوم إمساك عن الأكل والشرب وسائر الشهوات، وذلك من صفاته تعالى، ويرد عليه الصلاة؛ فإنها تشتمل على الإمساك عن المذكورات مع الزيادة، وقيل غيرها.
وأحسن ما قيل فيه: إن الصوم لم يعبد به غيره تعالى في ملة من الملل؛ بخلاف الصلاة وسائر العبادات، فإنه وقع التقرب بها إلى المعبودات الباطلة، فهي عبادة خالصة له تعالى.
فإن قلت: ما معنى قوله: "كل عمل ابن آدم له" فإن كان المراد النفع كما هو الظاهر من معنى الّلام فلا شك أنّ الصّوم لا نفع له، تعالى عن ذلك؟ قلت: معناه ما روى البيهقي: "إن أعمال العباد تؤخذ في المظالم إلاّ الصوم، فإنه يقال: لا يعطى ثوابه لأحد، بل يعطي المظلوم من خزائن فضله" وعلى هذا يظهر معنى اللام، فإن الذي كان للعبد قد أذهب عنه