الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
33 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِىَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِى الْحَجَّةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُحْرِمَ بِالْحَجِّ إِلَاّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَكَرِهَ عُثْمَانُ - رضى الله عنه - أَنْ يُحْرِمَ مِنْ خُرَاسَانَ أَوْ كَرْمَانَ.
ــ
باب قول الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197]
أي وقت الحج؛ للحج ميقات مكاني وميقات زماني، وفي هذه الباب بيان الميقات الزّماني.
(وقال ابن عمر: أشهر الحج) أي: المذكورة في الآية (شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة) قال بعضهم: هذا الذي قاله ابن عمر مذهب أبي حنيفة. وعند الشافعي ذي الحجة وليلة يوم النحر. وهذا سهو منه؛ فإن العشر في قول ابن عمر صفة الليالي؛ أي: عشر ليالٍ لاتفاق النسخ على عدم التاء في عشر، يقال: عشرة أيام وعشر ليال.
فإن قلت: كيف جوّز أبو حنيفة الإحرام في جميع السنة مع مخالفته للآية والحديث؟.
قلت: حمل هذا على الكمال.
فإن قلت: كيف حمل مالك الأشهر على الثلاث، وقال: وقت الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة، وكيف يُعقل أن يكون ذو الحجة كله وقتًا؟. قلت: أراد بالوقت وقت أعمال الحج؛ لا وقت الإحرام. قال ابن الحاجب: وفائدته وجوب الدَّم إن أخَّر طواف الإفاضة إلى أن خرج الشهر.
(وقال ابن عباس: من السنّة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج) هذا يدل على أنّه كان يجوز الإحرام في سائر الأشهر؛ كما قاله أبو حنيفة (وكره عثمان أن يحرم من خراسان أو كرمان) -بكسر الكاف وسكون الراء- لأنه بعيد يشق عليه، وأيضًا اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهذا أحدُ قولي الشافعي، واختاره النووي، وبه قال مالك وأحمد، واختار أبو حنيفة أنَّ دويرة أهله أفضل لكونه أكثر مشقة؛ وهو أحد قولي الشافعي، واختاره الرّافعي.
1560 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِىُّ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَلَيَالِى الْحَجِّ وَحُرُمِ الْحَجِّ، فَنَزَلْنَا بِسَرِفَ قَالَتْ فَخَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ «مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ مَعَهُ هَدْىٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْىُ فَلَا» . قَالَتْ فَالآخِذُ بِهَا وَالتَّارِكُ لَهَا مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَتْ فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَكَانُوا أَهْلَ قُوَّةٍ، وَكَانَ مَعَهُمُ الْهَدْىُ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْعُمْرَةِ قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِى فَقَالَ «مَا يُبْكِيكِ يَا هَنْتَاهْ» . قُلْتُ سَمِعْتُ قَوْلَكَ لأَصْحَابِكَ فَمُنِعْتُ الْعُمْرَةَ. قَالَ «وَمَا شَأْنُكِ» . قُلْتُ لَا أُصَلِّى. قَالَ «فَلَا يَضِيرُكِ، إِنَّمَا أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِنَّ، فَكُونِى فِي حَجَّتِكِ،
ــ
فإن قلت: الكلام في زمن الإحرام، فأي دخل لخراسان فيه؟ قلت: أشار إلى أنّ المكان بعيد؛ فلا بدّ أن يكون إحرامه قبل أشهر الحج.
1560 -
(محمد بن بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (حميد) بضم الحاء مصغر.
(خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أشهر الحجّ وليالي الحج).
فإن قلت: ما وجه ذكر ليالي الحج بعد ذكر أشهر الحج؟ قلت: أرادت قرب وقت الحج والزمان الذي تقع فيه أعمال الحج، وإطلاق الليالي لأنها غرر الأيام.
(وحُرُم الحجِّ) -بضم الحاء والرّاء- جمع حرام؛ أي: في زمان يحرم على الحاج الصيد ونحوه، وضبطه الأصيلي بفتح الرّاء على أنه جمع حرمه؛ وهي محرمات الإحرام. قال الجوهري: الحرمة ما لا يجوز انتهاكه.
(فنزلنا بسرف) -بفتح السين وكسر الرّاء- يصرف، ولا يصرف باعتبار البقعة والمكان، والرواية عدم الانصراف؛ وهو مكان بينه وبين مكة عشرة أميال تقريبًا (والآخذ بها) -بفتح الهمزة والمد- والضمير يحمله ما قاله، أو للمذكور باعتبار الكلمة.
(فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال: ما يبكيك يا هَنْتَاه؟) مؤنث هن؛ كناية عن النكرة كشيء، والمراد: يا غافلة عن جيل النساء. وقيل معناه: يا هذه، والنون فيه ساكنة، وقد تفتح، والهاء فيه للسكت (قلت: لا أُصلّي) كناية حسنةٌ عن الحيض (فقال: لا يضيرك) -بكسر الضاد بعدها ياء ساكنة- مرادف الضر (كوني في حجك) هذا صريح في أنها كانت