الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(9) ومن سورة إبراهيم
[2878]
عن البراء بن عازب: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَولِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا وَفِي الآخِرَةِ} قال: نزلت في عذاب القبر.
رواه البخاريُّ (1369)، ومسلم (2871)(74)، وأبو داود (4750)، والترمذيُّ (3119)، والنسائي (6/ 101)، وابن ماجه (4269).
[2879]
وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء
ــ
{لِيُظهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} ، وقد أظهره على كل الأديان وأبقاه مع تجدد (1) الأزمان، كيف لا وقد امتد الإسلام في معمور الأرض، من مشرقها إلى أقصى مغربها حتى غلب أهلُه الأكاسرة والقياصرة والهراقلة والتتابعة والبلاد اليمنية وكثيرا من البلاد الهندية، فغلبوا على متعبداتهم ومواضع قرباتهم وصلواتهم، فلقد صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، فلا شيء بعده.
(9)
ومن سورة إبراهيم
(قوله يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء)؛ أي: تضرب إلى الحمرة. والعفرة: بياض ليس ناصعا، بل يضرب إلى الحمرة، وكأنها تغيرت من لهب النار.
(1) في (ز): اتحاد.
كقرصة النقي، ليس فيها علم لأحد.
رواه البخاريُّ (6521)، ومسلم (2790).
ــ
و(قوله كقرصة النقي)، القرصة: الخبزة. النقي - بفتح النون وكسر القاف - هو الحوّارى، وهو الدرمك، سمي بذلك لأنَّه ينقى ويصفى من نخالته ومما يغيره.
و(قوله ليس فيها علم لأحد)، الرواية المشهورة بفتح العين المهملة واللام؛ أي: ليس فيها علامة لأحد ولا أثر، أي لم يكن فيها أحد فيكون له أثر. قال ابن عباس: لم يعمل عليها خطيئة، وقد وجدته في أصل الشيخ أبي الصبر أيوب ليس بها عِلم لأحد بالباء الموحدة وبكسر العين وسكون اللام؛ أي: لم يتقدم بها لأحد من الخلق علم. وهذا الحديث والذي بعده يدل على أن المراد بتبديل الأرض المذكورة في قوله تعالى: {يَومَ تُبَدَّلُ الأَرضُ غَيرَ الأَرضِ} إنه تبديل ذات بذات، فيُذهب بهذه الأرض ويؤتى بأرض أخرى، وهو قول جمهور العلماء، وقال الحسن: تبدل صورتها ويطهر دنسها. وقال ابن عباس: تبدل آكام الأرض ونجوم السماء. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: تُمَد الأرض مد الأديم (1)، وأما تبديل السماوات فروي عن علي رضي الله عنه: تبدل الأرض فضة والسماء ذهبا (2). كعب: الأرض نارا والسماء جنة (3) - أي: يُزاد فيها. القاسم بن محمد: تطوى السماء كطي السجل. ابن الشجري (4): تنشق فلا تظل. ابن الأنباري: تختلف أحوالها كالمهل والدهان.
(1) رواه البيهقي في البعث والنشور رقم (669).
(2)
ذكره الطبري في تفسيره (7/ 481).
(3)
المصدر السابق.
(4)
هو هبة الله بن علي بن الشجري، من أهل العلم باللغة والأدب وأحوال العرب، توفي سنة (542 هـ).
[2880]
وعَن عَائِشَةَ قَالَت: سَأَلتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَن قَولِهِ تعالى: {يَومَ تُبَدَّلُ الأَرضُ غَيرَ الأَرضِ وَالسَّمَاوَاتُ} فَأَينَ يَكُونُ النَّاسُ يَومَئِذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: عَلَى الصِّرَاطِ.
رواه مسلم (2791)، والترمذي (3120).
ــ
و(قوله صلى الله عليه وسلم في جواب عائشة رضي الله عنها على الصراط) ظاهره الصراط الذي هو جسر ممدود على متن جهنم، كما قد قال في الحديث المتقدِّم هم في الظلمة دون الجسر (1)، أي: على الجسر.
قلت: وهذا كله ممكن، والقدرة صالحة، ومن الممكن أن يعدم الله الأرض التي يخرجون منها، ويوجد أرضا أخرى وهم عليها ولا يشعرون بذلك.
و(قوله: تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة)؛ يعني الأرض التي يخرجون منها يقلبها الله تعالى بقدرته كما يقلب أحدنا خبزته، وهو تمثيل لسرعة الانقلاب وسهولته. ويكفؤها: مهموز، من كفأت الإناء إذا قلبته، ووقع في بعض النسخ يتكفؤها كما يتكفؤ بزيادة تاء. والمعنى واحد، وظاهره أن هذه الأرض تقلب فيعاد ما كان أسفلها أعلاها كما يفعل بالخبزة، وهو تبديل صحيح؛ لأنَّ الوجه الذي كان أسفل هو أرض أخرى غير الوجه الذي كان أعلى، فهو تبديل محقق، فيجوز أن يكون هذا هو التبديل الذي أراد الله تعالى في الآية المتقدِّمة، والله تعالى أعلم - وعلى هذا فيكون قوله نزلا لأهل الجنة مفعولا بفعل مضمر تقديره: يُعَد نزلا لأهل الجنة (2)، والنزل: هو ما يعد للضيف من طعام وشراب وكرامة، وهو بضم النون والزاي، وقد يقال النزل على المنزل
(1) رواه مسلم (315).
(2)
ما بين حاصرتين ساقط من (ز).
[2881]
وعَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ، عَن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: تَكُونُ الأَرضُ يَومَ القِيَامَةِ خُبزَةً وَاحِدَةً، يَكفَؤُهَا الجَبَّارُ بِيَدِهِ كَمَا يَكفَأُ أَحَدُكُم خُبزَتَهُ فِي السَّفَرِ، نُزُلًا لِأَهلِ الجَنَّةِ. فَأَتَى رَجُلٌ مِن اليَهُودِ فَقَالَ: بَارَكَ الرَّحمَنُ عَلَيكَ أَبَا القَاسِمِ! أَلَا أُخبِرُكَ بِنُزُلِ أَهلِ الجَنَّةِ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: تَكُونُ الأَرضُ خُبزَةً وَاحِدَةً. . . (كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَت نَوَاجِذُهُ، فقَالَ: أَلَا أُخبِرُكَ بِإِدَامِهِم؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: إِدَامُهُم بَالَام وَنُونٌ. قَالُوا: وَمَا هَذَا؟ قَالَ: ثَورٌ وَنُونٌ، يَأكُلُ مِن زيادة كَبِدِهِمَا سَبعُونَ أَلفًا.
رواه البخاريُّ (6520)، ومسلم (2792).
* * *
ــ
أيضًا وعلى الإنزال. والنواجذ يراد بها الضواحك، وقد تقدَّم استيعاب الكلام فيه.
و(قوله ألا أخبرك بإدامهم؟ )، هذا قول اليهودي لا قول النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم هو القائل بلى يستخرج بذلك ما عند اليهودي من ذلك ليظهر للحاضرين موافقة اليهودي للنبي صلى الله عليه وسلم فيما كان يخبرهم عنه من إدام أهل الجنة، فقد جاء في حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أخبر أصحابه بذلك وأن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما تقدم في الطهارة من حديث ثوبان (1).
و(قوله: إدامهم بالام ونون)، هكذا الرواية الصحيحة التي لا يروى غيرها، فأما بالام فيعني به اليهودي الثور الذي كان يأكل من أطراف الجنة كما في حديث ثوبان، فكانت هذه كلمة عبرانية تكلم بها اليهودي على لسانه، وقد قال
(1) رواه مسلم (315).