الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(18) باب المبادرة بالعمل الصالح والفتن وفضل العبادة في الهرج
[2842]
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بادروا بالأعمال ستا: طلوع الشمس من مغربها، أو الدخان، أو الدجال، أو الدابة، أو خاصة أحدكم، أو أمر العامة.
وفي رواية: الدجال والدخان ودابة الأرض وطلوع الشمس من
ــ
(18 و 19 و 20) ومن باب: المبادرة بالعمل الصالح الموانع والفتن (1)
(قوله: بادروا) أي: سابقوا بالأعمال الصالحة، واغتنموا التمكن منها قبل أن يحال بينكم وبينها بداهية من هذه الدواهي المذكورة، فيفوت العمل للمانع، أو تعدم منفعته لعدم القبول، وقد تقدم القول على أكثر هذه الست.
و(قوله: وخاصة أحدكم) يعني به: الموانع التي تخصه مما يمنعه العمل، كالمرض والكبر والفقر المنسي، والغنى المطغي، والعيال والأولاد، والهموم، والأنكاد، والفتن، والمحن إلى غير ذلك مما لا يتمكن الإنسان مع شيء منه من عمل صالح، ولا يسلم له، وهذا المعنى هو الذي فصّله في حديث آخر حيث قال: اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك (2).
(1) شرح المؤلف رحمه الله تحت هذا العنوان: هذا الباب والبابين التاليين له وهما: باب: إغراء الشيطان بالفتن. وباب: قوله صلى الله عليه وسلم: "لتتبعنَّ سنن الذين من قبلكم. . .".
(2)
رواه الحاكم (4/ 306).
مغربها، وأمر العامة وخويصة أحدكم.
رواه أحمد (2/ 324)، ومسلم (2947)(128 و 129).
[2843]
وعن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العبادة في الهرج كهجرة إلي.
رواه أحمد (5/ 25)، ومسلم (2948)، والترمذيُّ (2201)، وابن ماجه (3985).
* * *
ــ
و(قوله: وأمر العامة) يعني: الاشتغال بهم فيما لا يتوجه على الإنسان فرضه؛ فإنَّهم يفسدون من يقصد إصلاحهم، ويهلكون من يريد حياتهم، لا سيما في مثل هذه الأزمان التي قد مرجت فيها عهودهم وخانت أماناتهم، وغلبت عليهم الجهالات والأهواء، وأعانهم الظلمة والسفهاء، وعلى هذا فعلى العامل بخويصة نفسه، والإعراض عن أبناء جنسه إلى حلول رمسه، أعاننا الله على ذلك بفضله وكرمه. وقد جاءت هذه الستة في إحدى الروايتين معطوفة بـ (أو) فيجوز أن تكون للتنويع، أي: اتقوا أن يصيبكم أحد هذه الأنواع، ويصح أن تكون بمعنى الواو، كما جاء في الرواية الأخرى.
و(قوله: العبادة في الهرج كهجرة إلي) قد تقدَّم أن الهرج: الاختلاط والارتباك، ويراد به هنا الفتن والقتل، واختلاط الناس بعضهم في بعض، فالمتمسك بالعبادة في ذلك الوقت، والمنقطع إليها المعتزل عن الناس، أجره كأجر المهاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّه يناسبه من حيث أن المهاجر قد فر بدينه عمن يصده عنه إلى الاعتصام بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك هو المنقطع للعبادة، فر من الناس بدينه إلى الاعتصام بعبادة ربه، فهو على التحقيق قد هاجر إلى ربه، وفر من جميع خلقه.