الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(19) باب ما يقال عند الأكل والشرب والدعاء للمسلم بظهر الغيب
[2660]
عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها.
رواه أحمد (3/ 100)، ومسلم (2734)، والترمذي (1817).
ــ
وهو معنى: الله أكبر. فقد ظهر لك أن هذه الأربعة الأذكار متلازمة في المعنى، وأنها قد شملها لفظ الأحبية، كما جاء في الحديث. فمن نطق بجميعها فقد ذكر الله تعالى بأحب الكلام إلى الله، لفظا ومعنى، ومن نطق بأحدها فقد ذكر الله ببعض أحب الكلام نطقا، وبجميعها معنى من جهة اللزوم الذي ذكرناه. فتدبر هذه الطريقة، فإنَّها حسنة، وبها يرتفع التعارض المتوهم بين تلك الأحاديث - والله تعالى أعلم - ولم أجد في كلام المشايخ ما يقنع، وقد استخرت الله فيما ذكرته.
[(19) ومن باب: ما يقال عند الأكل والشرب والدعاء للمسلم بظهر الغيب](1)
(قوله: إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة، فيحمده عليها، أو يشرب الشربة، فيحمده عليها) قد تقدَّم أن الأكلة بفتح الهمزة: المرة الواحدة من الأكل، وبالضم: اللقمة، ويصلح هذا اللفظ هنا للتقييدين، وبالفتح وجدته مقيدا في كتاب شيخنا. والحمد هنا بمعنى الشكر، وقد قدمنا: أن الحمد يوضع موضع الشكر،
(1) هذا العنوان لم يردْ في المفهم، واستدركناه من التلخيص.
[2661]
وعن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل.
رواه مسلم (2732)(86).
* * *
ــ
ولا يوضع الشكر موضع الحمد، وفيه دلالة على أن شكر النعمة، وإن قلت سبب نيل رضا الله تعالى، الذي هو أشرف أحوال أهل الجنة، وسيأتي قول الله عز وجل لأهل الجنة حين يقولون: أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك، فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ [فيقولون: ما هو؟ ألم تبيض وجوهنا، وتدخلنا الجنة، وتزحزحنا عن النار؟ ](1)، فيقول: أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدا (2). وإنما كان الشكر سببا لذلك الإكرام العظيم؛ لأنَّه يتضمن معرفة المنعم، وانفراده بخلق تلك النعمة، وبإيصالها إلى المنعم عليه، تفضلا من المنعم وكرما ومنة، وإن المنعم عليه فقير محتاج إلى تلك النعم، ولا غنى به عنها، فقد تضمن ذلك معرفة حق الله وفضله، وحق العبد وفاقته وفقره، فجعل الله تعالى جزاء تلك المعرفة تلك الكرامة الشريفة.
و(قوله: ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل) المسلم هنا: هو الذي سلم المسلمون من لسانه ويده، الذي يحب للناس ما يحب لنفسه؛ لأنَّ هذا هو الذي يحمله حاله وشفقته على أخيه المسلم أن يدعو له بظهر الغيب، أي: في حال غيبته عنه، وإنما خص حالة الغيبة بالذكر لبعدها عن الرياء، والأغراض المفسدة أو المنقصة؛ فإنه في حال الغيبة يتمحض الإخلاص، ويصح قصد وجه الله تعالى بذلك، فيوافقه الملك في الدعاء، ويبشره على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بأن له مثل ما دعا به لأخيه. والأخوة هنا: هي الأخوة الدينية، وقد
(1) ما بين حاصرتين سقط من (ع) و (م 4).
(2)
رواه البخاري (6549)، ومسلم (2829).