الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2) باب إذا مات المرء عرض عليه مقعده وما جاء في عذاب القبر
[2721]
عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل
ــ
جميعهم بعذاب يرسله على جميعهم، صالحهم وطالحهم، فأما تعذيب الصالح فترفيع له في درجاته، وتكثير لثوابه، ثم يحشر على نيته الصالحة، فتتم له الصفقة الرابحة، وأما تعذيب الطالح فانتقام منه، المؤخر له أعظم من الواقع به، وهذا نحو مما قالته عائشة رضي الله عنها: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث (1).
(2 و 3 و 4 و 5) ومن باب: من عرض مقعده عليه بعد الموت (2)
(قوله: إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة والعشي) هذا منه صلى الله عليه وسلم إخبار عن غير الشهداء؛ فإنه قد تقدم أن أرواحهم في حواصل طير تسرح في الجنة، وتأكل من ثمارها، وغير الشهداء: إما مؤمن، وإما غير مؤمن. فغير المؤمن هو الكافر. فهذا يرى مقعده من النار غدوا وعشيا، وهذا هو المعني بقوله تعالى:{النَّارُ يُعرَضُونَ عَلَيهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدخِلُوا آلَ فِرعَونَ أَشَدَّ العَذَابِ} وأما المؤمن: فإما ألا يدخل النار، أو يدخلها بذنوبه، فالأول يرى
(1) رواه الترمذي (2185)، وهو في مسلم (2880) من حديث زينب بنت جحش.
(2)
شرح المؤلف رحمه الله تحت هذا العنوان: هذا الباب والأبواب الثلاثة التالية له في التلخيص، وهي: باب: سؤال الملكين، وباب: في أرواح المؤمنين والكافرين، وباب: ما جاء أن الميت ليسمع ما يقال.
الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة.
وفي رواية: هذا مقعدك الذي تبعث إليه يوم القيامة
رواه أحمد (2/ 113)، والبخاريُّ (1379)، ومسلم (2866)(65 و 66)، والترمذيُّ (1072)، والنسائي (4/ 107)، وابن ماجه (4270).
[2722]
وعن زيد بن ثابت؛ قال: بَينَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ عَلَى بَغلَةٍ لَهُ، وَنَحنُ مَعَهُ؛ إِذ حَادَت بِهِ فَكَادَت تُلقِيهِ، وَإِذَا أَقبُرٌ سِتَّةٌ أَو خَمسَةٌ أَو أَربَعَةٌ (كَذَا كَانَ يَقُولُ الجُرَيرِيُّ) فَقَالَ: مَن يَعرِفُ أَصحَابَ هَذِهِ الأَقبُرِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، قَالَ: فَمَتَى مَاتَ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: مَاتُوا فِي الإِشرَاكِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبتَلَى فِي قُبُورِهَا، فَلَولَا أَلا تَدَافَنُوا لَدَعَوتُ اللَّهَ أَن يُسمِعَكُم مِن عَذَابِ القَبرِ الَّذِي أَسمَعُ مِنهُ. ثُمَّ أَقبَلَ عَلَينَا
ــ
مقعده من الجنة، لا يرى غيره رؤية خوف، وأما المؤمن المؤاخذ بذنوبه فله مقعدان: مقعد في النار زمن تعذيبه، ومقعد في الجنة بعد إخراجه، فهذا يقتضي أن يعرضا عليه بالغداة والعشي، إلا إن قلنا: إنه أراد بأهل الجنة كل من يدخلها كيف كان، فلا يحتاج إلى ذلك التفسير، والله أعلم. وهذا الحديث وما في معناه يدل على أن الموت ليس بعدم، وإنما هو انتقال من حال إلى حال ومفارقة الروح للبدن، ويجوز أن يكون هذا العرض على الروح وحده، ويجوز أن يكون عليه مع جزء من البدن ، والله أعلم بحقيقة ذلك. والغداة والعشي: إنما هما بالنسبة إلى الحي لا بالنسبة إلى الميت؛ إذا لا يتصور في حقه شيء من ذلك.
و(قوله: لولا ألا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه) قد تقدم القول على عذاب القبر، وأنه مما يجب الإيمان به، وقد صح
بِوَجهِهِ فَقَالَ: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِن عَذَابِ النَّارِ، قَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِن عَذَابِ النَّارِ، فَقَالَ: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِن عَذَابِ القَبرِ، قَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِن عَذَابِ القَبرِ، قَالَ: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِن الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَنَ، قَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِن الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَنَ، قَالَ: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِن فِتنَةِ الدَّجَّالِ، قَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِن فِتنَةِ الدَّجَّالِ.
رواه أحمد (5/ 190)، ومسلم (2867)(67).
[2723]
وعن أبي أيوب قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما غربت الشمس فسمع صوتا، فقال: يهود تعذب في قبورها.
رواه أحمد (5/ 345)، والبخاريُّ (1375)، ومسلم (2869)، والنسائي (4/ 102).
* * *
ــ
الإخبار عنه في الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، ولا يلتفت لاستبعاد المبتدعة، فإن الإمكانات متسعة والقدرة صالحة، وامتناع التدافن لو سمع عذاب القبر يحتمل أن يكون سببه: غلبة الخوف عند سماعه، فيغلب الخوف على الحي فلا يقدر على قرب القبر للدفن، أو يهلك الحي عند سماعه؛ إذ لا يطاق سماع شيء من عذاب الله في هذه الدار. بل: بنفس سماعه يهلك السامع؛ لضعف هذه القوى في هذه الدار. ألا ترى أنه إذا سمع الناس صعقة الرعد القاصف أو الزلازل الهائلة هلك كثير من الناس؟ أو أين صعقة الرعد من صيحة الذي تضربه الملائكة بمطارق الحديد، التي يسمعها كل من يليه إلا الثقلين؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم: ولو سمعها إنسان لصعق (1).
(1) رواه أحمد (3/ 41 و 58)، والبخاري (1314).