الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَرفُضُونَ مَا فِي أَيدِيهِم وَيُقبِلُونَ، فَيَبعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي لَأَعرِفُ أَسمَاءَهُم وَأَسمَاءَ آبَائِهِم وَأَلوَانَ خُيُولِهِم، هُم خَيرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهرِ الأَرضِ يَومَئِذٍ، أَو: مِن خَيرِ فَوَارِسَ عَلَى ظَهرِ الأَرضِ يَومَئِذٍ.
رواه أحمد (1/ 435)، ومسلم (2899).
* * *
(9) باب تقوم الساعة والروم أكثر الناس وما يفتح للمسلمين مع ذلك
[2803]
عن موسى بن علي عن أبيه قال: قَالَ المُستَورِدُ القُرَشِيُّ عِندَ عَمرِو بنِ العَاصِ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكثَرُ النَّاسِ، فَقَالَ لَهُ عَمرٌو: أَبصِر مَا تَقُولُ، قَالَ: أَقُولُ مَا سَمِعتُ
ــ
بالياء باثنتين من تحتها وبالهمزة. والصريخ: الصارخ، أي: الصوت عند الأمر الهائل أو الصراخ، ويرفضون: يرمون ويتركون، والطليعة: هو الذي يتطلع الأمر ويستكشفه.
و(قوله: إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم) دليل على صحة ما قلناه من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أعلم بتفاصيل ما يجري بعده، وأشخاص من يجري منه شيء له تعلق بالأمة.
و(قوله: تقوم الساعة والروم أكثر الناس) هذا الحديث رواه مسلم من طريقين: أحدهما: لا تعقب فيه عليه، والآخر: فيه تعقب. وهو الذي قال فيه: حدثني حرملة بن يحيى التجيبي، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثني أبو شريح أن
مِن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: لَئِن قُلتَ ذَلِكَ إِنَّ فِيهِم لَخِصَالًا أَربَعًا: إِنَّهُم لَأَحلَمُ النَّاسِ عِندَ فِتنَةٍ، وَأَسرَعُهُم إِفَاقَةً بَعدَ مُصِيبَةٍ، وَأَوشَكُهُم كَرَّةً بَعدَ فَرَّةٍ، وَخَيرُهُم لِمِسكِينٍ وَيَتِيمٍ وَضَعِيفٍ، وَخَامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ: وَأَمنَعُهُم مِن ظُلمِ المُلُوكِ.
في رواية: وأجبر الناس عند مصيبة.
رواه مسلم (2898)(35 و 36).
ــ
عبد الكريم بن الحارث حدثه أن المستورد القرشي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك. قال الدارقطني: عبد الكريم لم يدرك المستورد، والحديث مرسل.
قلت: هذا الإسناد ذكره مسلم مردفا على الإسناد السليم الذي لا تعقب فيه، وكأن مسلما تحقق ما قاله الدارقطني، ولذلك أردفه على الإسناد الأول الذي هو عُمدته وعلى شرطه. وهذا وغيره مما تقدَّم مثله يدلّ على أن القسم الثالث الذي ذكره مسلم في أول كتابه أدخله في مسنده، والله أعلم.
وهذا الحديث قد صدقه الوجود، فإنَّهم اليوم أكثر من في العالم غير يأجوج ومأجوج؛ إذ قد عمروا من الشام إلى أقصى منقطع أرض الأندلس، وقد اتسع دين النصارى اتساعا عظيما لم تتسعه أمة من الأمم، وكل ذلك بقضاء الله تعالى وقدره. ووصف عبد الله بن عمرو لهم بما وصفهم به من تلك الأوصاف الجميلة، إنما كانت غالبة على الروم الذين أدرك هو زمانهم، وأما ما في الوجود منهم اليوم فهم أنجس الخليقة وأركسهم، وهم موصوفون بنقيض تلك الأوصاف.
و(قوله: وأجبر الناس عند مصيبة) كذا رواية الجمهور، وهو من جبرت العظم والرِّجل: إذا شددت مفاقره، وقد فسر معنى هذه الرواية في الرواية الأخرى التي قال فيها: وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة ووقع لبعضهم: أصبر الناس بدل: أجبر الناس. والأول أصح وأحسن.
[2804]
وعَن جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ عَن نَافِعِ بنِ عُتبَةَ - هو ابن أبي وقاص - قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزوَةٍ، قَالَ: فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَومٌ مِن قِبَلِ المَغرِبِ، عَلَيهِم ثِيَابُ الصُّوفِ، فَوَافَقُوهُ عِندَ أَكَمَةٍ، فَإِنَّهُم لَقِيَامٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ، قَالَ: فَقَالَت لِي نَفسِي: ائتِهِم فَقُم بَينَهُم وَبَينَهُ، لَا يَغتَالُونَهُ، قَالَ: ثُمَّ قُلتُ: لَعَلَّهُ نَجِيٌّ مَعَهُم، فَأَتَيتُهُم فَقُمتُ بَينَهُم وَبَينَهُ، قَالَ: فَحَفِظتُ مِنهُ أَربَعَ كَلِمَاتٍ أَعُدُّهُنَّ فِي يَدِي، قَالَ: تَغزُونَ جَزِيرَةَ العَرَبِ فَيَفتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ فَارِسَ فَيَفتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغزُونَ الرُّومَ فَيَفتَحُهَا اللَّهُ،
ــ
و(قوله: أتى النبي صلى الله عليه وسلم قوم من قبل المغرب - يعني: من قبل مغرب المدينة - عليهم ثياب الصوف) هذا لباس أهل البادية، والأكمة: القطعة الغليظة من الرمل. ووافقوه (1): وقفوا أمامه، فوقف لهم، أو استدعوا منه ذلك.
و(قوله: قالت لي نفسي: ائتهم فقم بينهم) كذا الرواية المعروفة، وفي بعض الروايات: إذ قالت لي نفسي ائتهم - بزيادة إذ - ومعنى ائتهم: جئهم. ويغتالونه: يقتلونه غيلة؛ أي: خديعة. والنجي: المناجي، وهو المتحدث في خلوة.
و(قوله: تغزون فارس فيفتحها الله. . . الحديث إلى آخره) هذا الخطاب وإن كان لأولئك القوم الحاضرين فالمراد هم ومن كان على مثل حالهم من الصحابة والتابعين الذين فتحت بهم تلك الأقاليم المذكورة، ومن يكون بعدهم من أهل هذا الدين الذين يقاتلون في سبيل الله إلى قيام الساعة. ويرجع معنى هذا الحديث إلى الحديث الآخر الذي قال فيه: لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم إلى قيام الساعة (2).
(1) في (ز): واقفوه.
(2)
رواه أحمد (5/ 34)، والترمذي (2192).