الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(5) ومن سورة العقود
[2867]
عن طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر فقال: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا نزلت معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدا! قال: وأي آية؟ قال: {اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دِينًا} فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي أنزلت فيه والمكان الذي أنزلت فيه؛ نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة في يوم جمعة.
رواه البخاري (4606)، ومسلم (3017)(5)، والترمذي (3046)، والنسائي (8/ 114).
ــ
(5)
ومن سورة العقود (1)
(قوله تعالى: {اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دِينًا} ، يعني باليوم يوم عرفة في حجة الوداع التي نزلت فيها هذه الآية، كما جاء في هذا الحديث من قول عمر رضي الله عنه، وهذا أولى من قول مجاهد: هو يوم فتح مكة. ودينكم؛ أي: شرائع دينكم، فإنَّها نزلت نجوما، وآخر ما نزل فيها هذه الآية، ولم ينزل بعدها حكم - قاله ابن عباس. وقال القتبي: يعني برفع النسخ. قتادة: يعني أمر حجكم؛ إذ لم يحج في تلك السنة مشرك ولا طاف بالبيت عريان، ووقف الناس كلهم بعرفة.
و(قوله: {وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتِي})؛ أي: بإكمال الشرائع والأحكام وإظهار دين الإسلام. ورضيت لكم الإسلام دينا؛ أي: أعلمتكم برضاي به لكم دينا، فإنَّه تعالى لم يزل راضيا بالإسلام لنا دينا، فلا يكون لاختصاص الرضا بذلك اليوم فائدة إن حملناه على ظاهره، ويحتمل أن يريد ورضيت الإسلام لكم دينا قائما بكماله لا أنسخ منه شيئًا، والله تعالى أعلم.
(1) هي سورة المائدة.
[2868]
وعَن ابنِ عُمَرَ قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ عَلَى مِنبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثنَى عَلَيهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعدُ، أَلَا وَإِنَّ الخَمرَ نَزَلَ تَحرِيمُهَا يَومَ نَزَلَ وَهِيَ مِن خَمسَةِ أَشيَاءَ؛ مِن الحِنطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمرِ، وَالزَّبِيبِ، وَالعَسَلِ. وَالخَمرُ مَا خَامَرَ العَقلَ، وَثَلَاثَةُ أَشيَاءَ وَدِدتُ أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَهِدَ إِلَينَا فِيهَا: الجَدُّ، وَالكَلَالَةُ، وَأَبوَابٌ مِن أَبوَابِ الرِّبَا.
وفي رواية العنب بدل الزبيب، وكان عهد إلينا فيهن عهدا ننتهي إليه.
رواه البخاريُّ (4619)، ومسلم (3032)(32 و 33)، وأبو داود (3669)، والترمذي (1874 و 1875)، والنسائي (8/ 295).
[2869]
وعَن ابنِ شِهَابٍ قَالَ: سَمِعتُ سَعِيدَ بنَ المُسَيَّبِ يَقُولُ: إِنَّ البَحِيرَةَ الَّتِي يُمنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ، فَلَا يَحلُبُهَا أَحَدٌ مِن النَّاسِ، وَأَمَّا السَّائِبَةُ الَّتِي كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِم، فَلَا يُحمَلُ عَلَيهَا شَيءٌ. وَقَالَ
ــ
و(قول عمر رضي الله عنه ألا وإن الخمر نزل تحريمها يوم نزل وهي من خمسة أشياء. . .) الحديث - دليل واضح يقارب القطع بأن النبيذ يسمى خمرا وأن اسم الخمر ليس مقصورا على ما يعتصر من العنب، وأن الخمر كل ما خامر العقل؛ فإنَّ عمر رضي الله عنه قال بذلك ونص عليه في معدن الفصاحة، وبين خيار أهل البلاغة وهم من هم علما وفضلا وقوة وعدلا، لا يخافون في الله لومة لائم، ولا يبالون في الحق باقتحام العظائم، فلو لم يكن ما قاله لسانهم، ومعرفة ذلك شأنهم لبادروا بالإنكار، ولما وجد منهم صحيح ذلك الإقرار.
وقد تقدَّم القول على هذا الحديث في الأشربة وفي الصلاة، وتقدم القول أيضًا في البحيرة والسائبة في الكسوف.
ابنُ المُسَيَّبِ: قَالَ أَبُو هُرَيرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: رَأَيتُ عَمرَو بنَ عَامِرٍ الخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصبَهُ فِي النَّارِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَن سَيَّبَ السوائب.
وفي رواية: عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف، أخا بني كعب هؤلاء.
رواه أحمد (2/ 366)، والبخاريّ (3521)، ومسلم (2856)(50 و 51).
[2870]
وعن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو تابعني من اليهود عشرة لم يبق على ظهرها يهودي إلا أسلم.
رواه البخاريُّ (3941)، ومسلم (2793).
* * *
ــ
و(قوله صلى الله عليه وسلم لو تابعني من اليهود عشرة لم يبق على ظهرها يهودي إلا أسلم)؛ يعني - والله تعالى أعلم - عشرة معينين، وكأنهم كانوا رؤساء اليهود وزعماءهم وذوي رأيهم في ذلك الوقت، فلو أسلموا لتابعهم من دونهم من أتباعهم، ولو كان ذلك لأضففت (1) يهود المدينة وجهاتها على الدخول في الإسلام، وعليها إعادة الضمير في قوله لم يبق على ظهرها.
* * *
(1)"أصفقت": اجتمعت.