الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(6) باب في الحشر وكيفيته
[2730]
عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا. قلت: يا رسول الله، الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال صلى الله عليه وسلم: يا عائشة إن الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض.
رواه البخاريُّ (6527)، ومسلم (2859)، والنسائي (4/ 114).
[2731]
وعَن ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَوعِظَةٍ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُم تُحشَرُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً غُرلًا {كَمَا بَدَأنَا أَوَّلَ خَلقٍ نُعِيدُهُ وَعدًا عَلَينَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} أَلَا وَإِنَّ أَوَّلَ الناس يُكسَى يَومَ القِيَامَةِ إِبرَاهِيمُ، أَلَا إِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِن أُمَّتِي فَيُؤخَذُ بِهِم ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدرِي مَا
ــ
(6)
ومن باب: الحشر وكيفيته
الحشر: الجمع. ومنه قوله تعالى: {وَحَشَرنَاهُم فَلَم نُغَادِر مِنهُم أَحَدًا} والغرل: جمع أغرل، وهو الأقلف، والغرلة والقلفة: ما يقطعه الخاتن.
و(قوله: {كَمَا بَدَأنَا أَوَّلَ خَلقٍ نُعِيدُهُ}) أي: يعيده على خلقته الأولى لا ينقص منها شيء.
و(قوله: ألا إن أول الناس يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام هذا، يدل على أن الناس كلهم - الأنبياء وغيرهم - يحشرون عراة، كما قال في الحديث
أَحدَثُوا - وفي رواية: بَعدَكَ - فَأَقُولُ كَمَا قَالَ العَبدُ الصَّالِحُ: {وَكُنتُ عَلَيهِم شَهِيدًا مَا دُمتُ فِيهِم} إلى قوله: {أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} قَالَ: فَيُقَالُ: إِنَّهُم لَم يَزَالُوا مدبرين مُرتَدِّينَ عَلَى أَعقَابِهِم مُنذُ فَارَقتَهُم.
رواه أحمد (1/ 235)، والبخاريُّ (4625)، ومسلم (2860)(58)، والترمذي (2423)، والنسائي (4/ 116).
[2732]
وعَن أَبِي هُرَيرَةَ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يُحشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلَاثِ طَرَائِقَ رَاغِبِينَ ورَاهِبِين، وَاثنَانِ عَلَى بَعِيرٍ وَثَلَاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَأَربَعَةٌ
ــ
المتقدم، وأن أهل السعادة يكسون من ثياب الجنة، ولا شك في أن من كسي من ثياب الجنة فقد لبس جبة تقيه مكاره الحشر وعرقه، وحر الشمس والنار، وغير ذلك، فظاهر عمومه يقتضي: أن إبراهيم يكسى قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فيجوز أن يكون هذا من خصائص إبراهيم، كما قد خص موسى عليه السلام بأن النبي صلى الله عليه وسلم يجده متعلقا بساق العرش، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أول من تنشق عنه الأرض، ولا يلزم من هذا أن يكونا أفضل منه مطلقا، بل: هو أفضل من وافى القيامة، وسيد ولد آدم، كما دللنا عليه فيما تقدَّم، ويجوز أن يراد بالناس من عداه من الناس، فلم يدخل تحت خطاب نفسه، والله تعالى أعلم. وقد تقدَّم القول على قوله: إنهم لم يزالوا مرتدين منذ فارقتهم.
و(قوله: يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين وراهبين) الطرائق: الأحوال المختلفة، والفرق المتفرقة، ومنه قوله تعالى:{كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} أي: فرقا مختلفة. قال القاضي: هذا الحشر هو في الدنيا قبل قيام الساعة، وهو آخر أشراطها، كما ذكره مسلم بعد هذا في آيات الساعة، قال فيه: وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن ترحل الناس وفي رواية: تطرد الناس إلى
عَلَى بَعِيرٍ وَعَشَرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَتَحشُرُ بَقِيَّتَهُم النَّارُ، تَبِيتُ مَعَهُم حَيثُ بَاتُوا وَتَقِيلُ مَعَهُم حَيثُ قَالُوا، وَتُصبِحُ مَعَهُم حَيثُ أَصبَحُوا وَتُمسِي مَعَهُم حَيثُ أَمسَوا.
رواه البخاريُّ (6522)، ومسلم (2861)، والنسائي (1/ 114).
* * *
ــ
محشرهم (1). وفي حديث آخر: لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز (2). ويدل على أنها قبل يوم القيامة قوله: (فتقيل معهم حيث قالوا، وتمسي معهم حيث أمسوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا. قال: وفي بعض الروايات في غير مسلم: فإذا سمعتم بها فاخرجوا إلى الشام كأنه أمر بسبقها إليه قبل إزعاجها لهم. وقد قال الأزهري في قوله: {لأَوَّلِ الحَشرِ} إن الحشر الأول إلى الشام: إجلاء بني النضير من بلادهم إلى الشام.
قلت: وعلى هذا فيكون معنى راغبين: في لقاء الله وفي ثوابه، وهؤلاء هم المؤمنون الذين وسموا باسم الإيمان. وراهبين؛ أي: خائفين، يعني بهم الكفار الذي وُسموا باسم الكفر، وذلك إذا طبع على كل قلب بما فيه عند طلوع الشمس من مغربها، وإذا خرجت دابة الأرض فنفخت في وجوه الناس ما تسم في وجه المؤمن: مؤمن، وفي وجه الكافر: كافر، على ما يأتي إن شاء الله تعالى.
* * *
(1) رواه مسلم (2901)(39 و 40).
(2)
رواه البخاري (7118)، ومسلم (2902)(42).