المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(8) باب لا تقوم الساعة حتى تفتح قسطنطينية، وتكون ملحمة عظيمة، ويخرج الدجال ويقتله عيسى ابن مريم - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٧

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(12) باب إقرار النبي صلى الله عليه وسلم حجة

- ‌(37) كتاب الأذكار والدعوات

- ‌(1) باب الترغيب في ذكر الله تعالى

- ‌(2) باب فضل مجالس الذكر والاستغفار

- ‌(3) باب فضل إحصاء أسماء الله تعالى

- ‌(4) باب فضل قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له

- ‌(5) باب فضل التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير

- ‌(6) باب يذكر الله تعالى بوقار وتعظيم وفضل لا حول ولا قوة إلا بالله

- ‌(7) باب تجديد الاستغفار والتوبة في اليوم مائة مرة

- ‌(8) باب ليحقق الداعي طلبته وليعزم في دعائه

- ‌(9) باب في أكثر ما كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(10) باب ما يدعى به وما يتعوذ منه

- ‌(11) باب ما يقول إذا نزل منزلا وإذا أمسى

- ‌(12) باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع وما بعد ذلك

- ‌(13) باب مجموعة أدعية كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بها

- ‌(14) باب: ما يقال عند الصباح وعند المساء

- ‌(15) باب كثرة ثواب الدعوات الجوامع وما جاء في أن الداعي يستحضر معاني دعواته في قلبه

- ‌(16) باب التسلي عند الفاقات بالأذكار وما يدعى به عند الكرب

- ‌(17) باب ما يقال عند صراخ الديكة ونهيق الحمير

- ‌(18) باب أحب الكلام إلى الله تعالى

- ‌(19) باب ما يقال عند الأكل والشرب والدعاء للمسلم بظهر الغيب

- ‌(20) باب يستجاب للعبد ما لم يعجل أو يدعو بإثم

- ‌(21) باب الدعاء بصالح ما عمل من الأعمال

- ‌(22) باب فضل الدوام على الذكر

- ‌(38) كتاب الرقاق

- ‌(1) باب وجوب التوبة وفضلها

- ‌(2) باب ما يخاف من عقاب الله على المعاصي

- ‌(3) باب في رجاء مغفرة الله تعالى وسعة رحمته

- ‌(4) باب من عاد إلى الذنب فليعد إلى الاستغفار

- ‌(5) باب في قوله تعالى: {إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ}

- ‌(6) باب لا ييأس من قبول التوبة ولو قتل مائة نفس

- ‌(7) باب يهجر من ظهرت معصيته حتى تتحقق توبته وقبول الله تعالى للتوبة الصادقة وكيف تكون أحوال التائب

- ‌(8) باب تقبل التوبة ما لم تطلع الشمس من مغربها

- ‌(39) كتاب الزهد

- ‌(1) باب هوان الدنيا على الله تعالى وأنها سجن المؤمن

- ‌(2) باب ما للعبد من ماله وما الذي يبقى عليه في قبره

- ‌(3) باب ما يحذر من بسط الدنيا ومن التنافس

- ‌(4) باب لا تنظر إلى من فضل الله عليك في الدنيا وانظر إلى من فضلت عليه

- ‌(5) باب في الابتلاء بالدنيا وكيف يعمل فيها

- ‌(6) باب الخمول في الدنيا والتقلل منها

- ‌(7) باب التزهيد في الدنيا والاجتزاء في الملبس والمطعم باليسير الخشن

- ‌(8) باب ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل الإصبع في اليم وما جاء أن المؤمن فيه كخامة الزرع

- ‌(9) باب شدة عيش النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: اللهم اجعل رزق آل محمد كفافا

- ‌(10) باب سبق فقراء المهاجرين إلى الجنة، ومن الفقير السابق

- ‌(11) باب كرامة من قنع بالكفاف وتصدق بالفضل

- ‌(12) باب الاجتهاد في العبادة والدوام على ذلك، ولن ينجي أحدا منكم عمله

- ‌(13) باب في التواضع

- ‌(40) كتاب ذكر الموت وما بعده

- ‌(1) باب الأمر بحسن الظن بالله عند الموت وما جاء: أن كل عبد يبعث على ما مات عليه

- ‌(2) باب إذا مات المرء عرض عليه مقعده وما جاء في عذاب القبر

- ‌(3) باب سؤال الملكين للعبد حين يوضع في القبر وقوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَولِ الثَّابِتِ}

- ‌(4) باب في أرواح المؤمنين وأرواح الكافرين

- ‌(5) باب ما جاء أن الميت ليسمع ما يقال

- ‌(6) باب في الحشر وكيفيته

- ‌(7) باب دنو الشمس من الخلائق في المحشر وكونهم في العرق على قدر أعمالهم

- ‌(8) باب في المحاسبة ومن نوقش هلك

- ‌(9) باب حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات وصفة أهل الجنة وصفة أهل النار

- ‌(10) باب في صفة الجنة وما أعد الله فيها

- ‌(11) باب في غرف الجنة وتربتها وأسواقها

- ‌(12) باب في الجنة أكل وشرب ونكاح حقيقة ولا قذر فيها ولا نقص

- ‌(13) باب في حسن صورة أهل الجنة وطولهم وشبابهم وثيابهم وأن كل ما في الجنة دائم لا يفنى

- ‌(14) باب في خيام الجنة وما في الدنيا من أنهار الجنة

- ‌(15) باب في صفة جهنم وحرها وأهوالها وبعد قعرها، أعاذنا الله منها

- ‌(16) باب تعظيم جسد الكافر وتوزيع العذاب بحسب أعمال الأعضاء

- ‌(17) باب ذبح الموت وخلود أهل الجنة وأهل النار

- ‌(18) باب محاجة الجنة والنار

- ‌(19) باب شهادة أركان الكافر عليه يوم القيامة وكيف يحشر

- ‌(20) باب أكثر أهل الجنة وأكثر أهل النار

- ‌(21) باب لكل مسلم فداء من النار من الكفار

- ‌(22) باب آخر من يخرج من النار وآخر من يدخل الجنة وما لأدنى أهل الجنة منزلة وما لأعلاهم

- ‌(41) كتاب الفتن وأشراط الساعة

- ‌(1) باب إقبال الفتن ونزولها كمواقع القطر ومن أين تجيء

- ‌(2) باب الفرار من الفتن وكسر السلاح فيها وما جاء: أن القاتل والمقتول في النار

- ‌(3) باب لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان، وحتى يكثر الهرج وجعل بأس هذه الأمة بينها

- ‌(4) باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بما يكون إلى قيام الساعة

- ‌(5) باب في الفتنة التي تموج موج البحر وفي ثلاث فتن لا يكدن يذرن شيئا

- ‌(6) باب ما فتح من ردم يأجوج ومأجوج، ويغزو البيت جيش فيخسف به

- ‌(7) باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، وحتى يمنع أهل العراق ومصر والشام ما عليهم

- ‌(8) باب لا تقوم الساعة حتى تفتح قسطنطينية، وتكون ملحمة عظيمة، ويخرج الدجال ويقتله عيسى ابن مريم

- ‌(9) باب تقوم الساعة والروم أكثر الناس وما يفتح للمسلمين مع ذلك

- ‌(10) باب الآيات العشر التي تكون قبل الساعة وبيان أولها

- ‌(11) باب: أمور تكون بين يدي الساعة

- ‌(12) باب الخليفة الكائن في آخر الزمان وفيمن يهلك أمة النبي صلى الله عليه وسلم وتقتل عمارا الفئة الباغية وإخماد الفتنة الباغية ولتفنى كنوز كسرى في سبيل الله

- ‌(13) باب ما ذكر من أن ابن صياد: الدجال

- ‌(14) باب في صفة الدجال وما يجيء معه من الفتن

- ‌(15) باب: في هوان الدجال على الله تعالى وأنه لا يدخل مكة والمدينة ومن يتبعه من اليهود

- ‌(16) باب حديث الجساسة وما فيه من ذكر الدجال

- ‌(17) باب كيف يكون انقراض هذا الخلق وتقريب الساعة وكم بين النفختين

- ‌(18) باب المبادرة بالعمل الصالح والفتن وفضل العبادة في الهرج

- ‌(19) باب إغراء الشيطان بالفتن

- ‌(20) باب في قوله عليه الصلاة والسلام: لتتبعن سنن الذين من قبلكم، وهلك المتنطعون آخر الفتن

- ‌(42) كتاب التفسير

- ‌(1) باب من فاتحة الكتاب

- ‌(2) ومن سورة البقرة

- ‌(3) ومن سورة آل عمران

- ‌(4) ومن سورة النساء

- ‌(5) ومن سورة العقود

- ‌(6) ومن سورة الأنعام

- ‌(7) ومن سورة الأعراف

- ‌(8) ومن سورة الأنفال وبراءة

- ‌(9) ومن سورة إبراهيم

- ‌(10) ومن سورة الحجر

- ‌(11) ومن سورة الإسراء

- ‌(12) ومن سورة الكهف

- ‌(13) ومن سورة مريم

- ‌(14) ومن سورة الأنبياء

- ‌(15) ومن سورة الحج

- ‌(16) ومن سورة النور

- ‌(17) ومن سورة الفرقان

- ‌(18) ومن سورة الشعراء

- ‌(19) ومن سورة: الم السجدة

- ‌(20) ومن سورة الأحزاب

- ‌(21) ومن سورة تنزيل

- ‌(22) ومن سورة حم السجدة

- ‌(23) ومن سورة الدخان

- ‌(24) ومن سورة الحجرات

- ‌(25) ومن سورة ق

- ‌(26) ومن سورة القمر

- ‌(27) ومن سورة الحديد والحشر

- ‌(28) ومن سورة المنافقين

- ‌(29) باب: من أخبار المنافقين

- ‌(30) ومن سورة التحريم

- ‌(31) ومن سورة الجن

- ‌(32) ومن سورة المدثر

- ‌(33) ومن سورة القيامة

- ‌(34) ومن سورة الأخدود

- ‌(35) ومن سورة الشمس وضحاها

- ‌(36) ومن سورة الليل

- ‌(37) ومن سورة الضحى

- ‌(38) ومن سورة اقرأ باسم ربك

- ‌(39) ومن سورة النصر

الفصل: ‌(8) باب لا تقوم الساعة حتى تفتح قسطنطينية، وتكون ملحمة عظيمة، ويخرج الدجال ويقتله عيسى ابن مريم

(8) باب لا تقوم الساعة حتى تفتح قسطنطينية، وتكون ملحمة عظيمة، ويخرج الدجال ويقتله عيسى ابن مريم

.

[2801]

عَن أَبِي هُرَيرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنزِلَ الرُّومُ بِالأَعمَاقِ - أَو: بِدَابِقٍ - فَيَخرُجُ إِلَيهِم جَيشٌ مِن المَدِينَةِ مِن خِيَارِ أَهلِ الأَرضِ يَومَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَت الرُّومُ: خَلُّوا بَينَنَا وَبَينَ الَّذِينَ سَبَوا مِنَّا نُقَاتِلهُم، فَيَقُولُ المُسلِمُونَ: لَا وَاللَّهِ لَا نُخَلِّي بَينَكُم وَبَينَ إِخوَانِنَا،

ــ

و(قوله: تنزل الروم بالأعماق، أو بدابق) الأعماق: جمع عمق - بضم العين وفتحها -: وهي ما بعد من أطراف المفاوز. قال رؤبة:

وقاتم الأعماق خاوي المخترق

ودابق: اسم بلد، والأغلب عليه التذكير والصرف؛ لأنَّه في الأصل نهر. قال الراجز:

بدابق وأين مني دابق

وقد يؤنث ولا يصرف، وهو بفتح الباء. وكذا وجدته مقيدا مصححا في كتاب الشيخ، ويقال بالكسر فيما أحسب.

و(قول الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا) الرواية الصحيحة بفتح السين والباء؛ أي: الذين أصابوا منا سبيا، وقد قيده بعضهم بضم السين والباء، وليس بشيء؛ لأنَّ قول المسلمين في جوابهم: لا والله ما نخلي بينكم وبين إخواننا. يعنون: أنهم منهم في الأنساب والدين، فلو أن الروم طلبوا من سُبي منهم لما قالوا لهم ذلك مطلقا. والله تعالى أعلم.

ص: 231

فَيُقَاتِلُونَهُم، فَيَنهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيهِم أَبَدًا، وَيُقتَلُ ثُلُثُهُم أَفضَلُ الشُّهَدَاءِ عِندَ اللَّهِ، وَيَفتَتِحُ الثُّلُثُ لَا يُفتَنُونَ أَبَدًا، فَيَفتَتِحُونَ قُسطَنطِينِيَّةَ، فَبَينَمَا هُم يَقتَسِمُونَ الغَنَائِمَ قَد عَلَّقُوا سُيُوفَهُم بِالزَّيتُونِ إِذ صَاحَ فِيهِم الشَّيطَانُ: أنَّ المَسِيحَ قَد خَلَفَكُم فِي أَهلِيكُم، فَيَخرُجُونَ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِذَا جَاؤوا الشَّأمَ خَرَجَ، فَبَينَمَا هُم يُعِدُّونَ لِلقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذ أُقِيمَت الصَّلَاةُ، فَيَنزِلُ عِيسَى ابنُ مَريَمَ عليه السلام، فَآمَّهُم، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ المِلحُ فِي المَاءِ، فَلَو تَرَكَهُ لَانذَابَ حَتَّى يَهلِكَ، وَلَكِن يَقتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ، فَيُرِيهِم دَمَهُ فِي حَربَتِهِ.

رواه مسلم (2897).

ــ

و(قوله: فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا؛ لأنَّهم فروا من الزحف، حيث لا يجوز لهم الفرار، فلا يتوب الله عليهم؛ أي: لا يلهمهم إياها، ولا يعينهم عليها، بل: يصرون على ذنبهم ذلك ولا يندمون عليه. ويجوز أن يكون معنى ذلك: أنه تعالى لا يقبل توبتهم وإن تابوا، ويكونون هؤلاء ممن شاء الله ألا تقبل توبتهم لعظيم جرمهم.

و(قوله: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم) كذا الرواية الجيدة مخففة اللام بغير ألف، أي: بشر. يقال: خلفك الرجل في أهلك بخير أو بشر، وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم: من خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا (1) وقد رواه بعضهم: خالفكم، والأول أجود، لأن خالف يتعدى بـ (إلى)، وخلف يتعدى بـ (في) ورد خالف إلى خلف يجوز. وقد تقدَّم القول في اسم المسيح في كتاب الإيمان، وسيأتي الكلام في الدجال.

(1) رواه البخاري (2843)، ومسلم (1895)، وأبو داود (2509)، والترمذي (1627).

ص: 232

[2802]

وعَن يُسَيرِ بنِ جَابِرٍ قَالَ: هَاجَت رِيحٌ حَمرَاءُ بِالكُوفَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ لَيسَ لَهُ هِجِّيرَى إِلَّا: يَا عَبدَ اللَّهِ بنَ مَسعُودٍ، جَاءَت السَّاعَةُ، قَالَ: فَقَعَدَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ حَتَّى لَا يُقسَمَ مِيرَاثٌ وَلَا يُفرَحَ بِغَنِيمَةٍ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَنَحَّاهَا نَحوَ الشَّامِ، فَقَالَ: عَدُوٌّ يَجمَعُونَ لِأَهلِ الإِسلَامِ وَيَجمَعُ لَهُم أَهلُ الإِسلَامِ، قُلتُ: الرُّومَ تَعنِي؟ قَالَ: نَعَم، وَيَكُونُ عِندَ ذَاكُم القِتَالِ رَدَّةٌ شَدِيدَةٌ، فَيَشتَرِطُ المُسلِمُونَ شُرطَةً لِلمَوتِ لَا تَرجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقتَتِلُونَ حَتَّى يَحجُزَ بَينَهُم اللَّيلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، كُلٌّ غَيرُ غَالِبٍ، وَتَفنَى الشُّرطَةُ، ثُمَّ يَشتَرِطُ المُسلِمُونَ شُرطَةً لِلمَوتِ لَا تَرجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، يَحجُزَ بَينَهُم اللَّيلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيرُ غَالِبٍ وَتَفنَى الشُّرطَةُ، ثُمَّ يَشتَرِطُ المُسلِمُونَ

ــ

و(قوله: هاجت ريح حمراء) أي: شديدة، احمرت بها السحاب ويبست لها الشجر، وانكشفت الأرض، فظهرت حمرتها.

و(قوله: فجاء رجل ليس له هجيرى إلا يا عبد الله جاءت الساعة) كذا رويته هجيرا على وزن فعيلا، وهو تقييد أبي الفتح الشاشي والتميمي، وقيدها العذري: هِجِّير على وزن خِمِّير.

قلت: وكلاهما لغة صحيحة. قال الجوهري: الهجير مثل الفسيق: الدأب والعادة، وكذلك الهجيرى والإهجيرى. يقال: ما زال ذلك هجيراه، وإهجيراه، وإجريَّاه؛ أي: دأبه وعادته. قال غيره: وهجيرى أفصحها.

والشرطة، بضم الشين، وهي هنا: أول طائفة من الجيش تقاتل. ومنه الشَّرَطان (1) لتقدمهما أول الربيع، وقيل: إنهم سموا بذلك لعلامات تميزوا بها، والأشراط: العلامات. وهذا هو الأعرف. ويحجز بينهم الليل، أي: يحول بينهم وبين القتال بسبب ظلمته، والحاجز: هو الفاصل بين شيئين. ويفيء هؤلاء؛ أي: يرجع. ونهد إليهم؛ أي: تقدَّم. ومنه سمي النهد؛ لأنَّه متقدم في الصدر.

(1) الشَّرَطان: نجمان.

ص: 233

شُرطَةً لِلمَوتِ لَا تَرجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقتَتِلُونَ حَتَّى يُمسُوا فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيرُ غَالِبٍ وَتَفنَى الشُّرطَةُ، فَإِذَا كَانَ اليَومُ الرَّابِعِ نَهَدَ إِلَيهِم بَقِيَّةُ أَهلِ الإِسلَامِ، فَيَجعَلُ اللَّهُ الدَّبرَةَ عَلَيهِم فَيَقتُلُونَ مَقتَلَةً - إِمَّا قَالَ: لَم يُرَ مِثلُهَا، وَإِمَّا قَالَ: لَا يُرَى مِثلُهَا - حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهِم فَمَا يُخَلِّفُهُم حَتَّى يَخِرَّ مَيتًا، فَيَتَعَادُّ بَنُو الأَبِ كَانُوا مِائَةً فَلَا يَجِدُونَهُ بَقِيَ مِنهُم إِلَّا الرَّجُلُ الوَاحِدُ، فَبِأَيِّ غَنِيمَةٍ يُفرَحُ؟ أَو أَيُّ مِيرَاثٍ يُقَاسَمُ؟ فَبَينَمَا هُم كَذَلِكَ إِذ سَمِعُوا بِناسٍ هُم أَكثرُ مِن ذَلِكَ، فَجَاءَهُم الصَّرِيخُ: أنَّ الدَّجَّالَ قَد خَلَفَهُم فِي ذَرَارِيِّهِم،

ــ

و(قوله: فيجعل الله الدبرة عليهم) كذا لكافتهم بالباء بواحدة وسكونها، ورواه العذري: الدائرة، ومعناهما متقارب. قال الأزهري: الدائرة: الدولة تدور على الأعداء. والدبرة: النصر والظفر، يقال: لمن الدبرة؛ أي: الدولة. وعلى من الدبرة؟ أي: الهزيمة. قاله الهروي.

و(قوله: حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم، فما يخلفهم) كذا رواية الجماعة، وهي جمع جنبة، وهي الجانب، ووقع لبعضهم: بجثمانهم؛ أي: بأشخاصهم. والجثمان، والآل، والطلل، والشخص، كلها بمعنى، فأمَّا الجثة، فتقال على الجالس والنائم.

و(قوله: إذا سمعوا بناس هم أكثر) بنون وسين مهملة. كذا للعذري، وكذا قرأته، وعند غيره: ببأس بباء بواحدة، وأكبر بباء بواحدة أيضًا، وهو الحرب الشديد، والأمر الهائل. قال بعض المشايخ: وهو الصواب. وتصححه رواية أبي داود: إذ سمعوا بأمر أكبر من ذلك (1). . . ويسير بن جابر: يُروى

(1) لم نجده في سنن أبي داود، وفي تحفة الأشراف (7/ 318) لم يعزه إلا لمسلم.

ص: 234