الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[2702]
ونحوه عن أبي هريرة. وهذا أتم، غير أنه قال: ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء.
رواه أحمد (2/ 234)، والبخاريُّ (5644)، ومسلم (2809)، والترمذيُّ (2866).
* * *
(9) باب شدة عيش النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: اللهم اجعل رزق آل محمد كفافا
[2703]
عن عائشة، قالت: ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من طعام بر ثلاث ليال تباعا، حتى قُبض.
ــ
أي: ثابتة في الأرض، وقد أرزت تأرز، ويقال للناقة القوية: أرزة. والمجذية على أصلها: القائمة الراسخة، وهذا مثل للغالب من المؤمنين والغالب من الكافرين، وحكمة الله في ابتلاء المؤمنين في الدنيا أن يهديهم فيها، ويخلصهم من تبعاتها، وأن توفر أجورهم في الآخرة، وعكس ذلك في الكفار والمنافقين.
وفائدة هذا الحديث المصائب، والصبر عليها، وانتظار الثواب عليها، والخوف من عدم المصائب وبسط الدنيا.
(9 و 10) ومن باب: شدة عيش النبي صلى الله عليه وسلم (1)
الرف: خشبة ترفع عن الأرض، يلقى عليها ما يرفع، قاله الحربي، وقال غيره: هي الغرفة. والشطر: النصف، وهو هنا نصف وسق شعير. والدقل: أردأ
(1) شرح المؤلف رحمه الله تحت هذا العنوان: هذا الباب، والباب الذي يليه، وهو باب: سبق فقراء المهاجرين إلى الجنة، ومن الفقير السَّابق.
وفي رواية: ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قُبض.
وفي رواية: من خبز بر إلا وأحدهما تمر.
رواه أحمد (6/ 98)، والبخاريُّ (5423)، ومسلم (2970)(20 و 22) و (2971)(25)، والترمذيُّ (2357)، وابن ماجه (3344).
[2704]
وعنها؛ قالت: لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما شبع من خبز وزيت في يوم واحد مرتين.
وفي رواية: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين شبع الناس من الأسودين: التمر والماء.
وفي أخرى: (وقد شبعنا) بدل (حين شبع).
رواه أحمد (6/ 156 و 255)، والبخاريُّ (5416)، ومسلم (2974)(29)، و (2975)(30 و 31)، والترمذيُّ (2356).
[2705]
وعنها قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في رفي من شيء يأكله ذو كبد، إلا شطر شعير في رف لي، فأكلت منه حتى طال علي، فكِلته، ففني.
رواه أحمد (6/ 108)، والبخاريُّ (3097)، ومسلم (2973)، والترمذي (2569).
ــ
التمر، وقد أدقل النخل: إذا ردئ. وقيل: هو جنس من النخل له تمر، وهو حب كبير له نواة مدورة مقدار الجوزة، يشبه نوى التمر، فإذا يبس صار عليه مثل الليفة. وأحاديث هذا الباب كلها وإن اختلفت ألفاظها تدل على: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن
[2706]
وعَن عُروَةَ عَن عَائِشَةَ، أَنَّهَا كَانَت تَقُولُ: وَاللَّهِ يَا بنَ أُختِي، إِن كُنَّا لَنَنظُرُ إِلَى الهِلَالِ ثُمَّ الهِلَالِ ثُمَّ الهِلَالِ، ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهرَينِ، وَمَا أُوقِدَ فِي أَبيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَارٌ، قَالَ: قُلتُ: يَا خَالَةُ فَمَا كَانَ يُعَيِّشُكُم؟ قَالَت: الأَسوَدَانِ؛ التَّمرُ وَالمَاءُ، إِلَّا أَنَّهُ قَد كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِيرَانٌ مِن الأَنصَارِ، وَكَانَت لَهُم مَنَائِحُ، فَكَانُوا يُرسِلُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِن أَلبَانِهَا فَيَسقِينَاهُ.
رواه أحمد (6/ 48)، والبخاريُّ (6456)، ومسلم (2972)(28)، والترمذي (2469)، وابن ماجه (4144).
[2707]
وعن أبي هريرة قال: والذي نفس أبي هريرة بيده، ما أشبع رسول الله صلى الله عليه وسلم أهله ثلاثة أيام تباعا، أو ثلاث ليال، من خبز حنطة، حتى فارق الدنيا. وفي رواية: ما شبع. وقال: ثلاثة أيام (من غير شك).
رواه أحمد (2/ 434)، والبخاريُّ (5414)، ومسلم (2976)(32 و 33)، والترمذيُّ (2358).
[2708]
وعن النعمان بن بشير، قال: ألستم في طعام وشراب ما شئتم، لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم وما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه.
رواه أحمد (4/ 268)، ومسلم (2977)(34)، والترمذي (2372).
ــ
يديم الشبع، ولا الترفه في العيش، لا هو ولا من حوته بيوته، ولا آله. بل: كانوا يأكلون ما خشن من المأكل العلق، ويقتصرون منه على ما يسد الرمق، معرضين عن متاع الدنيا، مؤثرين ما يبقى على ما يفنى، ثم لم يزل كذلك حالهم مع إقبال الدنيا عليهم واجتماعها بحذافيرها لديهم، إلى أن وصلوا إلى ما طلبوا، وظفروا بما فيه رغبوا.
[2709]
وعنه؛ قال: ذكر عمر ما أصاب الناس من الدنيا فقال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يلتوي، ما يجد دقلا يملأ به بطنه.
رواه أحمد (1/ 24)، ومسلم (2978)، وابن ماجه (4146).
[2710]
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا.
وفي رواية: كفافا.
رواه أحمد (2/ 446)، والبخاريُّ (6460)، ومسلم في الزهد (1055)(18 و 19)، والترمذيُّ (2361)، وابن ماجه (4139).
* * *
ــ
و(قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا) أي: كفافا، كما جاء في الرواية الأخرى، ويعني به: ما يقوت الأبدان ويكف عن الحاجة والفاقة، وهذا الحديث حجة لمن قال: إن الكفاف أفضل من الغنى والفقر، وقد تقدمت هذه المسألة في الزكاة. ووجه التمسك بهذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما يدعو لنفسه بأفضل الأحوال، وأيضًا: فإنَّ الكفاف حالة متوسطة بين الغنى والفقر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: خير الأمور أوساطها (1). وأيضًا: فإنَّ هذه الحال سليمة من آفات الغنى، وآفات الفقر المدقع، فكانت أفضل منها، ثم إن حالة صاحب الكفاف حالة الفقير؛ إذ لا يترفه في طيبات الدنيا ولا في زهرتها، فكانت حاله إلى الفقر أقرب، فقد حصل له ما حصل للفقير من الثواب على الصبر، وكُفي مرارته وآفاته. لا يقال: فقد كانت حالة رسول الله صلى الله عليه وسلم الفقر الشديد المدقع، كما دلت عليه أحاديث
(1) ذكره ابن الأثير في جامع الأصول (1/ 318 - 319)، والعجلوني في كشف الخفاء (1/ 391) وقال ابن الفرس: ضعيف.