الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2) ومن سورة البقرة
[2851]
عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وآدم مما وصف لكم.
رواه أحمد (6/ 153)، ومسلم (2996).
[2852]
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قيل لبني إسرائيل: ادخلوا الباب سُجدا وقولوا حطة يُغفر لكم خطاياكم، فبدلوا،
ــ
(2)
ومن باب: ومن سورة البقرة
(قوله: خلقت الملائكة من نور) أي: من جواهر مضيئة منيرة، فكانوا خيرا محضا.
و(قوله: وخلق الجان من مارج من نار) أي: من شواظ ذي لهب واتقاد ودخان، فكانوا شرا محضا، والخير فيهم قليل.
و(قوله: وخلق آدم مما تعلمون (1)) أي: مما أعلمكم به، أي: من تراب صُيِّر طينا، ثم فُخارا، كما أخبرنا به تعالى في غير موضع من كتابه. والفخار: الطين اليابس، وفي الخبر: إن الله تعالى لما خلق آدم أمر مَن قبض قبضة مِن جميع أجزاء تراب الأرض، فأخذ من حزنها وسهلها، وأحمرها وأسودها، فجاء ولده كذلك (2).
و(قوله: ادخلوا الباب سجدا، وقولوا حطة) هذا الباب: هو الباب الثامن من بيت المقدس. قاله مجاهد. وقيل: باب القرية، وقال أبو علي: باب قرية فيها موسى عليه السلام وسُجدا: قال ابن عباس: منحنين ركوعا. وقال
(1) في مسلم والتلخيص: مما وصف لكم.
(2)
رواه أحمد (4/ 400)، وأبو داود (4693)، والترمذي (2955).
فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم، وقالوا: حبة في شعرة.
رواه أحمد (2/ 318)، والبخاريُّ (3403)، ومسلم (3015)، والترمذي (2956).
[2853]
وعنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نحن أحق بالشك من إبراهيم، إذ قال: رب أرني كيف تحيي الموتى؟ قال: أولم تؤمن؟ قال: بلى،
ــ
غيره: خضوعا وشكرا لتيسير الدخول. وحطة: بمعنى حط عنا ذنوبنا، قاله الحسن. وقال ابن جبير: معناه الاستغفار. ثعلب: التوبة. قال الشاعر:
فاز بالحطة التي جعل اللـ
…
ـه بها ذنب عبده مغفورا
الكلبي: تعبدوا بقولها كفارة. وهو مرفوع على أنه خبر ابتداء محذوف؛ أي: مسألتنا وأمرنا حطة.
و(قوله: فدخلوها يزحفون على استاههم) أي: ينجرون على ألياتهم فعل المقعد الذي يمشي على أليته. يقال: زحف الصبي: إذا مشى كذلك، وزحف البعير: إذا أعيا. وقالوا مستهزئين: حبة في شعرة، وفي غير كتاب مسلم: حنطة في شعر، فعصوا، وتمردوا، واستهزؤوا، فعاقبهم بالرجز، وهو العذاب بالهلاك. قال ابن زيد: كان طاعونا أهلك منهم سبعين ألفا.
و(قوله: نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: {رَبِّ أَرِنِي كَيفَ تُحيِ المَوتَى} اختلف العلماء قديما وحديثا في هذا السؤال، هل صدر عن شك وقع أم لا؟ فهم فرقتان: المثبتة للشك والنافية له. فالمثبتون اختلفوا فيمن وقع له هذا الشك، فمنهم من قال: إنما وقع الشك لأمة إبراهيم، بدليل أول القصة، وهو قوله:{أَلَم تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} . . . الآية، فسأل إبراهيم ربه تعالى أن يريه وأمته كيفية إحياء الموتى ليطمئن قلبه بظهور حجته عليهم، وبإزالة الشك عنهم. قاله الضحاك، وابن إسحاق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومنهم من قال: الشك من إبراهيم، لكن فيماذا اختلفوا فيه، فمنهم من قال: في الإحياء. حكي عن ابن عباس أنه قال: دخل قلبه بعض ما يدخل على القلوب، وهذا لا يصح نقله ولا معناه؛ لأنَّ الله تعالى قد أخبر عنه في أول القصة بأنه قال للمحتج عليهم:{رَبِّيَ الَّذِي يُحيِي وَيُمِيتُ} وكيف يجوز على الأنبياء مثل هذا الشك، وهو كفر؟ فإنَّ الأنبياء متفقون على الإيمان بالبعث. ومنهم من قال: وقع له الشك في كونه خليلا، أو في كونه مجاب الدعوة، فسأل الله تعالى ودعاه بأن يريه إحياء الموتى حتى يطمئن قلبه بذلك. ومنهم من قال: وقع له شك في كيفية الإحياء، لا في أصل الإحياء. قال الحسن: رأى جيفة نصفها في البر توزّعها السباع، ونصفها في البحر توزّعها دواب الماء، فلما رأى تفرقها أحب أن يرى انضمامها، فسأل ليطمئن قلبه برؤية كيفية الجمع، كما رأى كيفية التفريق. ويتنزل قول نبينا صلى الله عليه وسلم: نحن أحق بالشك من إبراهيم على هذه الأقوال واحدا واحدا، بحسب ما يليق به.
وأما النافون للشك فاختلفوا، فمنهم من قال: أُري من نفسه الشك، وما شك، ولكن ليجاب فيزداد قربه. قال القاضي: وهذا تكلف في اللفظ والمعنى.
ومنهم من قال: لم يشك إبراهيم، وقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: نحن أحق بالشك من إبراهيم نفي للشك عنه، لا إثبات له، فكأنه قال: نحن موقنون بالبعث وإحياء الموتى، فلو شك إبراهيم لكنا نحن أولى بذلك منه، على طريق الأدب، وإكبار حال إبراهيم عليه السلام لا على جهة أنه وقع شك لواحد منهما.
ومنهم من قال: إنما جاوب نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله: نحن أحق بالشك مَن سمعه يقول: شك إبراهيم، ولم يشك نبينا، فقال ذلك.
قلت: هذه جملة ما سمعناه من شيوخنا، ووقفنا عليه في كتب أئمتنا، وكلها محتمل يرتفع به الإشكال، إلا ما حكي عن ابن عباس؛ فإنَّه قول فاسد، وليس في الآية ما يدلّ على أن إبراهيم شك، بل الذي تضمنته أن إبراهيم عليه السلام سأل أن يشاهد كيفية جمع أجزاء الموتى بعد تفريقها، واتصال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأعصاب والجلود بعد تمزيقها، فأراد أن يترقى من علم اليقين إلى عين اليقين، بقوله:{أَرِنِي كَيفَ} طلب مشاهدة الكيفية.
و(قوله تعالى: {أَوَلَم تُؤمِن} استفهام تقرير، كقوله تعالى:{أَوَلَم نُعَمِّركُم مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ} أي: قد عمرناكم.
و(قوله: {لِيَطمَئِنَّ قَلبِي} أي: بحصول الفرق بين المعلوم برهانا، والمعلوم عيانا. فإذا لم يكن في الآية ما يدلّ على شك وقع لإبراهيم، ولا لنبينا صلى الله عليه وسلم، وإنَّما صدر ذلك من نبينا صلى الله عليه وسلم، على الفرض الذهني، والتقدير الشرطي، فكأنه قال: لو شك إبراهيم في إحياء الموتى لكنا نحن أحق بالشك منه، ولم نشك نحن، فهو أولى وأحق بألا يشك، وهذا هو البرهان المسمى عند أئمتنا النظار: البرهان الشرطي المتصل، وأهل المنطق يسمونه بالقياس الاستثنائي الذي ينتج منه استثناء عين التالي، ونقيض المقدم، على ما هو معروف في موضعه.
و(قوله: ولو لبثت في السجن طول لبث يوسف لأجبت الداعي) يعني به: الداعي الذي دعاه إلى الخروج من السجن المذكور في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارجِع إِلَى رَبِّكَ فَاسأَلهُ} الآية، يصف يوسف عليه السلام بالتثبت والصبر على المحنة، وأنه أقام في السجن والتضييق عليه مدة طويلة، والنفوس متشوقة إلى الخروج من الضيق، والحبس الطويل، لا سيما إذا بُشر بالتخلص، ودعي إليه. فمقتضى الطبع: المبادرة إلى أول دعوة، والانفلات بمرة، لكنه لما جاءه الداعي لم يبادر لإجابته، ولا استخفه الفرح بالتخلص من محنته، لكنه سكن وثبت إلى أن ظهرت براءته وعُلمت منزلته (1). ثم إن نبينا صلى الله عليه وسلم تأدب معه غاية الأدب، واعترف له بأنه من التثبت والصبر في أعلى الرتب، وحمده على ذلك، وقدر أنه لو امتُحن بذلك لبادر إلى التخلص من ذلك
(1) انظره في تفسير القرطبي (1/ 411).
ولكن ليطمئن قلبي. ويرحم الله لوطا؛ لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن طول لبث يوسف لأجبت الداعي.
رواه أحمد (2/ 326)، والبخاريُّ (3372)، ومسلم (151)(238)، وابن ماجه (4026).
ــ
لأول داع. هذا مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أُعطي من التثبت في الأمور، والصبر على المكاره الحظ الأوفر، والنصيب الأكبر، لكنه تواضع لله، وتأدب مع أخيه نبي الله.
و(قوله: ويرحم الله لوطا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد، وفي الرواية الأخرى: يغفر الله للوط (1)) هذا تنبيه على قول لوط لضيفه: {لَو أَنَّ لِي بِكُم قُوَّةً أَو آوِي إِلَى رُكنٍ شَدِيدٍ} وهذا من النبي صلى الله عليه وسلم إشارة إلى أن لوطا لم يرضَ منه بذلك القول في ذلك الموطن؛ فإنَّه قد كان انتهى من كمال المعرفة بالله تعالى إلى حال لا يليق به فيها أن يلتفت إلى غير الله تعالى في كفاية المحن، ودفع الشدائد، فلما ضعُف عما كان ينبغي له عوتب على ذلك، ونُسب إلى التقصير. والذي أصدر ذلك القول من لوط ضيق صدره بما لقي من قومه من التكذيب والأذى. وحياؤه من أضيافه عند هم قومه بالفاحشة، وأنه لم تكن له عشيرة، ولا أصحاب آمنوا به حتى ينتصر بهم على قومه؛ فإنَّه لم يؤمن به أحد ممن أرسل إليه غير ابنتيه، ولما أُهلك قومه لم ينج منهم إلا هو وابنتاه، ومع هذه الأعذار كلها لم يُرض منه بأن يصدر منه ذلك في حال تمكنه وتمكينه. وكأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد من لوط أن يكون على مثل حال إبراهيم عليه السلام في شدائده، فإنَّه قال حين رُمي بالمنجنيق، وهو في الهواء، وقال له جبريل عليه السلام: ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا. ونحو ذلك صدر عن نبينا صلى الله عليه وسلم حين كان في الغار، والكفار عند فم الغار، فقال لأبي بكر رضي الله عنه وقد رأى جزعه: لا تحزن إن الله معنا (2).
(1) هذه الرواية عند البخاري (3375).
(2)
رواه البخاري (3652)، ومسلم (2009).
[2854]
وعن البراء، قال: كانت الأنصار إذا حجوا فرجعوا، لم يدخلوا البيوت إلا من ظهورها، قال: فجاء رجل من الأنصار، فدخل من بابه، فقيل له في ذلك، فنزلت هذه الآية:{وَلَيسَ البِرُّ بِأَن تَأتُوا البُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا}
رواه البخاريُّ (1803)، ومسلم (3026).
ــ
والحاصل أن لأهل المعرفة بالله تعالى من الأنبياء، والأولياء حالين: حال حضور ومراقبة، فتتوجه عليهم بحسبها المناقشة والمعاتبة، وحال غيبة وبشرية، فيجرون فيها على الأمور العادية، فتارة يناقَشون، وأخرى يسامَحون، فضلا من الله ونعمة، ورفقا بهم ورحمة، وقد تقدَّم بسط هذا المعنى.
و(قوله: ولو لبثت في السجن لبث (1) يوسف) أي: لو مكثت وأقمت. يقال: لبِث يلبَث، بالكسر في الماضي والفتح في المضارع، لُبثا، بضم اللام وسكون الباء، ولباثا، وكلاهما على غير قياس؛ لأنَّ المصدر من فعِل، بالكسر، قياسه التحريك إذا لم يُعَدَّ، مثل: تعب تعبا، وقد جاء في الشعر على القياس. قال جرير:
وقد أكون على الحاجات ذا لُبَث
…
وأحوذيا إذا انضم الذعاليب
فهو لابث، ولَبِثٌ أيضًا، وقرئ (لَبِثِينَ فِيهَا أَحقَابًا).
و(قوله: كانت الأنصار إذا حجوا فرجعوا، لم يدخلوا البيوت إلا من ظهورها) إنما كان يفعلون ذلك؛ لأنَّهم كانوا إذا أحرموا يكرهون أن يحول بينهم وبين السماء سقف إلى أن ينقضي إحرامهم، ويصلوا إلى منازلهم، فإذا دخلوا منازلهم دخلوها من ظهورها. قاله الزهري. يعتقدون أن ذلك من البر والقرب،
(1) في مسلم والتلخيص: طول لبث.
[2855]
وعَن ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ {وَإِن تُبدُوا مَا فِي أَنفُسِكُم أَو تُخفُوهُ يُحَاسِبكُم بِهِ اللَّهُ} قَالَ: دَخَلَ قُلُوبَهُم مِنهَا شَيءٌ لَم يَدخُل قُلُوبَهُم مِن شَيءٍ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: قُولُوا: سَمِعنَا وَأَطَعنَا وَسَلَّمنَا، قَالَ: فَأَلقَى اللَّهُ الإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِم، فَأَنزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفسًا إِلا وُسعَهَا
ــ
فنفى الله ذلك بقوله: {وَلَيسَ البِرُّ بِأَن تَأتُوا البُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا} ثم بين ما يكون فيه البر بقوله: {وَلَكِنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقَى} أي: بر من اتقى الله، وعمل بما أمره الله به من طاعته. ويستفاد منها: أن الطاعات والقُرب إنما يتوصل إليها بالتوقيف الشرعي، والتعريف، لا بالعقل والتخريف. فالبيوت على هذا محمولة على حقائقها، وقد قال بعض العلماء: إن المراد بها إتيان الأمور من وجوهها، وهو بعيد، وأبعد من قول من قال: إن المراد بها إتيان النساء في فروجهن، لا في أدبارهن، والصحيح الأول. وأما القولان الآخران فيؤخذان من موضع آخر، لا من الآية.
و(قوله: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفسًا إِلا وُسعَهَا} التكليف هو الأمر بما يشق عليه (1)، وتكلفت الشيء: تجشمته. حكاه الجوهري، والوسع: الطاقة والجدة. وهذا خبر من الله تعالى أنه لا يأمرنا إلا بما نطيقه ويمكننا إيقاعه عادة، وهو الذي لم يقع في الشريعة غيره، ويدلّ على ذلك تصفحها، وقد حكي الإجماع على ذلك. وإنما الخلاف في جواز التكليف بما لا يمكننا إيقاعه عقلا، كالجمع بين الضدين، أو عادة، كالطيران في الهواء، والمشي على الماء، فمن مجوز، ومن مانع، وقد بينا ذلك في الأصول، واستيفاء الكلام عليها في علم الكلام.
تنبيه: الله تعالى بلطفه بنا وإنعامه علينا، وإن كان قد كلفنا بما يشق علينا،
(1) ليست في (م 4).
لَهَا مَا كَسَبَت وَعَلَيهَا مَا اكتَسَبَت رَبَّنَا لا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخطَأنَا} قَالَ: قَد فَعَلتُ {رَبَّنَا وَلا تَحمِل عَلَينَا إِصرًا كَمَا حَمَلتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبلِنَا} قَالَ: قَد فَعَلتُ {وَاغفِر لَنَا وَارحَمنَا أَنتَ مَولانَا فَانصُرنَا عَلَى القَومِ الكَافِرِينَ} قَالَ: قَد فَعَلتُ.
رواه مسلم (126)، والترمذي (2995).
* * *
ــ
ويثقل، كثبوت الواحد للعشرة، وهجرة الإنسان وخروجه عن وطنه، ومفارقة أهله وولده وعادته، لكنه لم يكلفنا بالمشقات المثقلة، ولا بالأمور المؤلمة كما كلف من قبلنا؛ إذ كلفهم بقتل أنفسهم، وقرض موضع البول من أبدانهم، بل سهل ورفق بنا، ووضع عنا الإصر والأغلال التي وضعها على من كان قبلنا، فله الحمد والمنة، والفضل والنعمة.
و(قوله: {لَهَا مَا كَسَبَت وَعَلَيهَا مَا اكتَسَبَت} دليل على صحة إطلاق أئمتنا على أفعال العباد: كسبا واكتسابا، ولذلك لم يطلقوا على ذلك: لا خلق، ولا خالق، خلافا لمن أطلق ذلك من مجترئة المبتدعة، ومن أطلق من أئمتنا على العبد فاعل، فالمجاز المحض، كما يعرف في الكلام.
و(قوله: {لا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخطَأنَا} أي: اعف عن إثم ما يقع منا على هذين الوجهين أو أحدهما، كقوله صلى الله عليه وسلم: رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه (1) أي: إثم ذلك، وهذا لم يختلف فيه: أن الإثم مرفوع، وإنما اختلف فيما يتعلق على ذلك من الأحكام؛ هل ذلك مرفوع لا يلزم
(1) رواه البيهقي في السنن (6/ 84) و (7/ 357). وانظر: مجمع الزوائد (6/ 250)، وفتح الباري (5/ 160 و 161).