الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَلِكَ المَاءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ المَاءَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ المَاءَ بِمِسحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبدَ اللَّهِ مَا اسمُكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ، لِلِاسمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَاب، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبدَ اللَّهِ لِمَ تَسأَلُنِي عَن اسمِي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعتُ صَوتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ: اسقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، لِاسمِكَ، فَمَا تَصنَعُ فِيهَا؟ قَالَ: أَمَّا إِذ قُلتَ هَذَا، فَإِنِّي أَنظُرُ إِلَى مَا يَخرُجُ مِنهَا فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ.
وفي رواية: وأجعل ثلثه في المساكين والسائلين وابن السبيل.
رواه مسلم (2984).
* * *
(12) باب الاجتهاد في العبادة والدوام على ذلك، ولن ينجي أحدا منكم عمله
[2713]
عن المغيرة بن شعبة: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى حتى انتفخت
ــ
يكون له مال وضيعة، ولا يناقضه قوله صلى الله عليه وسلم: لا تتخذوا الضيعة فتركنوا إلى الدنيا (1) لما قدمنا من أن المقصود بالنهي إنما هو: من اتخذها مستكثرا ومتنعما ومتمتعا بزهرة الدنيا، لما يخاف عليه من الميل إلى الدنيا والركون إليها، وأما من اتخذها معاشا يصون بها دينه وعياله، فاتخاذها بهذه النية من أفضل الأعمال. وهي من أفضل الأموال.
(1) رواه أحمد (1/ 377)، والترمذي (2328).
قدماه، فقيل له: أتكلف هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا؟
رواه البخاري (1130)، ومسلم (2819)، والترمذيُّ (412)، والنسائي (3/ 219)، وابن ماجه (1419).
[2714]
وعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها كانت تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سددوا وقاربوا، وأبشروا، فإنه لن يدخل الجنة أحدا عمله. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله
ــ
و(قولهم للنبي صلى الله عليه وسلم: أتكلف هذا؟ ) أي: أتتكلف فعله وتتحمل مشقته؟ وهذا أخرجه منهم ظن أنه إنما يعبد الله تعالى خوفا من الذنوب وطلبا للمغفرة وهو الشكر على مغفرته للذنوب، وإيصاله نعمه لمن لا يستحق عليه منها شيئا، فيتعين الشكر على ذلك، ثم الشكر قد قلنا: إنه اعتراف بالنعمة وقيام بالخدمة، فمن كثر عنه ذلك وتكرر سمي الشكور، ولذلك قال الحليم الغفور:{وَقَلِيلٌ مِن عِبَادِيَ الشَّكُورُ}
و(قوله: سددوا وقاربوا وأبشروا) أي سددوا في الأعمال؛ أي: اعملوها مسددة لا غلو فيها ولا تقصير، وقاربوا في أزمانها بحيث لا يكون فيها قصر، ولا تطويل، وأبشروا على ذلك بالثواب الكثير والخير الجزيل.
و(قوله: فإنه لن يُدخِل الجنة أحدا عملُه) أي: إن أعمال العباد الصالحة ليست مما تقتضي دخول الجنة؛ إذ ليست في أنفسها على صفات تقتضي ذلك، ولا يستحق المكلف على الله تعالى بسببها شيئا؛ إذ لا منفعة له فيها ولا غرض؛ فإنه الغني بذاته، الذي لا يُستغنى عنه. وكأن هذا نص في الرد على أهل البدع والمعتزلة في قولهم في قاعدتي التحسين والتقبيح والاستحقاق العقليين.
و(قولهم: ولا أنت؟ ) كأنهم وقع لهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لعظيم معرفته بالله،