الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(10) باب في صفة الجنة وما أعد الله فيها
[2744]
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ذخرا، بله ما أطلعكم الله عليه. ثم قرأ:{فَلا تَعلَمُ نَفسٌ مَا أُخفِيَ لَهُم مِن قُرَّةِ أَعيُنٍ}
رواه أحمد (2/ 466)، والبخاريُّ (3244)، ومسلم (2824)(4)، والترمذيّ (3197)، وابن ماجه (4328).
ــ
(10)
ومن باب: صفة الجنة وما أعد الله فيها
(قوله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر) ذُخرا الرواية المشهورة بالدال المعجمة المضمومة، أي: مدخرا، وهو مصدر، يقال: ذخرت الشيء أذخره ذخرا، وادخرته أدخره ادخارا، بالإدغام، هو افتعلت، ووقع في طريق الفارسي (ذكرا) بالكاف، ولبعضهم دخر بغير تنوين. وليسا بشيء، ومعنى هذا الكلام: أن الله تعالى ادخر في الجنة من النعيم والخيرات واللذات ما لم يطلع عليه أحد من الخلق، لا بالإخبار عنه، ولا بالفكرة فيه، وقد تعرض بعض الناس لتعيينه، وهو تكلف ينفيه الخبر نفسه، إذ قد نفى علمه والشعور به عن كل أحد، ويشهد له ويحققه قوله: بله ما أطلعكم الله عليه أي: دع ما أطلعكم عليه. يعني: أن المعد المذكور غير الذي أطلع عليه أحدا من الخلق. و (بله): اسم من أسماء الأفعال بمعنى: دع. هذا هو المشهور فيها، وقيل: هي بمعنى غير، وهذا تفسير معنى.
[2745]
وعنه؛ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها.
رواه أحمد (2/ 418)، والبخاريُّ (4881)، ومسلم (2826)(6 و 7)، والترمذيُّ (2523)، والنسائي في الكبرى (11564)، وابن ماجه (4335).
[2746]
ومن حديث أبي سعيد: يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام. . .
رواه البخاري (6553)، ومسلم (2828)، والترمذي (2526).
[2747]
وعن سهل بن سعد الساعدي قال: شهدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا وصف فيه الجنة حتى انتهى، ثم قال في آخر حديثه: فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. ثم اقترأ هذه الآية:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ} إلى قوله: بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ.
رواه أحمد (5/ 334)، ومسلم (2825).
ــ
و(قوله: إن في الجنة لشجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام لا يقطعها) الرواية التي لا يعرف غيرها (الراكب) مرفوع، فاعل: يسير، والجواد: منصوب مفعول بيسير، والمضمر: نعته، وكذلك السريع، ومعناه: يجري الراكب فرسه السريع الذي قد ضمر هذه المدة فلا يقطعها، وقيل: هي شجرة طوبى، والله تعالى أعلم. وقد تقدَّم القول في تضمير الخيل في كتاب الجهاد. ومعنى ظلها: نعيمها وراحتها، من قولهم: عيش ظليل، وقيل: معنى ظلها: ذراها وناحيتها وكنفها، كما يقال: أنا في ظلك، أي: في كنفك وحوطتك.
[2748]
وعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك، فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: يا رب وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا.
رواه البخاريُّ (6549)، ومسلم (2829)، والترمذي (2558).
* * *
ــ
قلت: والذي أحوج إلى هذين التأويلين أن الظل المتعارف عندنا إنما هو وقاية عن حر الشمس وأذاها، وليس في الجنة شمس، وإنما هي أنوار متوالية لا حر فيها، ولا قر، بل: لذات متوالية، ونعم متتابعة.
و(قوله: أحل عليكم رضواني) أي: أوجب لكم رضائي، فلا يزول عنكم أبدا دائما لا انقطاع له بوجه من الوجوه، وقد أكد ذلك بقوله: فلا أسخط عليكم بعده أبدا.
* * *