الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(8) باب ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل الإصبع في اليم وما جاء أن المؤمن فيه كخامة الزرع
[2700]
وعن المستورد - أخي بني فهر - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه هذه - وأشار يحيى بن يحيى بالسبابة - في اليم، فلينظر بم ترجع.
ــ
الأرض من يقول: الله! الله، فيرتفع ما كان الصدر الأول عليه، وهذا هو المعبر عنه هنا: بالتناسخ؛ فإنَّ النسخ: هو الرفع والإزالة، وهذا الحديث نحو قوله صلى الله عليه وسلم: ما من نبي بعثه الله تعالى في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون، وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون. . . الحديث (1).
و(قوله: حتى يكون آخر عاقبتها ملكا) يعني أنهم يعدلون عن سنن النبيين (2) وخلفائهم إلى الإقبال على الدنيا واتباع الهوى. وهذه أحوال أكثر الملوك، فأمَّا من سلك سبيل الصدر الأول الذي هو زمان النبوة والخلافة من العدل واتباع الحق، والإعراض عن الدنيا، فهو من خلفاء الأنبياء، وإن تأخر زمانه، كعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إذ لم يكن بعد الخلفاء من سلك سبيلهم، واقتدى بهم في غالب أحوالهم غيره، رضي الله عنه. لا جرم هو معدود منهم، وداخل في زمرتهم إن شاء الله تعالى.
[(8) باب: ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل الأصبع في اليم](3)
و(قوله: ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بماذا ترجع) اليم: البحر. وهذا مثل لحقارة الدنيا وقلتها، وهو نحو قوله
(1) رواه مسلم (50).
(2)
في (ز): النبوة.
(3)
هذا العنوان لم يذكره المؤلف رحمه الله في المفهم، واستدركناه من التلخيص.
رواه أحمد (4/ 228)، ومسلم في الجنة (2858)، والترمذيُّ (2323)، وابن ماجه (4108).
[2701]
وعن كعب بن مالك، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَثَلُ المُؤمِنِ كَمَثَلِ الخَامَةِ مِن الزَّرعِ، تُفِيئُهَا الرِّيحُ، تَصرَعُهَا مَرَّةً وَتَعدِلُهَا أُخرَى، حَتَّى تَهِيجَ - في رواية: حتى يأتيه أجله - وَمَثَلُ الكَافِرِ كَمَثَلِ الأَرزَةِ المُجذِيَةِ عَلَى أَصلِهَا، لَا يُصيبهَا شَيءٌ حَتَّى يَكُونَ انجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً.
وفي رواية: (المنافق) بدل (الكافر).
رواه أحمد (3/ 454)، والبخاريُّ (5643)، ومسلم في صفات المنافقين (2810)(59 و 60).
ــ
تعالى: {قُل مَتَاعُ الدُّنيَا قَلِيلٌ} أي: كل شيء يتمتع به في الدنيا من أولها إلى آخرها قليل، إذ لا بقاء له ولا صفو فيه، وهذا بالنسبة إلى نفسها، وأما بالنسبة إلى الآخرة، فلا خطر، ولا قدر للدنيا، وهذا هو المقصود بتمثيل هذا الحديث، حيث قال: فلينظر بماذا يرجع. ووجه هذا التمثيل أن القدر الذي يتعلق بالإصبع من ماء البحر لا قدر له ولا خطر، وكذلك الدنيا بالنسبة إلى الآخرة.
و(قوله: مثل المؤمن كخامة الزرع) الخامة هي: الغضة الرطبة من النبات. وأنشدوا:
إنَّما نحن مثل خامة زرع
…
فمتى يأن يأت محتصده
وتفيئها الرياح: أي: تردها من جانب إلى جانب، وقد بين ذلك بقوله: تصرعها مرة وتعدلها أخرى، وصوابه: تفيئها؛ بضم التاء وكسر الفاء، وتخفيف الياء والهمز، فإنَّه يقال: أفأت الشيء: رجعته. أو فاء هو في نفسه: رجع، ومن فتح الفاء وشدد الياء فقد أخطأ؛ لأنَّه إنما يقال: فيأت الشجرة، يعني إذا ظهر فيئها لا غير. والأرزة: شجرة الصنوبر، وسميت بذلك لثبوتها، يقال: شجرة أرزة؛