الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ تَغزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفتَحُها اللَّهُ. قَالَ: وَقَالَ نَافِعٌ: يَا جَابِرُ لَا نَرَى الدَّجَّالَ يَخرُجُ حَتَّى تُفتَحَ الرُّومُ.
رواه أحمد (4/ 337 و 338)، ومسلم (2900)، وابن ماجه (4091).
* * *
(10) باب الآيات العشر التي تكون قبل الساعة وبيان أولها
[2805]
عن حذيفة بن أسيد الغفاري، قال: اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر. قال: ما تذاكرون؟ قالوا: نذكر الساعة. قال: إنها لن
ــ
و(قوله: ثم تغزون الدجال فيفتحها الله) وقد وقع في بعض النسخ: فيفتحه، بضمير المذكر، فيحتمل أنه يعني بذلك قتل الدجال نفسه الذي يكون على يدي عيسى ابن مريم عليه السلام كما تقدَّم، وكما يأتي. ويحتمل أن يعود على ملكه. ووجدته في أصل الشيخ: فيفتحها الله، بضمير المؤنث، فيعني بذلك مملكته أو أرضه التي يغلب عليها. وجزيرة العرب: أرضهم التي نشؤوا فيها، وسميت جزيرة؛ لأنَّها مجزورة بالبحار والأنهار؛ أي: مقطوعة بها. والجزر: هو القطع. وقيل: لأنها جزرت بالبحار التي أحدقت بها، وقد تقدَّم القول فيها في الجهاد.
(10)
ومن باب: الآيات العشر التي تكون قبل قيام الساعة (1)
حذيفة بن أسيد: هو بفتح الهمزة وكسر السين، يكنى أبا سريحة، بفتح السين وكسر الراء، وهو غفاري كان ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، يعد
(1) شرح المؤلف رحمه الله تحت هذا العنوان هذا الباب، والبابين التاليين في =
تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات. فذكر الدخان والدجال والدابة
ــ
في الكوفيين وبالكوفة مات، وحديث حذيفة في العشر الآيات رواه سفيان بن عيينة عن فرات القزاز عن أبي الطفيل، عن حذيفة على نص ما ذكرناه في المختصر، والعشر الآيات فيه مجموعة غير مرتبة، وقد رواه شعبة عن فرات، فجاء بها مرتبة مجموعة، فكانت هذه الرواية بالذكر في المختصر أولى، لكن لم يقدر ذلك، فلنذكر هذه الرواية هنا. قال حذيفة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفة ونحن أسفل منه، فاطلع إلينا، فقال: ما تذكرون؟ قلنا: الساعة، قال: إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف في جزيرة العرب، والدخان، والدجال، ودابة الأرض، ويأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، ونار تخرج من قعر عدن ترحل الناس (1). قال شعبة: وحدثني عبد العزيز بن رفيع عن أبي الطفيل عن أبي سريحة مثل ذلك، لا يذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وقال أحدهما في العاشرة: ونزول عيسى ابن مريم. وقال الآخر: وريح تلقي الناس في البحر. وهذه الرواية مرتبة محسنة، فلنرد إليها الرواية التي لا ترتيب فيها، فأول هذه الآيات: الخسوفات الثلاثة، وقد وقع بعضها. ذكر أبو الفرج الجوزي: أنها وقعت بعراق العجم زلازل وخسوفات هائلة، هلك بسببها خلق كثير، وقد سمعنا ونحن بالأندلس أن بلدا بشرقها خسف به، وهلك كثير من أهله. وأما الدخان فهو الذي دل عليه قوله تعالى:{فَارتَقِب يَومَ تَأتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} على ما ذهب إليه غير ابن مسعود، وهم جماعة من السلف، وهو مروي عن علي وابن عمر وأبي هريرة، وابن عباس، والحسن، وابن أبي مليكة. وروى حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من أشراط الساعة دخانا يمكث في الأرض أربعين يوما.
= التلخيص، وهما: باب: أمور تكون بين يديْ السَّاعة. وباب: الخليفة الكائن آخر الزمان.
(1)
رواه مسلم (2901/ 40).
وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة
ــ
قلت: ويؤيد هذا قوله تعالى في الآية: {رَبَّنَا اكشِف عَنَّا العَذَابَ إِنَّا مُؤمِنُونَ} وقوله: {إِنَّا كَاشِفُو العَذَابِ قَلِيلا إِنَّكُم عَائِدُونَ} وهذا يبعد قول من قال: إنه الدخان الذي يعذب به الكفار يوم القيامة، وهو مروي عن زيد بن علي، وسيأتي القول في حديث ابن مسعود في التفسير. وأما الدابة فهي التي قال الله فيها:{وَإِذَا وَقَعَ القَولُ عَلَيهِم أَخرَجنَا لَهُم دَابَّةً مِنَ الأَرضِ تُكَلِّمُهُم} ذكر أهل التفسير أنها خلق عظيم تخرج من صدع من الصفا لا يفوتها أحد، تسم المؤمن فينير وجهه، ويُكتب بين عينيه مؤمن، وتسم الكافر فيسود وجهه ويكتب بين عينيه كافر. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن هذه الدابة هي الجساسة المذكورة في الحديث بعد هذا، وعن ابن عباس: أنها الثعبان الذي كان ببئر الكعبة، فاختطفته العقاب (1)، وقد اختلف في صورتها، وفي أي موضع تخرج منه على أقوال كثيرة، وليس في شيء من ذلك خبر صحيح مرفوع. قال بعض المتأخرين من المفسرين: الأقرب أن تكون هذه الدابة إنسانا متكلما يناظر أهل البدع والكفر، ويجادلهم لينقطعوا، فيهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة.
قلت: وإنما كان هذا عند هذا القائل الأقرب لقوله تعالى: {تُكَلِّمُهُم} وعلى هذا فلا يكون في هذه الدابة آية خاصة خارقة للعادة، ولا تكون من جملة العشر الآيات المذكورة في الحديث؛ لأنَّ وجود المناظرين والمحتجين على أهل البدع كثير. فلا آية خاصة، فلا ينبغي أن تذكر مع العشر وترتفع خصوصية وجودها، فإذا وقع القول ثمَّ: فيه العدول عن تسمية هذا الإنسان المناظر الفاضل العالم الذي يحتج على أهل الأرض باسم الإنسان، أو بالعالم، أو بالإمام، إلى أن يسمى بدابة، وهذا خروج عن عادة الفصحاء، وعن تعظيم العلماء، وليس ذلك
(1) انظر قول ابن عباس هذا في سيرة ابن هشام في حديث بنيان الكعبة.