الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(3) باب سؤال الملكين للعبد حين يوضع في القبر وقوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَولِ الثَّابِتِ}
[2724]
عن أنس بن مالك قال: قَالَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ العَبدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبرِهِ وَتَوَلَّى عَنهُ أَصحَابُهُ، إِنَّهُ لَيَسمَعُ قَرعَ نِعَالِهِم، قَالَ: يَأتِيهِ مَلَكَانِ فَيُقعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كُنتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ قَالَ: فَأَمَّا المُؤمِنُ فَيَقُولُ: أَشهَدُ أَنَّهُ عَبدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: انظُر إِلَى مَقعَدِكَ مِن النَّارِ قَد أَبدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقعَدًا مِن الجَنَّةِ، قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا.
قَالَ قَتَادَةُ: وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُفسَحُ لَهُ فِي قَبرِهِ سَبعُونَ
ــ
و(قوله: إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم) هذا نص في أن الميت يسمع، وقد تقدم الكلام في هذا وفي إنكار عائشة رضي الله عنها إياه على ابن عمر في كتاب الجنائز.
و(قوله: فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار) أي: لو لم تؤمن ولم تقم بحجتك، قد أبدلك الله تعالى به مقعدا من الجنة لما قمت بحجتك.
و(قوله: فيراهما جميعا) يدل على أن رؤيته لهما حقيقة بالعين، وعلى هذا فيحيا الميت في قبره حياة محققة بحيث يرى ويسمع ويسأل ويتكلم، وعلى هذا تدل أدلة الكتاب والسنة في غير ما موضع. والحكمة في أن الله تعالى يريه إياهما ليعلم قدر نعمة الله، فيما صرف عنه من عذاب جهنم، وفيما أوصل إليه من كرامة الجنة.
و(قوله: فيفسح له في قبره) أي: يوسع له فيه سبعون ذراعا، فيحتمل البقاء على ظاهره، ويكون معناه: أنه ترفع الموانع عن بصره، فيبصر مما يجاوره مقدار سبعين ذراعا، حتى لا تناله ظلمة القبر ولا ضيقه، متى رد روحه فيه إليه.
ذِرَاعًا، وَيُملَأُ عَلَيهِ خَضِرًا إِلَى يَومِ يُبعَثُونَ.
رواه أحمد (3/ 126)، والبخاريُّ (1338)، ومسلم (2870)(70)، والنسائي (4/ 97).
[2725]
وعَن البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَولِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا} قَالَ: نَزَلَت فِي عَذَابِ القَبرِ، فَيُقَالُ: مَن رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، فَذَلِكَ قَولُهُ تعالى:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَولِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا وَفِي الآخِرَةِ}
وفي رواية أنه قول البراء، ولم يذكر: عن النبي صلى الله عليه وسلم.
رواه البخاريُّ (1369)، ومسلم (2871)(73 و 74)، وأبو داود (479)، والترمذيُّ (3119)، والنسائي (6/ 151)، وابن ماجه (4269).
* * *
ــ
ويحتمل أن يكون ذلك كله استعارة عن سعة رحمة الله تعالى له، وإكرامه إياه. والأول أولى، والله تعالى أعلم.
و(قوله: ويملأ عليه خضرا) أي: نعما غضة ناعمة، وأصله من خضرة الشجر، والخضر - بكسر الضاد -: اسم جنس للنبات الرطب الأخضر.
و(قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَولِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا وَفِي الآخِرَةِ} أي: يثبتهم في هذه الدار على التوحيد والإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى يميتهم عليه، وفي الآخرة عند المساءلة في القبر، كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قاله فهو المقصود، وإن كان من قول البراء، فهذا