الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(21) باب الدعاء بصالح ما عمل من الأعمال
[2664]
عَن ابنِ عُمَرَ عَن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: بَينَمَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ - في رواية: ممن كان قبلكم - يَتَمَشَّونَ، أَخَذَهُم الطوفان فَأَوَوا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانحَطَّت عَلَى فَمِ غَارِهِم صَخرَةٌ مِن الجَبَلِ، فَانطَبَقَت عَلَيهِم، فَقَالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ: انظُرُوا أَعمَالًا عَمِلتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ فَادعُوا اللَّهَ تَعَالَى بِهَا، لَعَلَّ اللَّهَ يَفرُجُهَا عَنكُم، فَقَالَ أَحَدُهُم: اللَّهُمَّ، إِنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ شَيخَانِ كَبِيرَانِ وَامرَأَتِي، وَلِي صِبيَةٌ صِغَارٌ أَرعَى عَلَيهِم، فَإِذَا أَرَحتُ عَلَيهِم حَلَبتُ فَبَدَأتُ بِوَالِدَيَّ، فَسَقَيتُهُمَا قَبلَ بَنِيَّ، وَإنّي نَأَى بِي ذَاتَ يَومٍ الشَّجَرُ فَلَم آتِ حَتَّى أَمسَيتُ، فَوَجَدتُهُمَا قَد نَامَا، فَحَلَبتُ كَمَا كُنتُ أَحلُبُ، فَجِئتُ
ــ
(21)
ومن باب: الدعاء بصالح ما عمل من الأعمال
غريب حديث الغار: الطوفان هنا: المطر الكثير. وأووا إلى غار: أي: انضموا، وقد تقدَّم أنه يمد ويقصر. فانحطت: نزلت. فأطبقت عليهم؛ أي: صارت على باب الغار كالطبق، وأرعى عليهم: أي أرعى الماشية وأكتسب بها لأجل العيال والأبوين. ونأى بي الشجر؛ أي: بعد عليه ابتغاء الشجر الذي رعاه بماشيته. والحلاب: إناء يحلب فيه، وهو المحلب أيضًا، وقد يكون اللبن. ويتضاغون: يضجون من الجوع، والضغاء ممدود، مضموم الأول، صوت الذلة والفاقة. والدأب: الحال اللازمة، والعادة المتكررة. وافرج: افتح. والفرجة بضم الفاء؛ لأنَّه من السعة، فإذا كان بمعنى الراحة قلت فيه: فَرجة وفَرَج، وفعل كل واحد منهما: فَرَجَ، بالفتح والتخفيف، يفرُج، بالضم لا غير. والغبوق: شرب العشي، والصبوح: شرب الصباح، والجاشرية: عند انغلاق الفجر، يقال: جشر الصبح، أي: انفلق. وبغيت: طلبت.
بِالحِلَابِ، فَقُمتُ عِندَ رُؤوسِهِمَا أَكرَهُ أَن أُوقِظَهُمَا مِن نَومِهِمَا، وَأَكرَهُ أَن أَسقِيَ الصِّبيَةَ قَبلَهُمَا، وَالصِّبيَةُ يَتَضَاغَونَ عِندَ قَدَمَيَّ، فَلَم يَزَل ذَلِكَ دَأبِي وَدَأبَهُم حَتَّى طَلَعَ الفَجرُ، فَإِن كُنتَ تَعلَمُ أَنِّي فَعَلتُ ذَلِكَ ابتِغَاءَ وَجهِكَ فَافرُج لَنَا مِنهَا فُرجَةً نَرَى مِنهَا السَّمَاءَ، فَفَرَجَ اللَّهُ مِنهَا فُرجَةً فَرَأَوا مِنهَا السَّمَاءَ.
وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنّي كَانَت لِيَ ابنَةُ عَمٍّ أَحبَبتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، وَطَلَبتُ إِلَيهَا نَفسَهَا، فَأَبَت حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَتَعِبتُ حَتَّى جَمَعتُ مِائَةَ دِينَارٍ - وفي رواية: عشرين ومائة - فَجِئتُهَا بِهَا، فَلَمَّا وَقَعتُ بَينَ رِجلَيهَا قَالَت: يَا عَبدَ اللَّهِ، اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَفتَح الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمتُ عَنهَا، فَإِن كُنتَ تَعلَمُ أَنِّي فَعَلتُ ذَلِكَ ابتِغَاءَ وَجهِكَ فَافرُج لَنَا مِنهَا فُرجَةً، فَفَرَجَ لَهُم.
وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنِّي كُنتُ استَأجَرتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ، فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ: أَعطِنِي حَقِّي، فَعَرَضتُ عَلَيهِ فَرَقَهُ فَرَغِبَ عَنهُ، فَلَم أَزَل أَزرَعُهُ حَتَّى جَمَعتُ مِنهُ بَقَرًا وَرِعَاءَهَا، فَجَاءَنِي فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَظلِمنِي حَقِّي، قُلتُ: اذهَب إِلَى تِلكَ البَقَرِ وَرِعَائِهَا فَخُذهَا، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَستَهزِئ بِي، فَقُلتُ: إِنِّي لَا أَستَهزِئُ بِكَ، خُذ ذَلِكَ البَقَرَ وَرِعَاءَهَا، فَأَخَذَهُ فَذَهَبَ بِهِ، فَإِن كُنتَ تَعلَمُ أَنِّي فَعَلتُ ذَلِكَ ابتِغَاءَ وَجهِكَ فَافرُج لَنَا مَا بَقِيَ، فَفَرَجَ اللَّهُ مَا بَقِيَ. وفي رواية: وَخَرَجُوا يَمشُونَ.
رواه البخاريُّ (2215)، ومسلم (2743).
* * *
ــ
و(قوله: لا تفض (1) الخاتم إلا بحقه) الفض: الكسر والفتح، والخاتم: كناية عن الفرج، وعذرة البكارة، وحقه: التزويج المشروع. والفرق: مكيال يسع
(1) هذه اللفظة من رواية البخاري رقم (2215) كما جاء في التخريج. ورواية مسلم كما في التلخيص: "لا تفتح".