الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2) باب ما للعبد من ماله وما الذي يبقى عليه في قبره
[2689]
عن مطرف عن أبيه قال: أتَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقرَأُ: {أَلهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}
ــ
المؤمن فيها مقيد بقيود التكاليف، فلا يقدر على حركة ولا سكون إلا أن يفسح له الشرع، فيفك قيده، ويمكنه من الفعل أو الترك، مع ما هو فيه من توالي أنواع البلايا والمحن والمكابدات من الهموم والغموم والأسقام والآلام، ومكابدة الأنداد والأضداد والعيال والأولاد.
وعلى الجملة: (وأشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأولياء، ثم الأمثل فالأمثل. يبتلى الرجل بحسب دينه (1) كما قاله صلى الله عليه وسلم، وأي سجن أعظم من هذا؟ ! ثم هو في هذا السجن على غاية الخوف والوجل، إذ لا يدري بماذا يختم له من عمل. كيف وهو يتوقع أمرا لا شيء أعظم منه، ويخاف هلاكا لا هلاك فوقه؟ ! فلولا أنه يرتجي الخلاص من هذا السجن لهلك مكانه، لكنه لطف به، فهون عليه ذلك كله بما وعد على صبره، وبما كشف له من حميد عاقبة أمره. والكافر منفك عن تلك الحالات بالتكاليف، آمن من تلك المخاويف، مقبل على لذاته، منهمك في شهواته، معتز بمساعدة الأيام، يأكل ويتمتع كما تأكل الأنعام، وعن قريب يستيقظ من هذه الأحلام، ويحصل في السجن الذي لا يرام، فنسأل الله السلامة من أهوال يوم القيامة.
و(قوله: (ألهاكم التكاثر) يعني: شغلكم الإكثار من الدنيا، ومن الالتفات إليها عما هو الأولى بكم من الاستعداد للآخرة، وهذا الخطاب
(1) رواه الحاكم (3/ 343).
قَالَ: يَقُولُ ابنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي، قَالَ: وَهَل لَكَ يَا بنَ آدَمَ مِن مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلتَ فَأَفنَيتَ، أَو لَبِستَ فَأَبلَيتَ، أَو تَصَدَّقتَ فَأَمضَيتَ.
رواه أحمد (4/ 24)، ومسلم (2958)، والترمذي (2342)، والنسائي (6/ 238).
[2690]
وعَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَقُولُ العَبدُ: مَالِي مَالِي، إِنَّمَا لَهُ مِن مَالِهِ ثَلَاثٌ: مَا أَكَلَ فَأَفنَى أَو لَبِسَ فَأَبلَى، أَو أَعطَى فَاقتَنَى، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ.
رواه مسلم (2959).
[2691]
وعن أنس بن مالك قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَتبَعُ المَيِّتَ ثَلَاثَةٌ، فَيَرجِعُ اثنَانِ وَيَبقَى وَاحِدٌ، يَتبَعُهُ أَهلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرجِعُ أَهلُهُ وَمَالُهُ وَيَبقَى عَمَلُهُ.
رواه البخاريُّ (6514)، ومسلم (2960)، والترمذيُّ (2379).
* * *
ــ
للجمهور إذ جنس الإنسان على ذلك مفطور، كما قال تعالى:{كَلا بَل تُحِبُّونَ العَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ} وكما قال: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ}
و(قوله: يقول ابن آدم: مالي مالي) أي: يغتر بنسبة المال إليه، وكونه في يديه، حتى ربما يعجب به ويفخر به، ولعله ممن تعب هو في جمعه، ويصل غيره إلى نفعه، ثم أخبر بالأوجه التي ينتفع بالمال فيها، وافتتح الكلام بـ (إنما) التي هي للتحقيق والحصر، فقال: إنما له من ماله ثلاث. وذكر الحديث.
و(قوله: أو أعطى فاقتنى) هكذا وقع هذا اللفظ عند جمهورهم، ووجهه: