الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فراشه قال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي.
رواه أحمد (3/ 153)، ومسلم (2715)، وأبو داود (5053)، والترمذيُّ (3396)، والنسائي في الكبرى (1063).
* * *
(13) باب مجموعة أدعية كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بها
[2644]
عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت وما لم أعمل.
رواه أحمد (6/ 278)، ومسلم (2716)(66)، وأبو داود (1550)، والنسائي (3/ 56) و (8/ 281).
ــ
و(قوله: فكم ممن لا كافي له، ولا مؤوي) أي: كثير من الناس ممن أراد الله إهلاكه، فلم يطعمه ولم يسقه ولم يكسه، إما لأنه أعدم هذه الأمور في حقه، وإما لأنه لم يقدره على الانتفاع بها حتى هلك، هذا ظاهره. ويحتمل أن يكون معناه: فكم من أهل الجهل والكفر بالله تعالى لا يعرف أن له إلها يطعمه ويسقيه ويؤويه، ولا يقر بذلك، فصار الإله في حقه وفي اعتقاده كأنه معدوم.
(13)
ومن باب: مجموع أدعية كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بها
(قوله: اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت، وما لم أعمل) هذا كقوله في الحديث الآخر: اللهم إني أعوذ بك من كل شر. غير أنه نبه في هذا على
[2645]
وعن ابن عباس أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَكَ أَسلَمتُ وَبِكَ آمَنتُ وَعَلَيكَ تَوَكَّلتُ، وَإِلَيكَ أَنَبتُ، وَبِكَ خَاصَمتُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ أَن تُضِلَّنِي، أَنتَ الحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَالجِنُّ وَالإِنسُ يَمُوتُونَ.
رواه أحمد (1/ 302)، والبخاريُّ (7383)، ومسلم (2717).
[2646]
وعَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فَأَسحَرَ يَقُولُ: سَمِعَ سَامِعٌ بِحَمدِ اللَّهِ وَحُسنِ بَلَائِهِ عَلَينَا،
ــ
معنى زائد، وهو أنه قد يعمل الإنسان العمل لا يقصد به إلا الخير، ويكون في باطن أمره شر لا يعلمه، فاستعاذ منه. ويؤيد هذا أنه قد روي في غير كتاب مسلم: من شر ما علمت، وما لم أعلم.
ويحتمل أن يريد به ما عمل غيره، فيما يظن أنه يقتدى به فيه.
و(قوله: وإليك أنبت) أي: تبت ورجعت.
و(قوله: وبك خاصمت) أي: بإعانتك وتعليمك، وبكلامك جادلت المخالفين فيك حتى خصمتهم.
و(قوله: والجن والإنس يموتون) إنما خص هذين النوعين بالموت؛ وإن كان جميع الحيوان يموت؛ لأنَّ هذين النوعين هما المكلفان المقصودان بالتبليغ، والله أعلم.
و(قوله: إذا كان في سفر فأسحر) أي: استيقظ في السحر، أو خرج في السحر. والسحر: آخر الليل.
و(قوله: سمع سامع بحمد الله وحسن بلائه) وجدته في كتاب شيخنا أبي الصبر أيوب: سمّع بفتح السين والميم وتشديدها. قال القاضي: أي بلغ من سمع
رَبَّنَا صَاحِبنَا وَأَفضِل عَلَينَا، عَائِذًا بِاللَّهِ مِن النَّارِ.
رواه مسلم (2718)، وأبو داود (5086).
[2647]
وعن أَبِي مُوسَى الأَشعَرِيِّ، عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَدعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ اغفِر لِي خَطِيئَتِي وَجَهلِي وَإِسرَافِي فِي أَمرِي، وَمَا أَنتَ أَعلَمُ بِهِ مِنِّي، اللَّهُمَّ اغفِر لِي جِدِّي وَهَزلِي وَخَطَئِي وَعَمدِي، وَكُلُّ ذَلِكَ عِندِي، اللَّهُمَّ اغفِر لِي مَا قَدَّمتُ وَمَا أَخَّرتُ وَمَا
ــ
قولي. وقيده الخطابي: سمِع سامع: بفتح السين وكسر الميم، وتخفيفها، وهكذا أذكر أني قرأته؛ أي: استمع سامع، وشاهد شاهد بحمدنا ربنا على نعمه.
قلت: وعلى هذين التقييدين والتفسيرين، فهو خبر بمعنى الأمر، أي: ليسمع سامع وليبلغ، وهذا نحو قوله: تصدق رجل بديناره، ودرهمه (1) أي: ليتصدق. وجمع عليه ثيابه. أي: ليجمع، وقد تقدَّم القول في نحو هذا. وحسن بلائه؛ بمعنى: ابتلائه، وقد تقدَّم أن أصل الابتلاء: الاختبار، وقد يكون نعمة، وقد يكون نقمة.
و(قوله: رجنا صاحبنا) أي: بحفظك، وكفايتك، وهدايتك.
و(قوله: عائذا بالله من النار)، هو منصوب على الحال؛ أي: أقول ذلك في هذه الحال.
و(قوله: اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي) قد تقدَّم القول في الأنبياء من الذنوب، وفي معنى ذنوبهم غير مرة، ونزيد هنا نكتتين:
إحداهما: أنا وإن قلنا: إن الذنوب تقع منهم، غير أنهم يتوقعون وقوعها،
(1) رواه مسلم (1017).
أَسرَرتُ وَمَا أَعلَنتُ، وَمَا أَنتَ أَعلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنتَ المُقَدِّمُ وَأَنتَ المُؤَخِّرُ، وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ.
رواه أحمد (4/ 417)، والبخاريُّ (6399)، ومسلم (2719).
[2648]
وعَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَصلِح لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصمَةُ أَمرِي، وَأَصلِح لِي دُنيَايَ الَّتِي فِيهَا
ــ
وأن ذلك ممكن، وكانوا يتخوفون من وقوع الممكن المتوقع، ويقدرونه واقعا فيتعوذون منه، وعلى هذا فيكون قوله: وكل ذلك عندي أي: ممكن الوقوع عندي، ودليل صحة ذلك أنهم مكلفون باجتناب المعاصي كلها كما كلفه غيرهم، فلولا صحة إمكان الوقوع لما صح التكليف.
والثانية: أن هذه التعويذات، وهذه الدعوات والتضرعات قيام بحق وظيفة العبودية، واعتراف بحق الربوبية، ليقتدي بهم مذنبو أممهم، ويسلكوا مناهج سبلهم، فتستجاب دعوتهم، وتقبل توبتهم، والله تعالى أعلم. وقد أطنب الناس في ذلك، وما ذكرناه خلاصته.
و(قوله: أنت المقدم وأنت المؤخر) أي: المقدم لمن شئت بالتوبة والولاية والطاعة. والمؤخر لمن شئت بضد ذلك. والأولى: أنه تعالى مقدم كل مقدم في الدنيا والآخرة، ومؤخر كل مؤخر في الدنيا والآخرة، وهذان الاسمان من أسماء الله تعالى المزدوجة، كالأول والآخر، والمبدئ والمعيد، والقابض والباسط، والخافض والرافع، والضار والنافع، فهذه الأسماء لا تقال إلا مزدوجة، كما جاءت في الكتاب والسنة. هكذا قال بعض العلماء، ولم يُجز أن يقال: يا خافض، حتى يضم إليه: يا رافع.
و(قوله: اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري) أي: رباطه
مَعَاشِي، وَأَصلِح لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجعَل الحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيرٍ، وَاجعَل المَوتَ رَاحَةً لِي مِن كُلِّ شَرٍّ.
رواه أحمد (4/ 399)، ومسلم (2720).
[2649]
وعَن عَبدِ اللَّهِ بن مسعود، عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
وفي رواية: العفة، بدل: العفاف.
رواه أحمد (1/ 411)، ومسلم (2721)، والترمذيُّ (3489)، وابن ماجه (3832).
[2650]
وعَن زَيدِ بنِ أَرقَمَ قَالَ: لَا أَقُولُ لَكُم إِلَّا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ، كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن العَجزِ وَالكَسَلِ وَالجُبنِ وَالبُخلِ وَالهَرَمِ وَعَذَابِ القَبرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفسِي
ــ
وعماده، والأمر بمعنى الشأن، ومعنى هذا أن الدين إن فسد لم يصلح للإنسان دنيا ولا آخرة، وهذا دعاء عظيم جمع خير الدنيا والآخرة، والدين والدنيا، فحق على كل سامع له أن يحفظه ويدعو به آناء الليل وآناء النهار، لعل الإنسان يوافق ساعة إجابة فيحصل على خير الدنيا والآخرة.
و(قوله: اللهم إني أسألك الهدى والتقى. . . الحديث) الهدى يعني: إلى الصراط المستقيم، وهو صراط الذين أنعم عليهم، والتقى: يعني الخوف من الله، والحذر من مخالفته، ويعني بالعفاف: الصيانة من مطامع الدنيا، وبالغنى: غنى النفس.
تَقوَاهَا وَزَكِّهَا أَنتَ خَيرُ مَن زَكَّاهَا، أَنتَ وَلِيُّهَا وَمَولَاهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن عِلمٍ لَا يَنفَعُ وَمِن قَلبٍ لَا يَخشَعُ، وَمِن نَفسٍ لَا تَشبَعُ وَمِن دَعوَةٍ لَا يُستَجَابُ لَهَا.
رواه أحمد (3/ 113)، ومسلم (2722)، والترمذي (3567)، والنسائي (8/ 260).
[2651]
وعَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحدَهُ، أَعَزَّ جُندَهُ وَنَصَرَ عَبدَهُ، وَغَلَبَ الأَحزَابَ وَحدَهُ، فَلَا شَيءَ بَعدَهُ.
رواه أحمد (2/ 494)، والبخاري (4114)، ومسلم (2724).
[2652]
وعن عبد الله بن عمر قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجأة نقمتك وجميع سخطك.
رواه مسلم (2739)، وأبو داود (1545).
* * *
ــ
و(قوله: اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع) هو الذي لا يعمل به. كما قال صلى الله عليه وسلم: العلم الذي لا يعمل به كالكنز الذي لا ينفق منه، أتعب صاحبه نفسه في جمعه، ثم لم يصل إلى نفعه (1).
و(قوله: فلا شيء بعده) أي: لا شيء ينصر، ولا يدفع غيره.
(1) رواه ابن خير في فهرسته ص (5).