الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(18) ومن سورة الشعراء
[2896]
عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: لَمَّا نزلَت هَذِهِ الآيَةُ: {وَأَنذِر عَشِيرَتَكَ الأَقرَبِينَ} دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُرَيشًا، فَاجتَمَعُوا، فَعَمَّ وَخَصَّ فَقَالَ: يَا بَنِي كَعبِ بنِ لُؤَيٍّ أَنقِذُوا أَنفُسَكُم مِن النَّارِ، يَا بَنِي مُرَّةَ بنِ كَعبٍ أَنقِذُوا أَنفُسَكُم مِن النَّارِ، يَا بَنِي عَبدِ شَمسٍ أَنقِذُوا أَنفُسَكُم مِن النَّارِ، يَا بَنِي هَاشِمٍ أَنقِذُوا أَنفُسَكُم مِن النَّارِ، يَا بَنِي عَبدِ المُطَّلِبِ أَنقِذُوا أَنفُسَكُم مِن النَّارِ، يَا فَاطِمَةُ أَنقِذِي نَفسَكِ مِن النَّارِ؛ فَإِنِّي لَا أَملِكُ لَكُم مِن اللَّهِ شَيئًا، غَيرَ أَنَّ لَكُم رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا.
رواه البخاريُّ (4771)، ومسلم (204)، والترمذيُّ (3184)، والنسائي (6/ 248).
[2897]
وعَن عَائِشَةَ قَالَت: لَمَّا نَزَلَت: {وَأَنذِر عَشِيرَتَكَ الأَقرَبِينَ} قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّفَا فَقَالَ: يَا فَاطِمَةُ بِنتَ
ــ
(18)
ومن سورة الشعراء
(قوله: فإني لا أملك لكم من الله شيئا) أي: لا أقدر على دفع عذابه عن أحد، ولا على جلب ثواب لأحد، أي: فلا ينفع القرب في الأنساب مع البعد في الأسباب.
و(قوله: غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها) أي: سأبلها الصلة التي تليق بها، فصلة المؤمن: إكرامه، ومبَرَّتُه. وصلة الكافر: إرشاده ونصيحته، وقد تقدم القول في تفصيل صلة الأرحام.
و(قوله: {وَأَنذِر عَشِيرَتَكَ الأَقرَبِينَ} ورهطك منهم المخلصين) ظاهر هذا: أن هذا كان قرآنا يتلى، وأنه نسخ؛ إذ لم يثبت نقله في
مُحَمَّدٍ، يَا صَفِيَّةُ بِنتَ عَبدِ المُطَّلِبِ، يَا بَنِي عَبدِ المُطَّلِبِ، لَا أَملِكُ لَكُم مِن اللَّهِ شَيئًا، سَلُونِي مِن مَالِي مَا شِئتُم.
رواه أحمد (6/ 187)، ومسلم (205)، والترمذي (3184)، والنسائي (6/ 250).
[2898]
وعَن ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ: {وَأَنذِر عَشِيرَتَكَ الأَقرَبِينَ} وَرَهطَكَ مِنهُم المُخلَصِينَ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا فَهَتَفَ: يَا صَبَاحَاه، فَقَالُوا: مَن هَذَا الَّذِي يَهتِفُ؟ قَالُوا: مُحَمَّدٌ، فَاجتَمَعُوا إِلَيهِ فَقَالَ: يَا بَنِي فُلَانٍ يَا بَنِي فُلَانٍ يَا بَنِي فُلَانٍ، يَا بَنِي عَبدِ مَنَافٍ، يَا بَنِي عَبدِ المُطَّلِبِ، فَاجتَمَعُوا إِلَيهِ فَقَالَ: أَرَأَيتَكُم لَو أَخبَرتُكُم أَنَّ خَيلًا تَخرُجُ بِسَفحِ هَذَا الجَبَلِ، أَكُنتُم مُصَدِّقِيَّ؟ قَالُوا: مَا جَرَّبنَا عَلَيكَ كَذِبًا، قَالَ: فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُم بَينَ يَدَي عَذَابٍ شَدِيدٍ.
قَالَ: فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، أَمَا جَمَعتَنَا إِلَّا لِهَذَا؟ ثُمَّ قَامَ، فَنَزَلَت هَذِهِ السُّورَةُ: تَبَّت يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَقَد تَبَّ. هكَذَا قَرَأَهُ الأَعمَشُ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.
ــ
المصحف، ولا تواتر، ويلزم على ثبوته إشكال، وهو أنه كان يلزم عليه ألا ينذر إلا من آمن من عشيرته؛ فإنَّ المؤمنين هم الذين يوصفون بالإخلاص في دين الإسلام، وفي حب النبي صلى الله عليه وسلم، لا المشركون؛ لأنَّهم ليسوا على شيء من ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم، دعا عشيرته كلهم - مؤمنهم وكافرهم - وأنذر جميعهم، فلم يثبت ذلك نقلا ولا معنى، فالحمد لله الذي رفع عنا الإشكال والعناء. وسفح الجبل: جانبه، وهو بالسين.
و(قوله: {تَبَّت يَدَا أَبِي لَهَبٍ}) أي: قد خسرت، والتباب:
رواه أحمد (1/ 281)، والبخاريّ (4971)، ومسلم (208)(355)، والترمذي (3363).
* * *
ــ
الخسران، ونسب التباب لليد، والمراد صاحب اليد؛ لأنَّ اليد أصل في الأعمال. ولهب: فيها لغتان: السكون في الهاء وفتحها، واسم أبي لهب: عبد العزى، ولُقب بأبي لهب لإشراق وجنتيه، كأنهما كانتا تلتهبان نارا.
قلت: وأولى من ذلك كله أن الله تعالى أجرى عليه هذا اللقب لعلمه بمآل أمره، وأنه من أهل النار، كما أجرى على أبي جهل لقب الجهل، وسلبه أبا الحكم، وحُكي في قول مصيب: لكل امرئ من اسمه نصيب، ألا يقتضي العجب من قوله:{سَيَصلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ}
و(قوله: وَتَبَّ) معطوف على الأول، وكلاهما بمعنى الدعاء، وقيل: الأول: دعاء، والثاني: إخبار بإجابة الدعاء فيه، ويؤيده قراءة ابن مسعود، وابن عباس رضي الله عنهم:(وقد تب)، وقيل: كلاهما خبر، فالأول: خسرت يداه، مراده من الرسول صلى الله عليه وسلم؛ إذ كان مراده قتله، وإخفاء كلمته. وتب هو: بما أصابه من العذاب، وقيل: تب في نفسه، وتب في ولده وكسبه؛ إذ لم يغنيا عنه شيئًا، ولا جرّا له نفعا.
و(قوله: {حَمَّالَةَ الحَطَبِ}) الجمهور: على رفع (حمالة) على الصفة أو البدل، أو على أنه خبر ابتداء محذوف، وقرأه عاصم بالنصب على الذم، ويجوز أن يكون حالا، وسميت بذلك لأنَّها كانت تُلقي الشوك في طريق النبي صلى الله عليه وسلم لتؤذيه، قاله الضحاك. وقيل؛ لأنَّها كانت نقالة للحديث نمامة، فكانت تشعل نار العداوة، كما تشعل النار في الحطب. قال الشاعر:
إن بني الأدرم حمالو الحطب
…
هم الوشاة في الرضا وفي الغضب