الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والاحتساب على مثل هذه فرض.
وهو على رب الأسرة أكثر في الفرضية، فيَمْنعُ أهله منه ولو طفلا، فضلا عن مميز أو بالغ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم للحسين «كخ كخ إنها من تمر الصدقة لا تحل لنا آل محمد» (1).
فمنعه من تناول الحرام وهو طفل لا يعقل الكلام إلا بقوله «كخ كخ» ، وهي كلمة تقال للطفل قبل فهمه الخطاب، فدل على وجوب حفظ الطفل مما لا يحل.
ولقوله صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته» (2).
ولقوله تعالى (قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)(التحريم: 6).
تأهيل المختصين في التكنولوجيا:
وإيجاد مختصين من المسلمين في المجالات التكنولوجية فرض عين على الدولة، واستعمال الوسائل التكنولوجية يأخذ أحكام المقاصد؛ لأنها من الوسائل.
فنشر كل ما يقيم المصالح ويدرء المفاسد ويخدم المقاصد الشرعية الكبرى: دينا، ونفسا، ومالا، وعرضا، وعقلا، وجماعة، كله له حكم الوجوب في النظر الكلي.
وهذا الحكم منسحب على كل الوسائل التكنولوجية المحققة، والخادمة لهذه المقاصد.
تحديد القبلة بالإحداثيات وهلال الصوم بالمجهر:
وتحديد القبلة بالإحداثيات عبر المواقع الإلكترونية المعتمدة لا مانع منه، وتبنى عليه الأحكام، بخلاف مسألة الهلال بالمجهر الإلكتروني، أو الحساب الفلكي.
والفرق بين المسألتين أن التوجه للقبلة مشروع على غلبة الظن؛ فإذا اتجهنا بالقطع كان أولى، وتحديدها بالإحداثيات قطع أو قريب منه.
بخلاف صيام رمضان، والوقوف بعرفة؛ فإنهما معلقان على القطع بالمشاهدة، أو الإتمام للعدة.
والمشاهدة المجردة هي عين اليقين، ولا فوق لها إلا التكلف (ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ) (التكاثر: 7)، فجعل سبحانه عين اليقين هي المشاهدة بالعين المجردة.
(1) - تقدم تخريجه.
(2)
- تقدم تخريجه.
ومن قواعد الشريعة (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ)(ص: 86).
ولأنه بالاستقراء عرفنا أن الشريعة في أحكامها التي تعم علقت معرفتها بالأسباب الظاهرة العادية لعموم الخلق (لِئَلَاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)(النساء: 165).
ولو أجزنا الصيام بالمجهر؛ لتكلفنا الدخول في العبادات، وهو خلاف منهج ومقصد الشرع في النهي عن التكلف (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ).
وإلا لأجزنا استعمال مكبرات الرؤية في رؤية النجاسة على الثوب والماء.
ولأنه ينبني كثير من المسائل على رؤية الهلال، وهي من أكبر المسائل مثل حساب العدة التي يتعلق بها حفظ الأنساب والأعراض، ويتعلق بها قضاء الديون، وصيام كفارات شهرين متتابعين، والطلاق المعلق، والأيمان، والنذور.
فهل يقال بانقضاء العدة بالاعتماد على رؤية الهلال عبر المجهر المكبر، ولم يُرَ بالعين المجردة إلا بعد يوم؟
وفي هذا اليوم تبقى المرأة في ذمة زوجها المطلق وترثه، وهذه المسائل المرجع فيها رؤية الهلال بالعين أو التمام.
ولا يقاس على النظارة الطبية على العين؛ لأن العمل بالرؤية بالمجهر للهلال تكبيرٌ لما لا يراه الناس جميعا بالرؤية العادية، فهو تكلف.
وأما النظارة فهي فيما هو مرئي للناس في الرؤية العادية فهي علاج لضعف، فكانت في الهلال تكبير لما لا يشاهد لعموم الناس، وفي النظارة تكبيراً لما يشاهده الناس لخلل في عين فرد، فكيف يسوى هذا بهذا والمسألة عكسية؟ فتلك تكلف مذموم والأخرى علاج مشروع، ولا يقاس إلا مع تساوي فرع وأصل، والحاصل أن الله كلف الناس بالعاديات الجارية في الخلق رؤية وسماعا.
فمن كلفهم بغير العاديات فقد خرج عن سعة التكليف إلى التكلف في التكليف.
ونقل رؤية الهلال في الفضائيات مباشرة بواسطة تكبيره بالمجهر أو بغير تكبير لا يعتبر رؤية يجوز بها الشهادة أمام القضاء لمن رآها؛ لأنه كنقل خبر من رأى؛ فالمخبر شاهِدٌ، وناقل الخبر ليس بشاهد.