الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الثاني من الأموال هو: السهم
والنوع الثاني من الأموال هو: السهم. وهو: جزء مشاع مقدر متساو مع مثله.
وشاع في الأسواق المعاصرة انقسامه إلى سهم لحامله وسهم باسم مالكه، فالثاني ظاهر في أصل الجواز والأول يجوز؛ فإن فُقِدَ وأخذه آخر فهو لُقَطَةٌ وجب تعريفها.
والواجب اتخاذ غاية الإجراءات التي تحقق حفظ الحقوق والأموال وتدفع ضياعها؛ لأن الشريعة قائمة على مقاصد كبرى، وحفظ المال منها.
فإذا كان السهم لحامله يغلب عليه ضياع المال بإمكان غلبة ذلك؛ نتيجة لعدم تسجيل اسم مالكه عليه، فإن القول بمنع إصدار مثل هذه الأسهم قريب، وعكسه عكسه.
ولا يجوز جعل أسهم ممتازة وعادية إن ترتب على الامتياز فائدة مسماة على السهم؛ لأنه ربا ظاهر. وكذا إن ترتب عليه خروج صاحب السهم الممتاز من الخسارة، أو تقديمه على غيره في تقاسم الأصول عند الإفلاس، بل الكل سواء حال الإفلاس.
والتصويت في الجمعية العمومية لمالكي الأسهم ترتيبه قائم على مراعاة المصلحة للشركاء، ولهم جعل التصويت لكل مالك، وهو الأصل.
فإن تعذر لكثرة الملاك فينتخبون منهم وكلاء كمجلس للجمعية لتسيير أمور الشركة.
ولا تفاضل في التصويت باختلاف السهم كممتاز وعادي؛ لأنه الله يأمر بالعدل والإحسان، فيعطى مالك السهم الحق في التصويت مباشرة أو بالنيابة؛ لأن له مالاً هو ناظر عليه، ووضعه في يد شركاء لا يرفع حقه في النظر، والتصويتُ من مسائل النظر مباشرةً أو نيابةً، ويمكن القول بجواز التفاضل في التصويت بحسب الأسهم (ممتاز وعادي).
ويجري في الأسهم العينية من الخلاف ما جرى في قبول العروض في الشركات، وهي مسألة قديمة، والصحيح عندي جوازه لأن مدار المنع القديم إنما هو لكثرة حصول الاختلاف عند التقويم والتحاصص، وهذا غير وارد الآن؛ لأن آليات ضبط هذه الأمور واضحة.
أما الأسهم النقدية فلا خلاف في قبولها، فإن آل الأمر في السهم العيني إلى النقد أول الشركة جاز؛ لأنه آل إلى محل إجماع بالجواز.
والأسهم أموال تجري فيها الزكوات بقيمتها يوم وجوب الزكاة بشرط بلوغها نصاب الذهب (85 جراماً) وحال الحول عليها.
ولا تزكى بأصل رأس مالها يوم الدخول في الشركة؛ لأن هذا هو الأصل (1)، إذ الزكاة وجبت فيه وهذه قيمته يوم الوجوب، وأداء الواجب مضبوط بشروطِ وأركانِ زمنِ الوجوب لا قبله.
ولأنه يعود على الزكاة بالضرر غالبا؛ لقلة ثمن رأس مالها كثيرا عن سعرها بعد ذلك، ولا تقاس بعروض التجارة في التقويم لثبات هذه المستهلكات عادة، وقلة الفارق بين رأس المال والربح المقدر.
على أن الأصل في عروض التجارة تقويمها بثمن يوم الزكاة فيها لا بأصل رأس مالها، وإن عُدِلَ عنه استحسانا؛ فلعدم الضرر على الزكاة ولا على المالك بخلاف زكاة الأسهم فالضرر ظاهر على الزكاة.
هذا إن كانت الأسهم للتبادل التجاري، فإن كانت لا للتبادل بل ريعها فقط جرى فيها خلاف زكاة المستغلات.
والإجماع فيه على زكاة ريعه إن بلغ نصابا، وحولا. وصُوَرُه الباقية فيها خلاف (2)،
فنبقى
(1) - أي التزكية بالقيمة السوقية يوم وجوب الزكاة.
(2)
- قولنا «وصوره الباقية فيها خلاف» : (وهو في قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي 1 - 174 - (1/ 40)
قرار رقم: 28 (3/ 4) بشأن زكاة الأسهم في الشركات
مجلة المجمع (ع 4، ج 1 ص 705)
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18 - 23 صفر 1408 هـ الموافق 6 - 11 شباط (فبراير) 1988 م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع زكاة أسهم الشركات، قرر ما يلي:
أولا: تجب زكاة الأسهم على أصحابها، وتخرجها إدارة الشركة نيابة عنهم إذا نص في نظامها الأساسي على ذلك، أو صدر به قرار من الجمعية العمومية، أو كان قانون الدولة يلزم الشركات بإخراج الزكاة، أو حصل تفويض من صاحب الأسهم لإخراج إدارة الشركة زكاة أسهمه.
ثانيا: تخرج إدارة الشركة زكاة الأسهم كما يخرج الشخص الطبيعي زكاة أمواله، بمعنى أن تعتبر جميع أموال =
على محل الإجماع، ولا تكليف مع اضطراب الدلالات كما هو الحال في بقية الصور.
ومن استفتى مفتيا فأفتاه في محل خلاف، لزمه؛ لأن الله أمر بسؤالهم لأجل الالتزام بالعمل، وإلا لزم محال وهو عدم فائدة التكليف بالسؤال.
ومن مات وله أسهم قسمت بين ورثته على المواريث الشرعية بتقويم يوم الوفاة؛ لأنه زمن انتقال الملك.
ويجوز أن يشترك جماعة في ملكية سهم؛ لعموم النصوص الدالة على الجواز وإطلاقها ولعدم المانع الشرعي، ويجعل التصويت لواحد اعتبارا بالسهم لا بتعدد مُلَاّكه.
ومن اشترى أسهما بقصد التورق، أي طلب النقد؛ فإن اشتراها بدين مقسط ثم باعها في السوق من ساعته بعد قبضها، أو دخولها في ملكيته عرفا، وهو القبض تقديرا؛ جاز، ولو بثمن أقل مما اشتراه؛ لأن الله أحل البيع والشراء.
= المساهمين بمثابة أموال شخص واحد وتفرض عليها الزكاة بهذا الاعتبار من حيث نوع المال الذي تجب فيه الزكاة، ومن حيث النصاب، ومن حيث المقدار الذي يؤخذ، وغير ذلك مما يراعى في زكاة الشخص الطبيعي، وذلك أخذا بمبدأ الخلطة عند من عممه من الفقهاء في جميع الأموال.
ويطرح نصيب الأسهم التي لا تجب فيها الزكاة، ومنها أسهم الخزانة العامة، وأسهم الوقف الخيري، وأسهم الجهات الخيرية، وكذلك أسهم غير المسلمين.
ثالثا: إذا لم تزك الشركة أموالها لأي سبب من الأسباب، فالواجب على المساهمين زكاة أسهمهم، فإذا استطاع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة، لو زكت الشركة أموالها على النحو المشار إليه، زكى أسهمه على هذا الاعتبار، لأنه الأصل في كيفية زكاة الأسهم وإن لم يستطع المساهم معرفة ذلك.
فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، وليس بقصد التجارة فإنه يزكيها زكاة المستغلات، وتمشيا مع ما قرره مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية بالنسبة لزكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية، فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع.
وإن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه، زكى قيمتها السوقية وإذا لم يكن لها سوق، زكى قيمتها بتقويم أهل الخبرة، فيخرج ربع العشر 2، 5% من تلك القيمة ومن الربح، إذا كان للأسهم ربح.
رابعا: إذا باع المساهم أسهمه في أثناء الحول ضم ثمنها إلى ماله وزكاه معه عندما يجيء حول زكاته. أما المشتري فيزكي الأسهم التي اشتراها على النحو السابق. والله أعلم.).
فإن باعها لمن اشتراها منه فالأصل حل ذلك؛ لأن بيعه لها في السوق مباح، وممن اشتراها منه مباح وإحسان و (هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلَاّ الإِحْسَانُ) (الرحمن: 60)، فكيف تجيز للغير، وتمنع لمن أحسن وباع بالتقسيط والدَّين؟ ولأنهما لم يقصدا الربا، والأمور بمقاصدها.
ولأن الأعمال بالنيات، ولا نية للمراباة بينهما.
وتحرم إن نوى إقراضه بفائدة، ثم أخرجا ذلك في صورة بيع؛ لأن الحيل التي تعود على أصول الشريعة بالإبطال باطلة.
ولا معرفة لباب الحيل إلا بمعرفة مقاصد النيات، فالقول بالحرمة حينئذ أمر تديني بينه وبين ربه، والقول بالبطلان متعلق بالظواهر.
فإن أظهر لنا مقصده قضينا بالمقاصد وأبطلنا المعاملة دفعا للربا.