الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما عَسَّر باب الربويات إلا مثل هذه الإلحاقات المظنونة، على خلاف أصل (عَفَا اللَّهُ عَنْهَا) (المائدة: 101)، في كل مسألة لم ينص على حرمتها. ولذلك اشتد خلاف الفقهاء القدامى في هذه المسألة (1).
وأما أنواع البيوع
(2):
فالمرابحة، والتولية، والمناقصة، والمزايدة.
فالأولى: بذكر رأس المال أو بما قام عليه ثم يجعل ربحه بالنسبة أو المسمى.
والتولية: هو أن يولي العقد غيره بعد كمال الاتفاق على سائر الأمور.
أما المناقصة فهي الخصم بالنسبة، أو المسمى.
أما المزايدة فهي طلب الزيادة بالإعلان لمريدي الشراء؛ فمن دفع أكثر عقد له.
الطريق الثاني من طرق التملك: المعاوضة غير المحضة
وهذه الطرق راجعة إلى المكارمات والتعويضات، لا محضَ الربح.
فالمكارمات هي: النفقات، والمهور.
والتعويضات هي:
الديات والأروش
. ولنبدأ بها:
الديات والأروش:
ودية النفس إما عن عفو من قصاص، أو من قتل خطأ، فالأولى لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (البقرة: 178).
فأمر بالأداء بإحسان أي الدية، بعد عفو القصاص.
وإنما قال (شَيْءٌ) في (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ)(البقرة: 178)؛ لأن العفو يكون عن كل شيء، وعن شيء، فالأول عن القصاص والدية، والثاني عن القصاص.
(1) - وهذا ما حمل بعض الفقهاء إلى نقد كثير من هذا كابن رشد إذ قال بتعسر وجود قانون في هذا الباب. بداية المجتهد 3/ 266.
(2)
- وهذه عقود مذكورة في كتب الفقه وهي معلومة مشهورة لا نطيل ببسطها.
وأما دية الخطأ فللنص (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَاّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَاّ أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)(النساء: 92).
ومقدارها شرعا مئة من الإبل فإن غلظت فأربعون في بطونها أولادها.
وفرضت على أهل الذهب ذهبا، وعلى أهل الفضة فضة، وعلى أهل الحلل حللاً، وتفرض الآن على كل بلد بعملتها بتقويم عادل.
والدية هي: تعويض مالي مفروض مقدر شرعا على الجاني للمجني عليه في النفس أو العضو.
فقولنا «تعويض» جعلناه من باب التعويضات لا من باب المعاوضات؛ لأن الآدمي وأجزاءه لا تدخلها المعاوضات.
والرق طارئ (1) زال (2) بالشرع، والملك فيه وارد على المنفعة لا على البدن (3).
وقولنا «مالي مفروض مقدر شرعا» يفهم أن التعويض يكون ماليا بأي نوع من أنواع المال الخمسة حسب تقسيمنا السابق الجامع وهو السهم، والنقد، والعين، والحق، والمنفعة.
وقولنا «مقدر» أي بتقدير يدفع النزاع، وبابه مفتوح ولا دليل لمن منع.
وقولنا «مفروض شرعا» لأنه منصوص عليه في الكتاب والسنة (فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ)، وهذا يفيد الوجوب.
وإنما قلنا «شرعا» في التعريف لورود النص على ذلك.
(1) - قولنا: «والرق
…
الخ» نبهنا على هذا لدفع توهم ما قد يفهم من قولنا السابق بعدم جريان المعاوضات في الآدمي وأجزائه فيقول» وما تقولون في الرق؟
(2)
- قولنا: «طارئ» زال بالشرع؛ لبيان أنه ليس أصلا، بل الحرية الأصل، والشرع أعادها كذلك، فشرع كل موجبات التحرر من الرق.
(3)
- وقولنا: «لا على البدن» دليله جريان القصاص على المالك إن جنى على عبده.