الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البيعٍ حال النداء للجمعة.
والبيع في المسجد، وأخذ الأجرة على تعليم القرآن والعلم الشرعي والأذان والدعوة وبيع الأوقاف.
ومن الثالث أعني ما ترتب عنه ضرر ظاهر بالمكارم والإنسانية، بيع فضل الماء، وعسب الفحل؛ لأنه من المكارمات بذلا بلا عوض.
فهذه هي الموانع الخمسة.
فكل عقد في الدنيا -قديماً أو حديثاً إلى يوم القيامة- لا يوجد فيه مانع قاطع منها أو قريب منه فهو مباح.
وكل معاملات العالم التجارية بين المسلمين وغيرهم الأصل فيها الإباحة والحل
.
والعقود المالية قديمها وجديدها كثيرة، والأصل فيها الحل (1)، وسنتكلم عن مهمات أحكامها في الأنظمة المالية، ونذكر هنا ما يتعلق بهذا الموضع، فمن ذلك:
-
عقد التخليص الجمركي:
وهو: عقد منفعة على استكمال إجراءات تخليص السلع من الجهات الجمركية الرسمية إلى يد المستورد أو من يوكله مقابل عوض مالي.
وهو بهذا عقد إجارة واضح.
-
عقد خدمة التحويلات:
والتحويلات المالية خدمة مصرفية عمّت إليها الحاجة، وما كان كذلك فقد رعته الشريعة في الحاجيات؛ إذ يؤدي عدمها إلى تعطل كثير من المصالح التجارية والشخصية وتعسرها.
وبعض الحاجيات تنزل منزلة الضروريات.
وقيدناها «ببعض» لأن إطلاقها عَسِرٌ، فلا يقال الحاجيات تنزل منزلة الضروريات بل بعض الحاجيات، إذ الضروريات مرتبة عالية تختل الحياة وجوداً باختلالها، بخلاف الحاجيات، فإطلاق كون الحاجيات كالضروريات في الحكم لا بد أن يقيد بالبعض.
(1) - ومهمات أحكامها في الأنظمة المالية.
وصورةُ التحويلات الإلكترونية، أو التلكسية، أو الهاتفية: أن يدفع شخص مبلغا يريد تحويله إلى مستقبل في مكان آخر محلي أو دولي.
ويكون عمل مكتب التحويلات أن يقبضها منه بسند فيه اسمه واسم المحوَّل إليه، والمبلغ، والبلد، ورقم التحويل، وما يحتاج إليه من تفاصيل، ثم يأمُر المكتبَ المحولَّ عليه أن يسلم للمحول له ذلك المبلغ.
وهذه الخدمة بعوض مالي معلوم عند التحويل تؤخذ من العملاء.
وهو عقد مباح، وكسبه حلال؛ لأنه بالنسبة للشخص المحوِّل بالمبلغ عبر مكتب التحويلات عقد مع المكتب على منفعة إيصال المبلغ إلى المستلم المحول إليه بأجرة مدفوعة.
ولأنه بالنسبة إلى مكتبي التحويلات عقد وكالة بينهما، إذ كل منهما وكيل عن الآخر مقابل عوض متفق عليه؛ ففيها وكالة على عمل بأجرة.
ولأن أحدهما يقبض أموالا ويأمر الآخر بدفعها فلا بد من ضمان جهة على تعاملهما كالبنك المركزي أو وكلائه.
ولا شأن للشخص المرسِل والمستلِم إلا بعقد الحوالة المبرم، ولا يتعلق صحة أو بطلان هذا العقد بالعقود الأخرى الخاصة بين المكتبين.
ولو أردنا تعسيرا لقلنا تخريجا:
إن الشخص المحوِّل حين دَفْعِ المبلغ هو مقرض للمكتب بالعاجل، والمكتب محيل على مكتب آخر ملء بأجرة برضا المحوِّل؛ فهو قرض جر نفعا؛ فحرم.
وكذلك نقول فيما بين المكتبين، فأحدهما دائن والآخر مدين، ثم يجري السداد ويتقاسمان مقابل ذلك الفائدة المحصلة من العملاء كأجرة للحوالات.
أو نقول عقد إجارة وقرض؛ فحرم؛ لأن الحوالات إجارة كما مر، وفيها دفع مبلغ قرضا ليعطيه آخر عاجلا بأجرة.
وجميع هذه التخريجات من التعسير على الخلق؛ لأن كل عقد تجاري جرى به التعامل الأصل حله؛ ولا يؤخذ حكمه من عقد آخر بالإلحاق؛ بل حكمه الأصلي الإباحة قطعا على الأصل؛ فمن زحزحه عن هذا كان بدليل في أحد الموانع الخمسة للعقود وإلا فلا حجة له.