الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأنواع الخمسة للمال: النقد، والسهم، والحق، والعين، والمنفعة
النوع الأول من الأموال: النقود
، وهي ثلاثة أنواع: فالذهب نوع، والفضة نوع، والعملة الورقية الحالية وفروعها نوع.
فأما الذهب والفضة فهما أصل الثمنية، ولها أحكام ظاهرة مشهورة، وهي أصل النقدية ويتعلق بها الربا، وفيها الزكاة بالشروط، ومنها حل لبسها للنساء، وحرمة الذهب على الرجال، وكذا حرمة اتخاذها للاستعمال في أواني المآكل والمشارب ونحو ذلك.
أما النقود الورقية فهي: عملة تصدرها الدولة رسميا باسمها، ولها قيمة اعتبارية لا ذاتية.
وتجري فيها أحكام الذهب والفضة، كون العملة الورقية صارت بدلا جارياً عنهما، فيجري فيها الربا والمعاملات، وتكون عِوَضَا في المهور والديات والأروش وتصح في الشركات والضمان والأجور (1).
(1) - من قرارات المجمع الفقهي الإسلامي للرابطة -مكة (1/ 22): قرار رقم (22) حول العملة الورقية
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد اطلع على البحث المقدم إليه في موضوع العملة الورقية، وأحكامها من الناحية الشرعية، وبعد المناقشة والمداولة بين أعضائه قرر ما يلي:
أولاً: أنه بناء على أن الأصل في النقد هو الذهب والفضة، وبناء على أن علة جريان الربا فيهما هي مطلق الثمنية في أصح الأقوال عند فقهاء الشريعة. وبما أن الثمنية لا تقتصر عند الفقهاء على الذهب والفضة، وإن كان معدنهما هو الأصل. وبما أن العملة الورقية قد أصبحت ثمنًا، وقامت مقام الذهب والفضة في التعامل بها، وبها تُقَوَّمُ الأشياء في هذا العصر، لاختفاء التعامل بالذهب والفضة، وتطمئن النفوس بتمولها وادخارها، ويحصل الوفاء والإبراء العام بها، رغم أن قيمتها ليست في ذاتها، وإنما في أمر خارج عنها، وهو حصول الثقة بها، كوسيط في التداول والتبادل، وذلك هو سر مناطها بالثمنية. وحيث إن التحقيق في علة جريان الربا في الذهب والفضة هو مطلق الثمنية، وهي متحققة في العملة الورقية، لذلك كله، فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، يقرر: أن العملة الورقية نقد قائم بذاته، له حكم النقدين من الذهب والفضة، فتجب الزكاة فيها، ويجري الربا عليها بنوعيه، فضلاً ونسيئةً، كما يجري ذلك في النقدين من الذهب والفضة تمامًا، باعتبار الثمنية في العملة الورقية قياسًا عليهما، وبذلك تأخذ العملة الورقية أحكام النقود في كل الالتزامات التي تفرضها الشريعة فيها.
ثانيًا: يعتبر الورق النقدي نقدًا قائمًا بذاته، كقيام النقدية في الذهب والفضة وغيرهما من الأثمان، كما يعتبر الورق =
ويجب على الدولة الحفاظ على العملة؛ لأنها قيم أموال الناس.
وتحفظ من تزويرها، أو التلاعب بقيمتها، أو طباعتها بلا مصلحة ظاهرة معتبرة عامة.
وتغييرها ممنوع إلا للمصلحة العامة، وبقول من يمضي قوله في تقدير المصالح العامة في هذه الأمور.
ويحرم تزوير العملة لعموم «من غش فليس منا» (1)؛ ولأنه أكل لأموال الناس بالباطل وهو سحت محرم، والعملة المزورة هي من الباطل.
= النقدي أجناسًا مختلفة، تتعدد بتعدد جهات الإصدار في البلدان المختلفة، بمعنى أن الورق النقدي السعودي جنس، وأن الورق النقدي الأمريكي جنس. وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته، وبذلك يجري فيها الربا بنوعيه فضلاً ونسيئةً، كما يجري الربا بنوعيه في النقدين الذهب والفضة وفي غيرهما من الأثمان. وهذا كله يقتضي ما يلي:
(أ) لا يجوز بيع الورق النقدي بعضه ببعض، أو بغيره من الأجناس النقدية الأخرى، من ذهب أو فضة أو غيرهما، نسيئة مطلقًا. فلا يجوز مثلاً بيع ريال سعودي بعملة أخرى متفاضلاً نسيئة بدون تقابض.
(ب) لا يجوز بيع الجنس الواحد من العملة الورقية بعضه ببعض متفاضلاً، سواء كان ذلك نسيئة أو يدًا بيد، فلا يجوز مثلاً بيع عشرة ريالات سعودية ورقًا، بأحد عشر ريالاً سعودية ورقًا، نسيئة أو يدًا بيد.
(ج) يجوز بيع بعضه ببعض من غير جنسه مطلقًا، إذا كان ذلك يدًا بيد، فيجوز بيع الليرة السورية أو اللبنانية بريال سعودي ورقًا كان أو فضة، أو أقل من ذلك، أو أكثر. وبيع الدولار الأمريكي بثلاثة ريالات سعودية، أو أقل من ذلك، أو أكثر، إذا كان ذلك يدًا بيد، ومثل ذلك في الجواز بيع الريال السعودي الفضة بثلاثة ريالات سعودية ورق، أو أقل من ذلك أو أكثر يدًا بيد؛ لأن ذلك يعتبر بيع جنس بغير جنسه، لا أثر لمجرد الاشتراك في الاسم مع الاختلاف في الحقيقة.
ثالثًا: وجوب زكاة الأوراق النقدية، إذا بلغت قيمتها أدنى النصابين من ذهب أو فضة، أو كانت تكمل النصاب مع غيرها من الأثمان والعروض المعدة للتجارة.
رابعًا: جواز جعل الأوراق النقدية رأس مال في بيع السلم، والشركات. والله أعلم. وبالله التوفيق. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الرئيس: عبدالله بن حميد (غائب لمرضه). نائب الرئيس: محمد علي الحركان. الأعضاء: عبدالعزيز بن باز، محمد بن سالم بن عبدالودود، مصطفى الزرقا، محمد رشيدي، محمد بن عبدالله السبيل، حسنين مخلوف (لم يحضر)، محمد رشيد قباني، صالح بن عثيمين، اللواء محمود شيث خطاب (بدون توقيع)، محمد الشاذلي النيفر (متحفظ)، محمد محمود الصواف، عبدالقدوس الهاشمي (اعتذر)، مبروك العوادي (لم يحضر)، أبو الحسن الندوي (اعتذر).
(1)
- تقدم تخريجه.
ومن ضُبِطَ معه عملة ورقية مزورة حقق معه، فإن ظهر مخدوعا لا علم له كمن أعطيها بقيَّة مبلغ، أو صرف ونحوه، وهو لا يميز ذلك؛ فلا ضمان عليه؛ لأن الأصل براءة ذمته لإمكان ذلك.
ويجب تتبع الأمر حتى يتوصل إلى الجناة وجوبا؛ لأنه من دفع الفساد العام، وهو فرض على الدولة؛ ولأنه مما يخدم حفظ المال وهو أحد مقاصد الشريعة الكبرى.
ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر على السوق ويدخل يده في الطعام فأحس فيها بللا، فقال:«ما هذا يا صاحب الطعام من غش فليس منا» . أخرجه مسلم (1).
ويُعَزَّرُ التعزير الرادع له ولغيره بما يحفظ المال العام؛ لأنه من جلب المصالح العامة ودفع المفاسد.
ويحرم على الدولة طباعة العملة بدون مصلحة راجحة؛ لأنه يؤدي إلى تضخمها وضياع قيمتها؛ فلا تشترى السلع إلا بمبالغ كثيرة.
فيؤدي إلى قلة قيمة العملة لدى الأشخاص؛ لأن ما يتقاضونه من دخل رسمي أو غير رسمي لا يكافئ حاجاتهم وضرورياتهم.
فيشترون بدخولهم الضرورات، ولا يزيدون بل قد لا يُحصِّلون حاجتهم من الضرورات.
فيؤدي حينئذ إلى الكساد التجاري لقلة من يشتري؛ لتوجه الناس إلى الضرورات العاجلة، ويؤدي هذا الكساد إلى قلة الاستثمار، وظهور الفقر، والبطالة لقلة الأعمال.
ويؤدي ذلك إلى مفاسد في الأخلاق والأعراض والسياسات، وتظهر الرشوات وبيع الذمم وشهادات الزور، وشراء الأصوات في الانتخابات، وتظهر الأتباع والأذناب والجواسيس والعملاء وغير ذلك.
هذا إذا طبعت العملة الورقية مع عدم الحفاظ على قيمتها.
أما لو طبعت بكثرة مع الحفاظ على قيمتها الشرائية بما يؤدي إلى وفرتها؛ فإنه يقابلها زيادة سعر السلع لكثرة النقود؛ وزيادة الطلب على السلع.
ويؤدي إلى زيادة الرواتب والأجور.
(1) - تقدم تخريجه.