المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ التمويل الجزئي: - المقدمة في فقه العصر - جـ ٢

[فضل مراد]

فهرس الكتاب

- ‌فقه التكنولوجيا

- ‌الاتصالات:

- ‌نغمة الهاتف واستعمال القرآن والسنة في ذلك:

- ‌برامج الجوال:

- ‌العقود بالهاتف:

- ‌البدء بالسلام:

- ‌اتصالات المرأة:

- ‌الشات (الدردشة):

- ‌إعارة الهاتف:

- ‌إيذاء الأعراض:

- ‌سرقة الجوال:

- ‌مسابقات شركات الاتصالات وغيرها من الشركات التجارية:

- ‌الوسائط، ومقاطع الفيديو، والصور، والمواقع الإباحية:

- ‌تأهيل المختصين في التكنولوجيا:

- ‌تحديد القبلة بالإحداثيات وهلال الصوم بالمجهر:

- ‌الصلاة في الطائرة:

- ‌النقل المباشر للصلوات عبر وسائل التكنولوجيا:

- ‌الفاكس:

- ‌الإحرام في الطائرة ووسائل النقل:

- ‌امتلاك التكنولوجيا العسكرية:

- ‌والتكنولوجيا المدنية مطلوبة طلبا وسيليا شرعيا:

- ‌والتكنولوجيا التعليمية:

- ‌الدراسة عن بعد وسماع العلم عبر التكنولوجيا:

- ‌النقل من الموسوعات الإلكترونية:

- ‌التكنولوجيا العلمية وتوثيق وحفظ الأصول وبيع الحقوق الإلكترونية:

- ‌التكنولوجيا الأمنية والقضائية:

- ‌توثيق إقامة الحدود:

- ‌المحاكمة وبثها إعلاميا:

- ‌الجريمة والتوثيق الإعلامي للإثبات:

- ‌فقه الطفل والولد

- ‌طلب الولد ولو في الشيخوخة لمن ليس له ولد، وطفل الأنابيب:

- ‌المولود الأنثى:

- ‌وفي الآيات:

- ‌ويتعلق بالحمل حقوق وأحكام

- ‌العلاج للحامل والحمل:

- ‌ذمة الحمل المالية:

- ‌الإجهاض:

- ‌نسب الحمل:

- ‌دية السقط:

- ‌الأدوية الضارة بالجنين:

- ‌موت الأم الحامل بجنين حي:

- ‌لا يقام الحد على حامل:

- ‌السقط:

- ‌حق تسمية الطفل:

- ‌من يحق له تسمية الطفل:

- ‌حكم التلقيحات للأطفال:

- ‌حق اللعب للطفل:

- ‌الرضاعة الطبيعية:

- ‌الطفل في أعوامه الأولى:

- ‌تكليف الطفل برعاية إخوته:

- ‌إرسال الطفل انتفاعا به:

- ‌صحة الطفل:

- ‌تعليم الطفل:

- ‌إكرام النشء:

- ‌تأديب الولد:

- ‌ما يحرم في تأديب الولد:

- ‌المفردات الهامة لتربية الولد:

- ‌منع الحرام عن الطفل:

- ‌حفظ الطفل من الأضرار:

- ‌تهريب الأطفال:

- ‌أحكام متعددة:

- ‌العدل بين الأبناء

- ‌فقه المرأة

- ‌ فضل الأنثى:

- ‌ لا وجوب في ختان الأنثى ولا تشريع عام:

- ‌ المرأة والاقتصاد المنزلي:

- ‌ حق المرأة في التعليم إلى أعلى المستويات:

- ‌ الزي المدرسي للطالبات:

- ‌ المرأة ووسائل المواصلات:

- ‌ المرأة إذا تصدرت الوعظ للرجال:

- ‌ سجن المرأة:

- ‌ تجنيد المرأة:

- ‌لا يتعنت الزوج في منع زوجته الإجابة للدعوة:

- ‌كوافير النساء

- ‌ لباس المرأة، وزينتها، والأعراس النسائية:

- ‌الحواجب وشعر الجسد:

- ‌الوصل، والباروكة، والأهداب، وتفليج الأسنان:

- ‌الإسراف في الزينة وحرمة إظهارها إلا أمام من يحل له ذلك من المحارم والنساء:

- ‌لبس الضاغط، والمقطع، والشفاف، وما يظهر السرة أمام النساء والمحارم:

- ‌والحاصل أن لبس الضاغط والمقطع والشفاف ومما يظهر حجم العورة أو شكلها أو «المايوه» محرم إلا لزوج:

- ‌الشرط في إظهار الزينة في الأعراس، وحكم التصوير وإدخال الجوال:

- ‌الصلاة في العرس وحكم الأصباغ والخضاب:

- ‌الوشم:

- ‌الطيب والعطور:

- ‌المرأة والبيت:

- ‌المرأة ووالدا زوجها:

- ‌يجب في النكاح رضى المرأة وأهلها:

- ‌تزويج من ليس لها ولي أو تعذر إذنه:

- ‌زواج المغترب، وحرمة المتعة:

- ‌إكراه المرأة على النكاح ممنوع شرعا:

- ‌لا ولاية إجبار في الشريعة:

- ‌وتختص المرأة بزيادة على الرجل في أمور:

- ‌ المهر

- ‌ الجناية على المرأة

- ‌وأما الأروش:

- ‌وأما القصاص:

- ‌ المرأة السياسية:

- ‌ المرأة في مجلس النواب:

- ‌ المرأة القيادية

- ‌ رئاسة المرأة للأحزاب السياسية

- ‌أمور أسرية:

- ‌صيانة عرض المرأة:

- ‌حق المرأة في خلع زوجها:

- ‌العدة ثلاثة أطهار أو ثلاث حيض أو كلاهما:

- ‌الطلاق الرجعي مرتان، فإن كان مقابل مال فهو خلع:

- ‌العدة وحقوقها:

- ‌العدة قسمان فقط:

- ‌والنساء أقسام:

- ‌عدة الحامل واليائسة واللائي لم يحضن:

- ‌عدة المتوفى عنها زوجها:

- ‌النفقة والسكنى والمتعة:

- ‌عدة الوفاة وإثبات متعة عام للمتوفى عنها زوجها وسكنها:

- ‌والسكن لها نوعان:

- ‌للمرأة الحكم بين الناس:

- ‌للمرأة أن تكون في منصب المفتي العام:

- ‌وللمرأة أن تصلح بين الأمة في القضايا الكبرى:

- ‌والعمل والاستثمار للمرأة من المباحات

- ‌غزو النساء:

- ‌سفر المرأة ورفقتها:

- ‌الدخول على المرأة الأجنبية:

- ‌عبادة المرأة:

- ‌الظهار:

- ‌شهادة المرأة وتفضيلها على الرجال في حالات وتفضيله في حالات:

- ‌رياضة المرأة:

- ‌فقه حقوق الإنسان

- ‌يمكننا تعريف حقوق الإنسان بأنها:

- ‌الحرية لكل إنسان:

- ‌حق السكن لكل إنسان:

- ‌الجرائم ضد الإنسانية:

- ‌حق العمل المعيشي لكل إنسان في أي مكان على الأرض مكفول مباح:

- ‌ويمنع التمييز العنصري تحريما:

- ‌والاضطهاد الديني محرم:

- ‌المساواة العادلة:

- ‌والأمن والاستقرار للإنسان في العالم هو الأصل:

- ‌المساواة العادلة واختصاصات المجتمعات الإنسانية:

- ‌العلل الخمس المترتب عليها الحقوق والواجبات:

- ‌فقه اليتيم

- ‌قاعدة التعامل مع اليتيم في دينه ونفسه وماله وعقله وعرضه وحاجياته وتحسيناته:

- ‌طرق كفالة اليتيم:

- ‌والكفالة نوعان:

- ‌بيت اليتيم الخيري:

- ‌التوظيف في مؤسسات اليتيم:

- ‌ الإشراف الداخلي في بيوت اليتيم:

- ‌وسيلة إثبات اليتم:

- ‌وفي حال كثرة أموال اليتامى المتبرع لهم بها من الكافلين:

- ‌كيفية استثمار مال اليتيم:

- ‌ما يعطى اليتيم من المصاريف، والصلات، والعيديات:

- ‌حكم الذين يجمعون التبرعات وكم يعطون من الأجر:

- ‌إذا عين المانح يتيما بعينه:

- ‌تزويج اليتيم:

- ‌تعليم اليتيم وتأهيله من الكفالة المشروعة ومتى ينتهي:

- ‌الدولة ومؤسسات اليتيم ودعمها والوقف عليها:

- ‌فقه الجهاد

- ‌والتعريف الجامع المانع له أن نقول:

- ‌والجهاد فرض على أنواع:

- ‌1 - أما الإعداد فهو في كل معنى للقوة يحصل منه ردع للعدو استقلالا أو استكمالا

- ‌2 - أما النوع الثاني من الجهاد فهو: التعبئة

- ‌وهو شامل لنوعين من التعبئة:

- ‌3 - النوع الثالث للجهاد: القتال

- ‌شروط القتال في سبيل الله

- ‌والقوة العامة هي:

- ‌ القوة البشرية

- ‌جمع الكلمة:

- ‌القوة المالية:

- ‌التدريب القتالي:

- ‌قوة التسليح:

- ‌أركان القتال في سبيل الله:

- ‌واجبات القتال في سبيل الله:

- ‌التفصيل القتالي بما يتعلق بالمعركة من الأحكام:

- ‌إنشاء المجلس الأعلى للسلم والحرب:

- ‌وإذا وجب الجهاد فللأمة أحوال:

- ‌ إجراءات قتالية:

- ‌فقه الأموال والاقتصاد المعاصر

- ‌قال المؤلف عفا الله عنه:

- ‌قواعد مالية عامة:

- ‌الملكية:

- ‌حفظ المال:

- ‌ المعاملات والأموال:

- ‌الأنواع الخمسة للمال: النقد، والسهم، والحق، والعين، والمنفعة

- ‌النوع الأول من الأموال: النقود

- ‌إصدار العملة العربية الإسلامية الموحدة من غير ارتباط بالعملات المهيمنة الخارجية:

- ‌حكم تغيير العملة:

- ‌وعلة عامة أخرى هي:

- ‌النوع الثاني من الأموال هو: السهم

- ‌النوع الثالث من الأموال: الحقوق المالية

- ‌يمكن تقسيم الحقوق المالية إلى ثلاثة أقسام:

- ‌الأول: ما له تعلق بالمال من وجه أكسبه حقا معنويا

- ‌والثاني: الحق المترتب على مال

- ‌والثالث: الحق المترتب عنه مال

- ‌أولا: حقوق التأليف:

- ‌الحقوق الأدبية لا تباع:

- ‌الإكرام على الاختراعات والتآليف:

- ‌بذل المال على المعلومة والمراهنة على ذلك:

- ‌بيع المعلومات:

- ‌بيع المعلومات المخابراتية:

- ‌بيع الإنتاجات الإعلامية:

- ‌ثانيا: حق نقل القدم أو بدل الخلو:

- ‌ثالثا: حق الشفعة:

- ‌رابعا: حق العلامة التجارية:

- ‌خامسا: حق الخيار:

- ‌سادسا: حق التعويض عن الضرر أثناء العمل:

- ‌سابعا: الدرجات الوظيفية:

- ‌ثامنا: حقوق الارتفاق:

- ‌تاسعا: حق التصويت في شركات الأسهم:

- ‌عاشرا: حق النظارة على الوقف ومال اليتيم:

- ‌الحادي عشر: حق حاضر القسمة:

- ‌الثاني عشر: الحق العام والحق السيادي:

- ‌الثالث عشر: حق انتزاع الملكية:

- ‌النوع الرابع من الأموال: العين، أو الأعيان المالية

- ‌القسم الأول: الأرض والأصول التابعة لها

- ‌الملك المجتمعي

- ‌الملك الخاص المتعلق بالأرض وأحكامه:

- ‌الأحكام الزراعية:

- ‌القسم الثاني من الأعيان المالية: الثروات

- ‌الثروة الجوية:

- ‌والأجواء أنواع ثلاثة:

- ‌النوع الأول: الأجواء الدولية

- ‌النوع الثاني: الأجواء الوطنية

- ‌ إن كان اختراق الأجواء في حال ضعف المسلمين لا لعمالة:

- ‌النوع الثالث: الأجواء الشخصية الخاصة

- ‌ الثروات المعدنية والبترولية:

- ‌والثروة البحرية والنهرية:

- ‌المأكول والمشروب:

- ‌النوع الخامس من أنواع المال: المنفعة

- ‌فالفرق بين القسمين الحقوق والمنافع:

- ‌ الاستدلال على عقود المنافع

- ‌فالإجارة هي بيع المنافع

- ‌وعقد التوكيلات:

- ‌الموانع الخمسة التي تبطل العقود

- ‌وكل معاملات العالم التجارية بين المسلمين وغيرهم الأصل فيها الإباحة والحل

- ‌ عقد التخليص الجمركي:

- ‌ عقد خدمة التحويلات:

- ‌عقود خدمة الهاتف:

- ‌عقد الاعتماد المستندي:

- ‌والأنظمة المالية خمسة:

- ‌ولنبدأ بالمعاوضات المحضة:

- ‌قاعدة هامة:

- ‌ ركن التراضي:

- ‌ شروط البيع:

- ‌ الموانع الخمسة:

- ‌ القرض وأحكامه:

- ‌والقاعدة:

- ‌وأما أنواع البيوع

- ‌ الديات والأروش

- ‌وفي النص من الأحكام:

- ‌ النفقات:

- ‌النظام المالي الثاني وهو: نظام الاستثمار

- ‌التفاوض الاستثماري

- ‌نتائج التساوم التفاوضي

- ‌ عقد البيع

- ‌ عقود السلم

- ‌ عقد الصرافة:

- ‌ العقد الصناعي:

- ‌عقد الإنتاج الفكري

- ‌العقد الاستشاري

- ‌ عقود الشركات

- ‌والمضاربة تكون في الأنواع الخمسة من المال

- ‌ مضاربة البنك بالودائع غير الاستثمارية والاستثمارية والتصرف فيها

- ‌ التمويل الجزئي:

- ‌ السوق التجاري:

- ‌النظام المالي الثالث: نظام الحماية

- ‌أنواع الحماية المالية:

- ‌الحجر

- ‌ الغصب:

- ‌أما الضمان والكفالة:

- ‌أنواع الضمان:

- ‌النظام المالي الرابع: نظام الإنفاق وتوزيع الثروة

- ‌ وفرة القوت تساوي الطلب:

- ‌ إمكانية الرفاهية للكل:

- ‌ معوقات الرفاهية البشرية وحصول البركات الإلهية:

- ‌ قانون الكسب والحياة الحسنة

- ‌نظام توزيع الثروة ونسقاته في الإسلام:

- ‌ الحجب:

- ‌تعريف الوقف:

- ‌وقف الأسهم

- ‌وقف الأموال النقدية:

- ‌وقف الأعيان المالية:

- ‌وقف الحقوق المالية:

- ‌وقف المنفعة المالية بسائر أنواعها

- ‌الوقف السياسي والنقابي ومنظمات المجتمع وسائر الجهات:

- ‌ النظام المالي الخامس فهو نظام الإرفاق والتسهيلات

- ‌لوحاتمن فقه النفس والحياة

- ‌لَوْحَة (أ)

- ‌لَوْحَة (ب)

- ‌لَوْحَة (ت)

- ‌لَوْحَة (ث)

- ‌لَوْحَة (ج)

- ‌لَوْحَة (ح)

- ‌لَوْحَة (خ)

- ‌لَوْحَة (د)

- ‌لَوْحَة (ذ)

- ‌لَوْحَة (ر)

- ‌لَوْحَة (ز)

- ‌لَوْحَة (س)

- ‌لَوْحَة (ش)

- ‌لَوْحَة (ص)

- ‌لَوْحَة (ض)

- ‌لَوْحَة (ط)

- ‌لَوْحَة (ظ)

- ‌لَوْحَة (ع)

- ‌لَوْحَة (غ)

- ‌لَوْحَة (ف)

- ‌لَوْحَة (ق)

- ‌لَوْحَة (ك)

- ‌لَوْحَة (ل)

- ‌لَوْحَة (م)

- ‌لَوْحَة (ن)

- ‌لَوْحَة (ه

- ‌لَوْحَة (و)

- ‌لَوْحَة (ي)

- ‌لَوْحَة الختام .. التعويذ من الطابور السادس

- ‌الخاتمة ..الإعلان الكبير للحساب الختامي

- ‌وثائق

- ‌الإعلان العالمي الإسلاميلحقوق الإنسان

- ‌المادة الأولى (المساواة):

- ‌المادة الثانية (حق الحياة):

- ‌المادة الثالثة (حق المدنيين وغيرهم بالحروب):

- ‌المادة الرابعة (حق الميت):

- ‌المادة الخامسة (حق تكوين الأسرة):

- ‌المادة السادسة (حق المرأة):

- ‌المادة السابعة (حق الطفل والأبوين):

- ‌المادة الثامنة (حق الأهلية):

- ‌المادة التاسعة (حق العلم والتربية المؤسسية):

- ‌المادة العاشرة (حق حرية التدين):

- ‌المادة الحادية عشرة (حق الحرية وعدم العبودية والاستعمار):

- ‌المادة الثانية عشرة (حق التنقل واللجوء):

- ‌المادة الثالثة عشرة (حق العمالة):

- ‌المادة الرابعة عشرة (حق العمل والكسب):

- ‌المادة الخامسة عشرة (حق الملكية):

- ‌المادة السادسة عشرة (الحق الأدبي):

- ‌المادة السابعة عشرة (حق توفير بيئة نظيفة أخلاقيا ورعاية صحية واجتماعية وعيش كريم):

- ‌المادة الثامنة عشرة (حق حرية الأمن الشخصي وحرمة السكن):

- ‌المادة التاسعة عشرة (الحق القضائي):

- ‌المادة العشرون (حق عدم التعذيب والتعريض للخطر والتجارب الطبية الخطرة):

- ‌المادة الحادية والعشرون (حق عدم جواز ارتهان الإنسان):

- ‌المادة الثانية والعشرون (حق التعبير والحسبة والإعلام):

- ‌المادة الثالثة والعشرون (ضوابط الولاية العامة وحق الاشتراك في إدارة البلد وتقلد الوظائف العامة):

- ‌المادة الرابعة والعشرون (الشريعة ضابطة):

- ‌المادة الخامسة والعشرون (الشريعة مفسرة):

- ‌بيان المجمع الفقهي

- ‌دليل محتويات الكتاب

الفصل: ‌ التمويل الجزئي:

ولأنه حال الخسارة من رأس المال يتحملها المستثمرون في البنك ويتحمل البنك المضارب خسارة أرباح كانت متوقعة، فخسارة المستثمرين في محقق وهو رأس مالهم، وفي متوقع وهو الربح، وخسارة البنك المضارب في متوقع وهو الربح.

فوجب حينئذ غاية النظر، والدراسة للمشاريع وجدواها؛ لأن ذلك أدفع لمفسدة الضرر الفاحش على الأموال، ووجب ما لا يتم إلا بها استقلالا أو استكمالا، من رقابة، ومتابعة، وتقويم، ومحاسبة؛ ولأن الشرع إنما حجر على السفيه ومنع إعطاءه المال نظراً لعدم نظره المالي الراشد (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً) (النساء: 5).

فإذا تصرف البنك في مشروع بلا دراسة كافية للجدوى فهو محجور عليه الدخول فيها لغلبة المخاطرة.

ولأنه لم يتصرف تصرف المصلحة، وهو عين ما حجر على السفيه به.

-‌

‌ التمويل الجزئي:

وإن مول البنك جزءا من العملية وطالبُ التمويل جزءا، فالبنك مضارب بجزئه ويقسم الربح أولا بين المالين، فيأخذ المضارب نسبته من الربح الكلي بحسب ماله، وبقية الربح الخاصة بمال البنك يأخذ نسبته بحسب الاتفاق بينه وبين البنك. إذ العقد مع البنك على المضاربة بمال البنك ولا شأن للبنك بالمال الآخر ممن كان، سواء من المضارب طالب التمويل أو من غيره.

فلا يتعلق الوجوب الشرعي في الوفاء له إلا بالعقد في ماله بقدره.

وعقد المضاربة تحكمه أصول كبرى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)(البقرة: 275)، (إِلَاّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) (النساء: 29).

وخلوه من الموانع الخمسة التي استقرأناها بالحصر وهي: الربا المنصوص، والسلعة المحرمة بالنص، والميسر ومنه القمار والتغرير، واختلال الرضا، وترتب الضرر العام على العقد.

فما كان وفق هذه من المضاربات التجارية فهو صحيح، ومن ادعى شروطا، أو أركانا، أو موانع في الثمن والسلع، أو الصيغ، أو التوثيق، أو العاقدين خارجة عن هذه فقد جاء بما لا حجة له.

ص: 927

فاشتراط كون رأس المال نقدا لا عروضا لا دليل عليه سوى احتمال الغرر، والاحتمالات لا تبطل الأحكام؛ فإن غلب الغرر أو تيقن صح هذا الشرط، وتقدم ندرة وقوع هذا الآن في المعاملات الحديثة لدقة الضبط في سائر أمورها.

واشتراط كونه منقودا لا دينا خارجٌ عن الأدلة الشرعية السابقة إلا في صورة الدين غير الحال مع عدم الرضى بالتعجيل؛ فإن طلب المضاربة بالدين فوق طلب استيفائه، ولا يحق له استيفاؤه أصلا؛ لأنه مؤجل إلا إن رضي صاحب الدين بالتعجيل ودخلا معا في مضاربة بهذا المال جاز؛ لأن التعجيل جائز والتراضي على عقد المضاربة جائز.

فالمدين يأخذ قدر الدين من ماله للمضاربة فيه على الربح المتفق عليه في العقد.

فلا مانع لا شرعا، ولا عقلا، ولا عادة، لعموم (إِلَاّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) (النساء: 29).

وقد استقرأت حجة من منع فلم أجد لها نصا من كتاب ولا سنة، ولا معنى معقول صحيح تقصده الشريعة، وجميع الموانع الخمسة وما يدخل تحتها من الأدلة منعدمة هنا.

وأما اشتراط أن يكون رأس المال معلوما فعليه دليل؛ لأن عدم معلومية رأس المال تغرير فاحش، فهو من نوع المقامرة كبيع الملامسة والمنابذة.

فلا يصح العقد إلا بذكر مال معلوم.

أما الربح فشرطه المعلومية؛ فيحرم ويبطل العقد مع عدم معرفة نسبة الربح بينهما؛ لأنه ميسر ومقامرة، وهو محرم.

فيجب ذكر نسبة كل طرف وأن يكون شائعا في جميع المال المستثمر مضاربة وأن يكون نسبة لا بعدد؛ لأن الدفع بالعدد إجارة لا مضاربة.

ولأنه لو أعطي بقدر العمل إجارة لأمكن استغراق جميع الربح، وقد يستهلك أجرته من رأس المال فتحصل الخسارة لطرف، وهو خلاف مقصود العقد القائم على توزيع الربح بالنسبة.

ولا يصح ضمان الربح؛ لأنه حينئذ ضرر بالعامل في المضاربة وضرر فاحش وهو مدفوع؛ ولأنه حينئذ يجب عليه رد رأس المال؛ لأن الربح فرض عليه مضمون ولا ربح إلا بضمان رد رأس المال، وهذا هو الربا المحرم؛ لأنه مطابق حينئذ للدين بفائدة، وهذا مانع مبطل للعقد.

ص: 928

وإذا صُحِّح العقد بإبطال هذا الشرط؛ جاز وصح؛ لأن تصحيح العقود المالية بإزالة المانع يدل عليه قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)(البقرة: 278)، فأمر بترك ما بقي من الربا ولم يأمر بإبطال أصل المعاملة، بل قال (وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) (البقرة: 279)، فأبطل الله شرط الربا وأمر بأخذ رأس المال، وهذا يدل على عدم إبطال المعاملة كليا في صورة من باع ذهبا بذهب مع الزيادة في أحدهما، أو باع سلعة بثمن آجل بشرط الزيادة على الثمن في حال عدم الدفع عند حلول الدين. فأمر الله بالتوبة وأخذ رأس المال فقط وهو في الصورتين جار مع صحة الصفقة لإطلاق النص.

وما ذهبت إليه هنا وفي غير هذا الموضع من الاجتهاد القائم على المقاصد وقواعد الشريعة ودلالات نصوصها مع اعتبار واقع الحال الذي نعيشه في هذا القرن، قد لا يروق لناسك في التقليد هاجر للنظر الفقهي، وحسبي أني بفضل الله قد فتحت بابا فتحه الله علينا بهذا الكتاب، سيكون له ما بعده بحول الله وقوته من تجديد في الفقه خصوصا ولهذا الدين عموما.

والمضاربة تدخل في الأرض فلو دفع له مالا فاشترى به أرضا ليبيعها، أو بناها للبيع، أو للإيجار مدة معينة، أو دائمة ويديرها ولهما ربح ريعها، جاز كل ذلك.

وما ارتفع من سعرها وسعر عقارها فمنه رأس المال للمالك وما فوقه ربح بينهما.

فإن تراجع السعر فغطى رأس المال فهو للمالك، وإن لم يغط فهو خسارة عليه.

ويجوز أن يزرعها ويبيع محاصيلها ثم يقسمان الربح، ويجوز أن يؤجرها بيضاء أو للزرع أو للبناء.

والمضاربة عقد شراكة تجاري عام قائم على (إِلَاّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ)(النساء: 29)، فشمل هذه الصور وغيرها ما لم يرد مانع شرعي، والأصل عدمه.

ويجوز أن يستثمر بالمال في الثروات الخمس عشرة وهي: الجوية، والبرية، والبحرية، والمائية، والجغرافية، والمعدنية، والذهب، والفضة، والنفط، والغاز، والحيوانية، والنباتية، والزراعية، والصخرية، والخشبية.

ص: 929

ففي الجوية بالنقل والتصنيع والإيجار والتوكيلات والتخليص والخدمات والتفويج، ونحو ذلك.

وفي البرية بالإنشاءات والإعمار والنقل البري والتصنيع للوازم ذلك.

وفي البحرية بالنقل البحري والتأجير والتصنيع والصيد والتصدير والاستيراد.

والأحياء البحرية وثروات البحر المختلفة العشبية والنباتية والصخرية والمعدنية.

وفي المائية بالتنفيذ والتعليب والتعبئة والطاقة والري.

وفي الجغرافية بالسياحة والموانئ والمعابر والمضايق والمطارات والإنشاءات والإيجارات.

وفي المعدنية بالتنقيب والتصنيع والتنقية والتجارة والاستيراد والتصدير والبحث.

وفي الذهب تنقيبا وتصنيعا وسبكا وتشكيلا وبيعا وشراء وضربا وصياغة وصرافة.

وفي الفضة كذلك.

وفي النفط بحثا وتنقيبا وتنقية وبيعا وتصديرا واستيرادا.

وفي الغاز بحثا وتنقيبا وتعبئة وبيعا.

وفي الثروة الحيوانية رعاية وتنمية ومشتقاتها الحيوانية من الألبان والدهون والأثاث واللحوم والجماليات.

وفي الثروة النباتية من تشجير وزينة ومعالجة وأدوات تجميل وزينة وعطور وأدوية.

وفي الزراعية في الحبوب والبقوليات والخضروات والفواكه سلما وبيعا وشراء وزراعة.

والصخرية تشكيلاً وبناء ومشتقاتها الإسمنتية والرخامية وأدوات الرفاهية والزينة والحماية.

وفي الخشب قطعاً ونقلا وتشكيلا وغيرها.

أما المضاربات في الأصول الإنتاجية فمنها ما سبق، ومنها الآلات الاستثمارية الإنتاجية كالمصانع وآلات النقل، ويكون بشراء مصانع أو آلات إنتاجية لاستغلالها، أو استئجارها، أو إيجارها، أو بيعها.

أما في الاستهلاكيات الإنسانية من مأكل، ومشرب، وملبس، وآلات نقل، وترفيه، وزينة، وإلكترونيات، ونواتج النهضة؛ فتجري فيها عقود المضاربة بكل صيغ الاستثمار سلما

ص: 930

واستصناعا وإيجارا وشركة وغير ذلك.

أما المضاربة في الأموال من نوع الحقوق فالتعاقد جائز مع جهات علمية لإصدارات معينة، أو شراء حقوق تأليف وطباعته مع إعطاء نسبة من الربح معينة دائمة أو مؤقتة للمؤلف، أو إنتاج أفلام، أو مواد إعلامية، أو تسويق.

وفي الأموال من نوع المنافع والخدمات، فكافة الإيجارات، والعقود الوظيفية، والخدمات والصيانة، والتسويق، والتسهيلات، والحوالات، والإيداعات، والتأمين، وإدارة المرافق السياحية، والشركات، ونظم المحاسبات، وغير ذلك.

فهذه أنواع المال الخمسة وفروعها، وتجري فيها عقود المضاربة بصيغها المختلفة، من سلم، وبيع، وشراء، وصرافة، وتحويلات، وإجارات، وشركات، واستصناع، ومرابحات، وكل بالشروط الشرعية المدلل عليها.

ونفقات المضاربة تخصم من الأرباح من إيجارات وعمالة، ونقليات، وكل ما لزم لإنجاح المشروع التجاري مما هو معروف في السوق أو ثبت جدواه، ولو لم يكن معروفا؛ لأن الولاية على المال حينئذ ولاية نظر، فكل ما يضر بالمال يُدفَع، أو كان يضر بالأرباح أو يضر بالمضارب أو رب المال، فكله ضرر مدفوع.

وتحميل المضارب مصاريف نفسه اللازمة للعمل ضرر فاحش عليه، فينظر فيما يتعلق بالعمل حُمِل من مال المضاربة، وما ليس له تعلق بالعمل كمرضه وشراء أدوية له فلا علاقة له بذلك إلا إن كان بسبب المضاربة كسفر إلى بلد فيه ذلك الوباء.

أما مصاريفه الشخصية التي لا علاقة لها بالمضاربة فهي عليه.

وأما مصاريف عمل رب المال كبنك مثلا فإن كان له تعلق بهذه المضاربة جاز؛ لإطلاق النصوص، والأصل عدم المانع.

فإن خصم البنك نسبة معينة كمصاريف إدارية من رأس المال: فإن جرى بها عرف ولم تكن مجحفة جاز؛ لما قدمنا من إطلاقات وعموم النصوص والأصل عدم المانع، ولأن المعروف بين التجار كالمشروط؛ ولأنه مع عدم الإجحاف لا ضرر على طرف فصح؛ لعدم الضرر الفاحش؛ ولأن المصالح في التصحيح غالبة.

ص: 931

وإن شرط رب المال على المضارب أن الربح إذا كان كذا نحو عشرة بالمئة فهو لرب المال كله، وما زاد عن كذا فالزيادة للمضارب، فهذا شرط باطل؛ لأنه تغرير بالمضارب والتغرير الفاحش نوع من الميسر كبيع الملامسة والمنابذة.

والعقد باطل يمكن تصحيحه بإزالة الشرط المبطل، فإن مضى في المعاملة رجعنا فيها إلى مضاربة المثل يحكم به ذوا عدل وخبرة مختاران منهما؛ لأن الله أجاز الإرجاع إلى المثل بحكم عدلين في قوله (فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ) (المائدة: 95)، فدل على اعتبار المثلية ودل على أنها تكون بحكم عدلين من الخبراء والعقود الباطلة إن تعومل بها، فإن أمكن تصحيحها ابتداء أو في الأثناء صحت، أو في الانتهاء فكذلك؛ لأن الضرر مدفوع بقدر الإمكان.

ودفع الضرر عن المضارب العامل بتصحيح العقد بمثل أجره العادل، ودفع الضرر عن رب المال بتصحيح العقد بإزالة الشرط الفاسد المفسد، وإعطائه ربح المثل.

ودليل تصحيح العقود أنه في الربا لا يأخذ إلا رأس المال (وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ)(البقرة: 279).

فأسقط زيادة الربا الباطلة ولم يبطل عقد القرض بدفعه حالا بل إلى أجله؛ فإن كان حالَّا وهو معسر فإلى ميسرة؛ فدل على أن دفع الضرر عن الأطراف كلها بنظر مصلحي عادل أمر معتبر شرعا وقد تقدم بيان هذا.

وإن شُرِطَ احتياطي يؤخذ من رأس المال بضابط مضبوط: إما على العمل فتؤخذ عن كل صفقة من صافي ربحها نسبة منه لوضعه في صندوق كاحتياطي. أو على الزمن فتؤخذ كل ربع سنة مثلا أو شهر أو ما يتفقان عليه ولو رأس كل يوم، فينظر في رأس المال في الفترة وربحه الصافي مخصوما منه ما اتفق عليه من المصاريف والنثريات المتعلقة بالعمل، فيؤخذ من صافي الربح نسبة معينة كرصيد احتياطي لمواجهة الطوارئ، فهذا الشرط إن رضي به المضارب العامل فلا مانع؛ لأنها عملية تجارية ركنها التراضي (إِلَاّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) (النساء: 29).

ص: 932

فإن كان لحماية رأس المال جاز أيضا؛ لنفس العلة، ولأن سلامة رأس المال مقدم على الربح، إذ الربح فرع عنه فلا يقدم عليه، ولعدم الضرر على الطرفين في هذا الشرط.

ولأنه يخدم المصلحة التجارية من حيث الاستمرارية لضمان رب المال ما يسد خسارته؛ ولعموم (عَفَا اللَّهُ عَنْهَا)(المائدة: 101) في كل مسألة لم يحكم الله فيها بالحكم المعين، والأصل عدم المانع، فمن ادعاه فدعواه خلاف الأصل.

والاحتياطي ملك لرب المال والمضارب إن كان عن الربح في مضاربة بصفقات متعددة مستقلة كل عن الأخرى.

أما لو كانت مضبوطة بأجل كعام فما جرى من الصفقات المستقلة لا يظهر استحقاق المضارب فيه إلا آخر المدة، فإن سلم رأس المال فالاحتياطي من الربح بينهما، وإن لم يسلم وفَّى منه وما بقي فلهما.

وإن انسحب أحد المشاركين قبل نهاية المدة فليس له إلا حسابه إلى ذلك الوقت، وأما الاحتياطي فيجب فيه أحد أمرين: إما التبارؤ، أو الحساب بعد نهاية المدة.

وهذا ما تقتضيه المنصوصات الأصول الكليات كقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ)(النحل: 90)، وقوله تعالى (لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) (البقرة: 279).

وصناديق المضاربة الاستثمارية بأنواعها من العملات، أو السلع، أو الأسهم، أو العقار، أو الإيجار جائزة على ما يتفق عليه أطراف العقد.

وشَرْطٌ خلو عقدٍ من أحد الموانع الخمسة.

وهو في العملات صرف، وفي السلع تقليب تجاري، وفي الأسهم إما عامة، أو شركات بعينها بأنواع العمليات التجارية، وفي العقار بالإنشاءات، وفي الإيجار بكافة عمليات التأجير العقاري والنقلي أو الوظيفي أو العمالي أو الآلي.

ويجب أن يذكر في العقد كل ما جهالته توجب الضرر الفاحش أو التغرير او الخصومة؛ لأن دفع المفاسد واجب، وهذا منه.

ولأن التغرير محرم وهو من الميسر والقمار؛ فوجب دفعه بالبيان الرافع له في العقد؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

ص: 933

ويجوز دفع رأس مال المضاربة على أقساط؛ لأنها تجارة قائمة على التراضي، وهذا منه بشرط عدم الإضرار بالمضارب وإلا مُنِع.

وفي نسبة الربح يجوز جعله تصاعديا للعامل بحسب تصاعد الأرباح والمبيعات، وإذا شرط وجب الوفاء به؛ لأنه جزء من العقد المتراضى عليه فيشمله عموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة: 1).

وحرم ضمان ربح معلوم مقطوع عند العقد بالنسبة، كأن يقول العامل للممول المضارب: أضمن لك عشرة في المئة على رأس المال، لخروج هذا عن التجارة القائمة على الربح وإمكان الخسارة إلى عدم الخسارة ولو خسر المضارب، وهذا ضرر فاحش على المضارب، والعقود لا تتضمن الضرر.

ولأنه عند الخسارة يلزمه رد رأس المال وربحه المضمون، وهذا صورته قرض وفائدة عليه لا مضاربة على الربح والخسارة؛ فحرم.

إلا إن كان الضمان لبيان الجدوى وندرة الخسارة؛ فإن وقعت الخسارة حكم بها لا بالضمان، وهو حينئذ تحفيز لا تغرير؛ لأنه قائم على دراسة صحيحة معتبرة في السوق أو في مثلها، والطارئ المؤدي إلى الخسارة خارج عن التفريط، وإذا شرط ضمان هامش الربح، فالشرط باطل، فإن مضيا في العقد كان على مضاربة المثل.

لأن الرجوع إلى المثل عند التقويم معتبر شرعا (وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ)(المائدة: 95).

ويجوز التقدير بالعدل عند عدم المثل لاعتباره في الحكم شرعا كخيار (أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ)(المائدة: 95).

وربح الأرباح: إن كانت كل صفقة في المضاربة مستقلة عن الأخرى، فالأرباح ملكت بكمال الصفقة، فإن أضيفت على رأس المال الأصلي الذي دفعه طرف كانت رأس مال مشترك، فيملك المضارب من رأس المال ما وضعه من ربحه.

وتقسم الأرباح عند الانتهاء بأن يأخذ العامل جميع نسبة ربح ماله، ثم يأخذ نسبته من رب المال الأصلي مقابل عمله.

ص: 934

هذا وجه، أو على حسب ما يتفقان حال إضافة الربح على رأس المال وتحويلها إلى شركة أموال؛ فيجوز أن يقسم الربح نصفين ولو تفاوتت الأموال لعلة عمل العامل، أو كان التفاوت لعلة نحو كون الشراكة مع رب المال الأصلي يمنح القبول في السوق نظرا لشهرته. وجوزنا ذلك لإطلاق النصوص في الحل التجاري، ولعدم أحد الموانع الخمسة، ولعموم (عَفَا اللَّهُ عَنْهَا) (المائدة: 101) في كل مسألة غير منصوصة الحكم.

ولأن العلة التراضي في التجارات، وقد وجد؛ ولعدم وجود مفسدة على طرف، فمن ادعى المنع لزمه نقض إعمال هذه الأصول في المسألة بما ينقل عنها.

واشتراط تحمل العامل جزءا من الخسارة إن حصلت ضررٌ فاحش عليه؛ لأنه خسر من جهتين: الأولى عوض جهده المبذول في المضاربة، والثانية ضمان شيء من رأس المال لصاحبه يدفعه من ماله الخاص، وخسر رب المال من جهة واحدة هي من رأس ماله.

والضرر الفاحش يجب دفعه على من وقع عليه، وهو أحد الموانع الخمسة للعقود.

ولأنه لا ضرر ولا ضرار؛ ولأن الخسارة لم تكن بتفريط وتقصير فلا يضمن، كما لو حصل حريق عام.

وعندي وجه آخر في جواز المسألة إن جرى السوق التجاري على التعامل بها بالتراضي؛ لعموم النص التجاري بالتراضي بشرط عدم إجحاف الشرط الجزائي في تحمل شيء من الخسائر؛ لأن الإجحاف ظلم محرم ومفسدة ظاهرة كثيرة، فيعمل بقاعدة (لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ)، ولا ضرر ولا ضرار، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح (1) كعلاج للطوارئ عند التعامل التجاري لتخفيف الضرر على المتضرر، ولأنه صلى الله عليه وسلم طلب إسقاط شطر الدين المؤجل وأمر بعد الإسقاط بتعجيله (2).

فهذا الشرط المعتدل، أعني تضمين العامل، هو تعاون على تحمل النازلة، والتعاون محمود؛ ولعموم (هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلَاّ الإِحْسَانُ) (الرحمن: 60)، ولأن رب المال محسن والمضارب محسن في عمله فيتعاونان في دفع الضرر إحسانا.

(1) - أخرجه مسلم برقم 4063 عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح.

(2)

- تقدم الحديث وتخريجه.

ص: 935

ولعدم ما يمنع منه شرعا صراحة؛ فإن نُصَّ عليه في العقد مع عدم الموانع الشرعية واعتدال الشرط كان جزءا من العقد الواجب الوفاء (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(المائدة: 1)، ولعموم (عَفَا اللَّهُ عَنْهَا) (المائدة: 101) في كل مسألة لم ينص على حكمها في التحريم أو الإيجاب، خاصة في البنوك؛ لأنها كالوسيط الناظر على أموال المودعين بالمصلحة، وهذه منها.

فيشترط البنك على طالب التمويل الاستثماري بالمضاربة شرطا جزائيا بالعدل.

وإذا دفع عميلٌ كمبيالة لبنك ليدفع له ما فيها بلا زيادة ولا نقص، ويتولى البنك تحصيل الكمبيالة في أجلها مع عمولته للوكالة في السداد والتحصيل؛ جاز.

ولو عرض البنك على العميل أن يكون هذا المال رأس مال مضاربة بربح بينهما جاز، وتكون الكمبيالة كرهن في يد البنك.

فإن حصلت خسارة فهي بينهما. هذا الأصل، إذ ليس للبنك ضمان جميع رأس ماله بواسطة الكمبيالة وتحميل المضارب جميع الخسائر؛ لأن هذا ضرر فاحش يجب دفعه ويغلب عليه الاستغلال والحيلة.

والصحيح أن يجعل في المسألة عقدان: عقد مضاربة مستقل بتغطية ضمان الكمبيالة، وعقد كمبيالة مستقل يستوفى في حينه.

فالعقد الأول يعود رأس المال للبنك والربح بينهما؛ لأن هذا عرف المضاربة، ولزومه كالشرط «والعادة محكمة» ، (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ) (الطلاق: 6).

والعقد الآخر يتعلق بالكمبيالة، فإن كانت في نفس أجل عقد المضاربة أو قبلها أو بعدها دفعت كاملة لصاحبها وليس للبنك سوى العمولة.

وإنما تدفع كاملة لأنها حقيقة لم تدفع له أول مرة، بل دفع البنك له قرضا آخر كرأس مال مضاربة، ولا تعطى العين الواحدة حكمَ عينين متضادتين، فهي كرأس مال ملكٌ للبنك، وهي كدفع ما في الكمبيالة ملكٌ للمضارب، وهذا تناقض، ولا بد أن يدخل في معنى النهي عن بيعتين في بيعة لأدائهما إلى مقصود المعنى من التناقض في الأحكام والخصومة.

ويجوز تحويل رأس المضاربة دينا بالتراضي ولو قبل تمام مدة العقد، وتحسب الأرباح حين فسخ المضاربة ثم يجعل رأس مالها دينا محضا بلا فوائد.

ص: 936

ولا مانع من تحويل عملية المضاربة إلى مرابحة إن كان في جميع رأس المال؛ لأنه حيئنذ يتعين الربح إن كان موقوتا بهذه الصفقة؛ فإن كان بالزمن فلا يتبين إلا في نهاية المدة.

أما إن كان في بعض رأس المال فلا يعتبر مرابحة؛ لأنه لا يعلم الربح إلا ببيع كامل رأس المال وتَنْضِيْضِه -أي تحويله إلى نقد- إن كان العقد على هذه الصفقة فقط، فإن كان على مدة فلا يتبين إلا بعدها إلا إن فسخت المضاربة ووزع الربح المتبين بالتراضي.

عقد الإجارة الاستثماري:

هو عقد على المنافع، وسبق شيء منه.

وركنه عاقدان ومعقود عليه من المنفعة، وعوضها، والتراضي.

وما يجب في العاقدين من الأهلية: عقل، وبلوغ، ورشد؛ ليخرج المجنون والصبي والبالغ غير الراشد، لقوله تعالى (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) (النساء: 6).

فَشَرَط لدفع مال اليتيم بلوغاً ورشداً.

ومن الأهلية أهلية التصرف، وهي بثلاثة أمور: بملك، أو وكالة، أو نظر بولاية خاصة أو عامة.

فالأولى كناظر اليتيم أو الوقف، والثاني كالقاضي يبيع مال المفلس.

وأما المنفعة: فيشترط كونها معلومة يمكن استيفاؤها.

وفي العوض -وهو الأجرة- كذلك.

وشرط التراضي يخرج الإكراه لا الاضطرار؛ لأن هذا فعل مع كامل الإرادة بخلاف الإكراه الملجئ من آخر فترتفع معه حقيقة الإرادة والاختيار.

ويشترط في عقد الإجارة خلوه من الموانع الخمسة: الربا، والعقد على المحرم، والميسر وهو القمار والتغرير، أو عقد تضمن ضررا فاحشا، أو اختل فيه التراضي.

فأما الربا فيحرم تأجير عقار لبنك ربوي، أو تأجير موظفين له، أو استيراد لوازم خاصة به

ص: 937

بإجارة، أو الوظيفة فيه محاسبا، أو بيع نظام محاسبي له؛ لأنه في معنى النص «لعن الله الربا وموكله وآكله وشاهده وكاتباه» (1).

فموكل الربا هو البنك، وآكله الجهة المتعاملة بالربا، وكاتبه هم جهات التوثيق كافة في البنك من محاسبين ومراجعين ومدراء وصناديق وصرافة ونحوهم.

وأما بقية الأعمال والوظائف فيه فهي ممنوعة؛ لأنها تعاون على الإثم والعدوان على حدود الله القطعية.

والتأجير لهم من هذا الباب.

وعقود الصيانة: هي إصلاح لمحل المعصية، فحرمت، لأن الواجب في المعصية الإنكار باليد واللسان والقلب كما هو معلوم، وهذه نقضت هذا الأصل وغيره كقوله تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: 2)، وقوله (فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ) (القصص: 17).

ويحرم التقدم لمقاولة بناء منشأة البنك الربوي؛ لأنه محل معصية قطعية التحريم، وهي الربا.

وإذا تأخر المستأجر من سداد ما عليه، فلا يجوز فرض غرامات عليه؛ لأنه من الربا.

فإن كان معسرا أنظر (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ)(البقرة: 280).

وإن كان موسراً مماطلا، فلا مانع من عقوبةٍ للنص «مطل الغني ظلم يحل عرضه وعقوبته» (2).

واستئجار النقود من ذهب وفضة لغرض صحيح معتبر لا أرى فيه مانعا، أما للحلية فجائز.

واستئجار النقود الورقية الحالية لغرض صحيح نحو أخذ ورق عملات من جهة لعرضها للفرجة للهواة والسواح مثلا، فلا مانع إن جرى فيه نفع وربح، وليس من الربا؛ لأنه ليس بقرض ويردها له إذا انتهى العقد.

(1) - تقدم الحديث وتخريجه.

(2)

- تقدم تخريجه.

ص: 938

وتأجير محلات للصرافة جائز إلا إن تعاملت بالربا، وكذا لشركات التأمين.

وتأجير الأراضي للاستثمار الزراعي جائز، ويكون بنقد أو جزء مما يخرج منها شائعا معلوما إن كان مزارعة، ويضرب للإجارة في العقار والأراضي أجل معلوم؛ لأنها تجارة متعلقة بالزمن.

وعقود التأجير جائزة في كافة المجالات السياسية، والرسمية، والاقتصادية، والتعليمية، والاجتماعية، والصحية، والأمنية، والعسكرية، والفنية، والترفيهية، والدينية، وغيرها.

ففي المجال الرسمي يجوز تأجير الأراضي لاتخاذها مقرات لمؤسسات الدولة إلا مؤسسة الربا.

أو للسجون السياسية فيحرم تأجير عقار لها لغلبة الظلم.

والتأجير لمقرات الأحزاب والجماعات وكافة أنشطتها التابعة لها جائز إلا لحزب مفسد في الأرض يتخذ المقر للتآمر والتخريب والعمالة، وقد منع رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخول مسجد الضرار، وهو مسجد ظاهره العبادة وباطنه الضرار (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَاّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ* لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا) (التوبة: 107 - 108).

والتأجير للفعاليات السياسية والمؤتمرات عقارا أو أرضا أو مستلزمات إعلامية أو أثاث أو وسائل نقل وغيرها، هو جائز ما لم تكن للفساد في الأرض الظاهر، وكل الفعاليات والمظاهر السياسية مباحة على الأصل.

والتعامل معها حينئذ مباح بالإيجار وكافة العقود المالية إلا ما منع لمانع من الخمسة.

والتأجيرات المتعلقة بالمجال الديني الأصل جوازها، فيجوز تأجير مقر لتحفيظ القرآن، ولمسجد لضرورة لا على الدوام ككونهم مهاجرين في غير بلاد الإسلام.

أما في بلاد المسلمين فيحرم استئجار مسجد، بل يجب توفيره واتخاذه على المسلمين، ويجوز شراء أرضه، ثم وقفها.

والفارق أن الشراء ينقل فيه الملك بغرض جعله ملكا لله، بخلاف الإجارة فيبقى فيه الملك

ص: 939

لا لله، وهذا خلاف مقصود الشرع في المسجد (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) (الجن: 18)، فيجب أن تخرج عن الملك الخاص إلى الملك لله وقفا.

وتأجير المصحف للقراءة فيه محرمة؛ لأن الإجارة بيع منفعة بعوض مالي استثمارا والمنفعة هنا هي تمكينه من تلاوة كتاب الله من المصحف، وهي منفعة واجب بذلها بلا عوض؛ لأنها تعبدية لله محضة كالصلاة (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَاّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الشعراء: 109)، ولأنه ليس من تعظيم شعائر الله بل الامتهان فيه أقرب (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحج: 32).

أما بيع المصحف فجائز؛ لأن العقد على الورق والجلد والمداد والتكاليف.

وبخلاف تعليم القرآن وعلوم الشريعة فإن الإعطاء مقابل التفرغ، وهو جائز بدليل أن من مصارف المال العام جزءا مخصوصا لله وللرسول وجزءاً في سبيل الله، أما الأول (فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) (الأنفال: 41).

ولا معنى لها إلا شعائر الله وكتابه ومساجده وسنن نبيه.

وأما الثاني فمن مصارف الزكاة (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) وهو كل ما لا يقصد به المعاوضة إلا منه، كطباعة المصحف وتعليم الكتاب والسنة والدعوة والجهاد (وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) (التوبة: 41).

والجهاد هو بذل الجهد في كل ما هو لله ودينه وشريعته بالأموال والأنفس، ولذلك كان حرب الله ورسوله في حد الحرابة في النص (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة: 33) لا معنى له إلا محاربة دينه وشعائره ومساجده وكتابه وسنة نبيه.

والاستثمار في الجوانب الدينية جائز إلا ما عاد على مقصود الدين بالإبطال (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ)(البقرة: 198).

ص: 940

فالعمل التجاري في الحج جائز، فيجوز العمل في عقود توكيلات الحج والعمرة ونقل الحجاج وتفويجهم، وخدمتهم إيجارا، ومضاربة، وشركات، وبيعا، وشراء في مجال الإنشاءات، والمقاولات، والنقليات، والإسكان، والغذاء، والصحة.

وقولنا «إلا ما عاد على مقصود الدين بالإخلال أو بالإبطال» يدخل فيه النهي عن البيع والشراء في المسجد وتعليم الفرض القطعي العيني من قرآن وصلاة، ونحو ذلك.

وأما تأجير كتب العلم الشرعي فيرجع النظر فيه إلى: هل تعود على مقصود الشرع من نشر العلم وتعظيمه بالإبطال أو لا؟

وفي المجال الأمني والعسكري يجوز عقود نقل السلاح والمؤن والجنود والمساكن إلا في نقل محرم لهم كخمر ودعارة، أو كانوا جنودا لدولة كافرة محاربة، فيحرم التأجير لهم ونقلهم، هذا في داخل دولة الإسلام لأنهم ممنوعون من البقاء فيها كقوات مسلحة؛ لأنه في معنى الاحتلال، فيحرم التعاون معهم أو التأجير أو التوريد أو الترفيه أو النقل، لورود الأمر بعدم قبول المشركين المسلحين داخل الدولة، ونزلت في ذلك مطلع سورة براءة (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (التوبة: 5).

ولحديث «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» (1).

إلا لمواطن أصلي مسالم غير مسلم من أهل الكتاب، وتفرض عليه رسوم مواطنة باسم الجزية، أو أي اسم غيرها.

وهي رسوم مواطنة؛ لأن أهل الإسلام يدفعون الزكاة.

ولأن وجود قواعد عسكرية، أو قوات في العرف الدولي قديما وحديثا هو استضعاف للدولة، وانتقاص لسيادتها؛ ولأن الظهور على المسلمين محرم.

ولا يكون إلا بدخول بلادهم، إذ لا ظهور بغير ذلك إلا فيما ساواه من الضرر (كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ) (التوبة: 8).

(1) - تقدم تخريجه.

ص: 941

وهذا تعليل لمنع وجود مسلح بمعاهدة داخل الدولة، أما خارجها فـ (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة: 8).

وعقود نقل السلاح وتوريده لفتنة داخلية محرم.

وإبرام عقود الإجارة في المجال التعليمي باق على أصل الإباحة ومشمول بعموم النصوص ما لم يعد على الشرع بنقض أو إبطال كمراكز تعليم حرية الردة والعلاقات الجنسية المحرمة والفكر الضال المبني على سفك الدماء واستباحتها أو السحر والشعوذة ونحو ذلك.

وما عداه مما لا حرمة فيه جائز كتأجير المدارس، والمعاهد، والجامعات، والكليات، والوسائل التعليمية، وسائر عقود إنشائها وما يخدمها.

وتأجير العقار للأعمال الفنية والإعلامية جائز، لأن الأصل الإباحة إلا إن كان لعمل ماجن، أو لقناة أو جهة إعلامية تعمل على نشر الرذيلة أو محاربة الأمة ودينها.

والتأجير المنتهي بالتمليك جائز على كل وجه؛ لأنه تجارة وهي مباحة مطلقا (إِلَاّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ)(النساء: 29) إلا إن ورد مانع شرعي قطعي من الخمسة، ولا يوجد مانع في التأجير المنتهي بالتمليك من هذه الموانع.

وهو عقد تجاري جديد يقوم على خدمة المصالح.

وغلبة المصلحة للأطراف ظاهرٌ والتراضي موجود، والمفسدة نادرة أو منعدمة للطرفين؛ فما جاء من حرمها باستدلال معتبر، والمنع من ذلك استدلالا بكونها بيعتين في بيعة، وهو منهي عنه هو وهم؛ لأن مقصود بيعتين في بيعة هو دفع التغرير والجهالة؛ لأن البيعة الواحدة إذا ترددت بين بيعتين متناقضتين لا يدرى ما وجب منها؛ فيحرم.

كبعتك أحد بيوتي هذه، ثم يوجبان العقد، ولا يدرى على ماذا، أو بعتك هذا أو هذا ثم يعقدان على ذلك. أو إن دفعت عاجلا فبكذا، وإن أخرت إلى شهر كذا فكذا، ثم عقدا.

أما إن لم يكن جهالة أو تغرير فيجوز (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ)(القصص: 27) فالخيار في زيادة المدة رفع الغرر.

ص: 942

فالإجارة المنتهية بالتملك، إما أن ينص على أنه بمجرد انتهاء المدة فالسلعة ملك له، أو فيدفع مبلغ كذا ويملكها، فالشركة ملزمة ببيعها له إن أراد، ولا جهالة في شيء من هذه العقود إلا إن كان ملزما بشرائها بقيمتها زمانا ومكانا بلا تحديد لسعر حال العقد، فهذا تغرير فاحش، فيحرم.

وأما تخريجها على عقد جائز حتى تجوز فلا يلزمنا؛ لأن الأسماء والكيفيات ليست تعبدية لا يجوز غيرها.

بل إنما جازت لموافقها أصول التجارة والبيع الشرعية؛ وخلوها عن الموانع.

فأي عقد كان كذلك فهو شرعي.

ومع هذا يمكن أن نقول تنزلا: هو عقد بيع مقسط.

وأقساط الإجارة هي أقساط الثمن. هذا في صورة التمليك بمجرد الانتهاء.

والإجارة هي بيع في أصلها.

وإن كان بدفع مبلغ جديدٍ ليملكها رمزياً أو فعليا؛ فإن رضي بالعقد على هذا التركيب صح؛ لأنه إن كان رمزيا أو كان فعليا فهو عقد تابع، والتابع تابع ولا يستقل بالحكم.

وإن كان بالخيار له والإلزام للشركة فهو كذلك.

ولا يقال هو وعد وكيف يلزم؛ لأن الوعد بالشراء نوعان:

أ- إن كان بعقد فهو ملزم وخرج من مجرد الوعد إلى العقد بالوعد فشمله (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(المائدة: 1).

ب- أو كان بلا عقد لا ملفوظ، ولا عرفي، ولا مكتوب؛ فلا إلزام، ولا يعتبر مخلفا للوعد لخلوه عن مؤكدات تبين جديته فأصبح كاللغو، وقد وضع الله المؤاخذة عن يمين اللغو مع كونها أكثر من وعد غير مقصود على وجه الانعقاد، ويمكن تسميته وعد اللغو.

ويمكن صياغة قاعدة جديدة «الوعود تلزم بالعقود أو العهود» .

ولغو الوعد معروف في العرف، أو القرائن.

ولا يتخرج قول مالك في الوفاء بالوعد إذا ترتب عليه ضرر على الآخر على أي وعد، بل على ما إذا دل على كمال قصده فيه بعرف، أو قرينة، أو قصد عقد.

ص: 943

ولم يتنبه -فيما طالعت- باحثٌ على لزوم الوفاء بالوعد إذا كان في عقد؛ لعموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(المائدة: 1)، فالعقد أخرجه من مجرد الوعد، بل ذهلوا عن إيراد هذا النص هنا، وهو محله لأن الوعود التجارية تصاغ الآن في عقود، ولهذا كثر خلاف التخريج في هذه المسائل.

وتأجير الحقوق المالية كالعلامة التجارية أو الاسم التجاري أو الرخصة التجارية أو المهنية لا مانع في الشرع منه؛ لعموم (إِلَاّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ)(النساء: 29)، وهذه كذلك، ولعموم (عَفَا اللَّهُ عَنْهَا) (المائدة: 101) للمسائل غير المنصوص على حكمها في التحريم، ومن ادعى الحرمة فقد كلف عباد الله بلا دليل.

وأخذ مقابلٍ على الكفالة أو الضمان الأصل إباحته، والأصل عدم المانع، أما حديث «من شفع شفاعة فأخذ عوضا فهو سحت» فلا يصح، وتصحيح الألباني له ضعيف.

ولعموم (مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا)(النساء: 85) والنصيب لفظ واضح يشمل الأجر والأجرة، أو العوض أو الإكرام، ولو أراد الأجرة لقال «يكن له أجر» .

ثم لو سُلِّم فالكفالة والضمان ليست شفاعة، فهما خارجَ محل النزاع.

والاشتراك في شراء الخدمات هو من نوع الإجارة المباحة. هذا هو الأصل.

فدفع مشترك مقابل خدمات شركة طبية، أو خدمات طرق، أو خدمات صيانة مقابل ما يتفقان عليه من الخدمات والميزات كالفحص الدوري الصحي، أو الميكانيكي، أو إسعاف من تعطلت سيارته في مكان منقطع بالوصول إليه ونحو ذلك فهذا أصله الإباحة؛ لأنها أصبحت من عموم التجارات فشملت بعموم النص (إِلَاّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) (النساء: 29).

وأما عقود خدمات البنوك فالكلام على ما تبقى منها سيأتي بعد قليل.

وصيانة العين المستأجرة على المالك، وطروء عطل حال الإجارة يكون على المالك إلا بالتفريط الظاهر، أو ما جرى العرف والعادة التجارية على كونه على المستأجر بشرط عدم معارضة دليل ظاهر.

والأجير المشترك ضامن، وقد فصلنا هذا في الفقه الوظيفي.

ص: 944