الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيان المجمع الفقهي
بيان المجمع الفقهي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أن مجمع الفقه الإسلامي إيمانا منه بأن الباري جل وعلا هو الذي وهب للإنسان الكرامة التي هي أساس الحقوق والواجبات، واوجب على الإنسان حقوقا لربه وحقوقا لنفسه وحقوقا لأبناء جنسه وحقوقا لمكونات البيئة من حوله، وان نظرة متعمقة وشمولية ومحايدة للتشريع الإسلامي تجعل المرء يجزم بصلاحيته للمجتمع البشري، وانسجامه مع طبيعة الإنسان والكون، وهذا ما جعل الإسلام يسمى بدين الفطرة. كما يشهد لذلك قول الله تبارك وتعالى (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (الروم: 30).
وحقوق الإنسان في الإسلام هي عبارة عن المزايا الناشئة عن التكريم الإلهي الذي وهبه الله للإنسان، وألزم الجميع باحترامها طبقا للضوابط والشروط الشرعية.
وإيمانا بما أجمعت عليه أمة الإسلام من أن الشريعة الإسلاميّة صالحة لكل زمان ومكان، وإيمانا بحق الشعوب في الاحتفاظ بخصائصها الثقافية والدينية المميزة لها، وحق كل مجتمع وكل أمة في أن تحكم بالنظم والتشريعات التي ترتضيها لنفسها، وانطلاقا من كل ما تقدم فإن المجمع يؤكد على ما تضمنه إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام، والصادر عن وزراء خارجية الدول الإسلاميّة بتاريخ 14 محرم 1411 هـ الموافق 5 أغسطس 1990 م، وما صدر عن ندوة حقوق الإنسان التي عقدها مجمع الفقه الإسلامي الدولي في جدة بتاريخ 8 - 10 محرم 1417 هـ الموافق 25 - 27 مايو 1996 م.
وحيث أن الشعوب المسلمة التزمت نظم الإسلام وتشريعاته برغبة ذاتية لا لبس فيها في الأحوال الشخصية وشؤون المرأة والروابط الأسرية وغيرها من المجالات الاجتماعية
والاقتصادية وقد اتفق معها في كثير من جوانبها مع أهداف ومضمون الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948 م عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في مضمونه وأهدافه في بعض، وتختلف معه في بعض الجوانب التي تعود أساسا إلى مسألة الأخلاق ونظام المجتمع المستند إلى الدين الإسلامي. فإن المجمع يؤكد في هذا الخصوص على ما يلي:
أولاً: أن الشريعة الإسلاميّة قررت الأحكام التي تضمن حفظ مقاصدها في الخلق والتي من أهمها ما يعرف بالكليات الخمس، وبذلك ضمن الحقوق الأساس للإنسان في نفسه ودينه وماله وعرضه وعقله.
وقد عالجت الشريعة الإسلاميّة أنواع الانحرافات المختلفة باتخاذ إجراءات وقائية، وزجرية بقصد حماية المجتمع وإصلاح الانحراف، علماً بأن الإجراءات الردعية الزجرية موجودة ومعتمدة في كل تشريع وفي كل زمان ومكان.
ثانياً: أن ميثاق الأمم المتحدة ينص على حق كل دولة في بسط سيادتها في إطار رقعتها الجغرافية ومنع التدخل في شؤونها الداخلية.
ثالثاً:
أ- على المنظمات العالمية المهتمة بحقوق الإنسان على اختلاف مواثيقها ونظمها أن تمتنع عن التدخل في المجالات التي تحكمها الشريعة الإسلاميّة في حياة المسلمين، وليس من حقها إلزام المسلمين، وليس من حقها إلزام المسلمين بنظمها وقيمها التي تخالف شرائعهم وقيمهم، ولا يجوز أن تحاسبهم على مخالفتهم لقوانين لا يرتضونها ولا يحكمون بها.
ب- يؤكد المجمع على أن التشريعات الخاصة في الدول ذات السيادة لا تخضع للنظم والمواثيق الأجنبية عنها.
رابعاً: أن كثيرا من الهيئات والمؤتمرات العالمية قد أقرت صلاحية التشريع الإسلامي لحل مشكلات البشرية مما يحتم على عقلاء البشر أن يأخذوه بعين الاعتبار وان يفيدوا مما فيه.
خامساً: يدعو المجمع الدول والهيئات العالمية والإنسانية العمل على احترام حقوق الأقليات
المسلمة في مختلف بلاد العالم وإنصافها خاصة في هذا الوقت العصيب تحقيقا لمبدأ العدالة وإعطاء كل ذي حق حقه.
سادساً: يقرر المجمع إنشاء مركز لحقوق الإنسان تابع له وتتخذ الترتيبات اللازمة لإنشائه ووضع النظام الخاص به.
سابعاً: يعبر المجمع عن استعداده للتواصل مع رجال القانون والهيئات والمؤسسات العلمية والعالمية الرسمية والشعبية من كل الآفاق والاتجاهات لدراسة سبل التفاهم والتعاون في مجال حقوق الإنسان، بما يكفل الأمن والعدل والرخاء والحياة الكريمة، ويدرأ الفساد، ويقيم التعايش بين الناس وفقا للأسس التي سبق ذكرها.
وليكن شعارنا في ذلك قول الله تبارك وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(النحل: 90).
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أعلنه في حجة الوداع: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا» .
والحمد لله أولاً وآخرا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.