الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والواجب رد العدوان بالمثل (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)(البقرة: 194).
ويجوز العفو صلحا (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)(الشورى: 40).
وقلنا «العفو صلحا» : لدلالة الآية؛ فإن العفو عليه أجر، والصلح عليه أجرٌ، واجتماعهما كذلك.
فلا يصح في مثل هذه الحالة العفو ابتداء؛ لأن الدولة المعتدية على دولة النظر فيها ليس كالنظر في حق الفرد؛ لأن الولاية قائمة على النظر المصلحي العام، ولا مصلحة في مجرد العفو الصريح أو السكوت؛ لأنه امتهان لسيادة الدولة المعتدى عليها ويؤدي إلى الاستهانة بها وبشعبها.
فلا يجوز هنا العفو إلا إن كان صلحا تدخلت فيه أطراف تحكُم بتضمين المعتدي وعدم عوده إلى العدوان.
وهذا واجب كلي على سائر الدول والمنظمات العالمية؛ لأنه من منع الفساد في الأرض، وهو فرض على كل الإنسانية، ويأثم تاركه ولو كافرا بدليل (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ) (النحل: 88).
فعذبهم بكفرهم، وعذبهم بفسادهم في الأرض.
فدل على التكليف العام بالإصلاح في الأرض وعدم الفساد.
واختطاف الطائرات حده الحرابة وجزاء الفساد في الأرض (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)(المائدة: 33).
إلا طائرةً حربية للعدو المحارب في الحرب، لا مدنية؛ فيحرم ولو كانت للعدو.
النوع الثاني: الأجواء الوطنية
أما الأجواء الوطنية: فهي أجواء كل دولة تابعة لأراضيها.
والمرور بالطيران المدني يكون بإذن الدولة وتؤمنه لزوما؛ لأنه من الإصلاح في الأرض.
ورسومه مجانية في الأصل إلا ما تعارفت عليه الدول وتوافقت بما لا يضر بحركة الملاحة الجوية.
ولا يجوز لدولة التعنت بمنع أو عرقلة حركة الطيران المدني في أجوائها؛ لأنه بغي وعدوان وضرر، وهذه محرمات.
وأما الطيران الحربي؛ فإن كان للكافرين فلا يجوز دخوله أجواء الدولة المسلمة بأي وجه؛ لأنه لا معنى له سوى الهيمنة على دولة الإسلام وإرهابها وانتهاك سيادتها وإذلالها.
ولأنه لا يخلو الأمر حينئذ من أن يكون بإذنٍ أو لا.
أما إن كان من غير إذنٍ فواضح تحريمه قطعيا؛ لأنه لا معنى له سوى العدوان المسلح على الدولة، إلا إن كان خطأ واعْتُذِر منه، ومنع تكراره، فإن تكرر فهو عدوان لا يُقْبَل الاعتذار منه، ووجب ردعه.
فإن كان بإذن فهو محرم؛ لأن الإذن الصادر من الدولة ممنوع في هذا الباب؛ لأن ولايتها على الشعب ولاية نظر مصلحي عام، وليس هذا منه، بل هو ضرر غالب أو محض.
لذا لا يمكن لدولة قوية أن تأذن به تحت أي مبرر فضلا عن دول الهيمنة الكبرى، إذ هو مصنف في المخالفات الدستورية والسيادية والوطنية الكبرى، فدل على أن المنع مصلحة معتبرة مقررة في دولهم، وهي كذلك.
فيحرم على دولة الإسلام الإذن لطيران حربي للكافرين من دخول الأجواء تحت أي مبرر؛ لأنه من أعظم السبيل للكافرين عليهم، وهو محرم (وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (النساء: 141).
فإن كان الطيران الحربي للكافرين يخترق الأجواء للدولة المسلمة لضرب أهداف فيها تحت أي مسمى فيجب إسقاطه، أو إسقاط النظام الحاكم في الدولة المسلمة؛ لأنه عميل موال على أهل الإسلام، فصار منهم لا منا للنص (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) (المائدة: 51).
وبطلت طاعته؛ لأن شرطها أن يكون «منا» للنص (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)(النساء: 59).
وإن كان لضرب أهداف في دولة أخرى، وأذنت دولة الإسلام بذلك، فالإذن باطل كذلك.
فإن كان الضرب لدولة مسلمة أخرى؛ فخلع السلطة الحاكمة الآذنة فرضُ عينٍ على كل فرد