الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتخدش عدوا؛ فجعلها من معاني القوة، وهو فقه واقعي دقيق في عصره (1). وقوله تعالى (وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ) هو كناية عن القتال ومعسكراته الكثيرة؛ لأن العرب تقول بنو فلان كثيرو مرابط الخيل أي: مقاتلون.
وقوله تعالى (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) تعليل للإعداد وهو إحداث قوة ردع ترهب العدو من الاعتداء سواء كان العدو الظاهر وهو ما نعلمه أو الأعداء السريين الذين لا نعلمهم، الذين في قوله تعالى (وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ).
2 - أما النوع الثاني من الجهاد فهو: التعبئة
وهو المستنبط من قوله تعالى (وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ)، فهذا فرض للأمر به ومعلل بقوله تعالى (عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً) (النساء: 84)، فالتحريض والتعبئة على قتال العدو يكف بأسهم ويوقف أطماعهم.
وهو شامل لنوعين من التعبئة:
1) التعبئة المنهجية العامة.
2) التعبئة الخاصة.
أما الأولى فهي في إشاعة أحكام الجهاد الشامل للناس وجعله ضمن المناهج التعليمية الدراسية من المستويات الوسطى؛ لأنه منهج منزل منصوص في القرآن بكثرةٍ واسعة مقصودة لتعليم أهل الإسلام.
فتعليمه مقصد رباني، ولا يقال ليس كل مذكور بكثرة في القرآن واجباً تعليمه كقصة فرعون مثلا.
فالجواب: كل ما ذكر في القرآن تعليما لأهل الإسلام؛ فواجب عليهم أن يعلموه بحسبه، ولكل عصر وسائله، وسواء كان تعليما لأهل الإسلام للاعتقاد أو العمل فهو لازم تعلمه وتعليمه بحسبه زمانا ومكانا وأشخاصا.
(1) - قولنا «ولكل عصر قوة
…
» الأثر الذي ذكرناه عن عمر في ابن أبي شيبة برقم 19797 عن أبي بكر بن عبدالله، عن أشياخه، قال: قال عمر: وفروا الأظفار في أرض العدو فإنها سلاح.
وقولنا «للاعتقاد» ليشمل العقائد والإيمان.
وقولنا «العمل» يشمل كل ما يقصد من العمل فرضا أو تطوعا.
وقصة موسى مع فرعون فيها من الاعتقاد والعمل ما هو لازم لنا في شريعتنا، فتعليمها في المناهج الدراسية مطلوب موافق لمقاصد القرآن المنزل.
ولا يجوز حذف آيات الجهاد من المناهج الدراسية، ومن فعل ذلك فهو منافق، أو جاهل عَمِلَ عَمَلَ أهل النفاق؛ لأن الله ذكر عنهم كرههم لنزول آيات الجهاد فمنهم من ينصرف أو يستأذن كذبا، أو يقول هي لا تزيد في الإيمان فلا فائدة فيها (أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا) (التوبة: 124)، ومنهم من يقول: دفعا لعملية السلام فلتحذف هذه الآيات من المناهج. وكل هذا من النفاق؛ لأنه فرض؛ وآيات السلام فرض؛ وبيان ما أنزل واجب؛ وإخفاء بعضه وإظهار بعض هوى عمله أهل الكتاب يهودا ونصارى فلعنهم الله وذم فعلهم.
ومن التبعئة القتالية الداخلة في عموم النص (حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ)، إصدار الأفلام الوثائقية والتاريخية وإنزالها على شاشات العرض بأنواعها وعلى الشبكات الإلكترونية، ومن ذلك دعم المقاومة المجاهدة بالمال والخطاب السياسي والإعلامي، وبالكتابة والشعر، وإنشاء المنظمات والهيئات والحركات الداعمة.
وكل وسيلة ترفع معنويات الأمة، وتحيي قضاياها العامة وتدفع عدوها عن بلادها فهي داخلة تحت عموم الأمر بالتعبئة.
أما التعبئة الخاصة فيدخل فيها دخولا أوليا القوات المسلحة والأمن، سواء في المعسكرات، أو الكليات العسكرية والثكنات في مختلف البلاد، وهذا واجب على قيادة الجيش.
ولا بد من تخصيص جهة لذلك كالتوجيه المعنوي تعبئ وتنشر بمختلف الوسائل الإعلامية المتاحة، وقد جاء في الحديث الصحيح «لصوت أبي طلحة في الجيش خير من ألف» (1)، فهذا يدل على حث الشرع على التوجيه والإلهاب ورفع المعنويات في الجيش بتوظيف الوسائل كذلك الصوت وغيره.
(1) - تقدم تخريجه.