الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا التكليف في النص هو حال اللقاء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ* وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)(الأنفال: 45 - 46).
وأما ركن الطاعة أعني طاعة الله ورسوله فللأمر به حال اللقاء (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ)، وهذا يفيد الوجوب الخاص، ويرفعه إلى كونه من أركان الجهاد في سبيل الله أنه إذا فقد بطل الجهاد؛ لأن المقاتلين إذا كانوا عصاة لله ورسوله في أمهات التكليف؛ فجهادهم ليس في سبيل الله، ولو ادعوا؛ لأن الدعوى إذا خالفتها الظواهر فهي باطلة.
فدعوى أنهم في سبيل الله مع اعتدائهم على حدود الله وشربهم الخمر، وقطعهم الصلاة، وارتكابهم الفواحش، نفاق.
واجبات القتال في سبيل الله:
وأما واجبات القتال: فَذِكْرُ الله تعالى كثيرا للنص (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ)(الأنفال: 45).
والإكثار منه مقصود بالنص، فلا يجزئ الذكر بقلة.
والأمر دليل الوجوب، وتعليله بالفلاح دليل على عظيم إيجابه.
ويحرم السماح للمنافقين بالخروج في سبيل الله.
ويجب منع مخذل ومرجف وعميل؛ لأنهم منافقون (فَإِن رَّجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ)(التوبة: 83).
(لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَاّ خَبَالاً ولأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)(التوبة: 47).
ومن ذكر الله في القتال الدعاء نحو (وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَاّ أَن قَالُوا ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)(آل عمران: 147).
ويجب التحريض على القتال والتعبئة ورفع المعنويات والتبشير (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُوا
أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَاّ يَفْقَهُونَ) (الأنفال: 65).
والتعبئة المعنوية على القتال تحريضا، وتبشيرا، وترهيبا من التخاذل، مقصودة في النصوص.
فمن أبلغ ما ورد في ذلك:
(وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ)(التوبة: 12).
(أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ)(التوبة: 13).
فعلل لهم أسباب القتال بنكثهم للعهود وطعنهم في الدين وذكرهم بأبشع غدرهم واستهدافهم قيادتهم (وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ).
وهو تنبيه على السوابق الإجرامية بحيث يندفع الشك في احتمال حسن النوايا واحتمال أن الواقعة الحالية كانت فلتة وخطأ.
وسبَّب لهم بأسباب تزيل ذرائع البعض بعدم العدوان (وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ)(التوبة: 13).
وبعد استقصاء السوابق والعلل عيَّرهم بما لا يرضى أحد أن يوصف به عادة، وهو الذل والخوف والجبن رغم عدالة قضيتهم، وإمكان انتصارهم لو أعدوا (أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ) (التوبة: 13).
ثم بشرهم بحسم المعركة ونتائجها (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ)(التوبة: 14).
ثم بين لهم أن هذا الأمر أصبح واقعا لا خيار فيه، وليس طارئا بل هو الواقع الذي لا مفر منه ولا مناص كسنة لابتلاء المؤمنين (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (التوبة: 16).
ثم بين لهم أن الجهاد في سبيل الله أعظم من عمارة المسجد الحرام وخدمته، ثم بين لهم الخيار