الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفقيه والباحث الاقتصادي، إن وجدها في العقد فسدت المعاملة وإن لم يجدها صحت (1).
فالإجارة هي بيع المنافع
.
والمنافع هي مقصود الأموال، وارتفاعها يرفع القيم والأسعار، وعكسه عكسه، وذهابها ذهاب لقيمة المال وقد يخرجه عن التمول حينئذ (2).
وإذا انفردت عن المال صارت مالاً مستقلاً وقومت به كمنفعة الإنسان؛ إذ هو بعينه ليس بمال ومنفعته مال.
فالمنفعة قد تنتج من غير مُتَمَوَّل.
وعقد الإجارة يقع على منافع الإنسان، أو الحيوان، أو الأرض، أو العقار، أو الأعيان المالية سوى هذه.
فهذه خمسة أنواع:
فالإجارة على منافع الأشخاص هي العقد الوظيفي الثابت، والتعاقدي على مدة وعمل فيها بوظيفة، أو إجارة معينة على عمل معين، أو إجارة معينة في زمن معين.
فالأولى هي الدرجات الوظيفية الحكومية وما يلحق بها من الوظائف الأهلية، وقد تقدم في «الفقه الوظيفي» .
والثانية الوظائف التعاقدية وهي شائعة وأحكامها كسابقتها.
والثالثة والرابعة هي الإجارات المشتركة، وهو ما يسمى بالأجير المشترك، والإجارات الخاصة، وهو الأجير الخاص.
وما سبق في «الفقه الوظيفي» يغني عن إعادته هنا.
وعقد التوكيلات:
عبارة عن تعاقد بين طرفين: الأصيل والوكيل على بيع منتج الأصيل والدعاية له وضمان صيانته، وقطع غياره ويُضْربُ لذلك أجل.
وفيها نوع مضاربة؛ لأنه دفع مال لبيعه بنسبة في الربح، وفيه نوع إجارة؛ لأنه يبيع مال
(1) - وقد حصرناها بفضل الله في خمسة أمور جامعة لكل نصوص الشرع من الكتاب والسنة.
(2)
- قولنا «حينئذ» قيد، أي يخرج عن التمول حال ذهاب قيمته؛ فإذا عادت عاد.
غيره بأجر مقطوع، أو نسبة.
وقد تكون التوكيلات في معنى لا في سلعة، كشركات النقل والسفريات والسياحة؛ فإنها توكيلات على منفعة معنوية مستفادة للعميل مقابل عوض على الوكالة.
وقد تجتمع هذه المعاني جميعا في عقد واحد كبعض شركات التوكيلات التي تجمع بين الوكالة في منتج معين وبين المنافع والخدمات والإجارات، وقد لا يكون ذلك، وهو أمر راجع إلى منصوص العقد.
ولا يمكن تخريج هذه العقود على أحكام الإجارات، أو المضاربات، أو الوكالة المفردة المنصوصة في كتب الفقه، ومن رام ذلك تكلف، والتكلف مذموم (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) (ص: 86).
ولأن الشريعة سهلة يسيرة: تطبيقا، وفهما، وعملا، وتفقها.
وتعسير تصور مسائلها خروج عن سننها.
وكل من تكلف في تخريجٍ أو تشبيهٍ بما سبق فالخطأ صنوه.
فمسمى هذه العقود هو ما جرى عليه السوق والعادة من الأسماء؛ لأن الشرع لم يسم العقودَ وإنما بيَّن ما يصح منها، وما لا يصح.
ولم يثبت في نص أنه غيَّر اسما لعقد مع جريان هذا في أسماء الأشخاص والأماكن (1).
فدل على أن الأسماء تؤخذ من التعامل الجمهوري العام بين الناس، ولا يحتاج الفقيه إلا إلى معرفة حقيقة المسمى لينظر في موافقته للشرع ويعطيه حكمه.
وجميع تسميات عقود العصر تبقى على ما هي عليه في السوق، وعمل الفقيه بيان حكمها من النصوص لا من العقود القديمة ولا تغيير اسمها لتكون عقد قرض أو سلم أو صرف أو غيره.
فهذه قاعدة هامة أدى الغفول عنها إلى كثير من التعب والإرهاق لبحَّاثة ومتفقهةٍ وفقهاء.
وعقد الوكالات هو عقد مباح في الأصل؛ لعموم (إِلَاّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ)(النساء: 29).
(1) - قولنا «جريان هذا» أي التغيير في الأسماء، فقد ثبت تغيير أسماء أماكن مثل يثرب إلى طيبة، وثبت تغيير أسماء أشخاص كذلك، بخلاف أسماء العقود التجارية فلم يتعرض الشرع لتغييره.